اقتصادا الجزائر والمغرب: اختلاف في مصادر الدخل ينعكس على الأداء

الانتقال من المركزية المالية إلى المناطقية
الصباح الجديد ـ وكالات:
لا ينظر صندوق النقد الدولي إلى مستقبل اقتصادات المغرب والجزائر بالطريقة ذاتها، والقدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية المالية والاجتماعية المقبلة، برغم اختلاف مصادر الدخل في البلدين وتعارض سياسيتهما الإقليمية حول أكثر من قضية في المنطقة، وذلك بحسب خلاصة تقريرين منفصلين صدرا في واشنطن، في إطار المراجعة السنوية تحت البند الرابع.
وفي وقت توقع صندوق النقد «تحسن أداء الاقتصاد المغربي ليتخطى النمو 4 في المئة مع خفض متواصل في عجز الموازنة والمديونية وحساب المدفوعات الخارجية خلال السنوات المقبلة، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 150 مليار دولار عام 2022، لفت إلى أن «السياسات الجديدة المعتمدة في الجزائر قد تفاقم الاختلال وتزيد الضغوط التضخمية، وتسرع خسارة احتياطات النقد الأجنبي»، ولذلك «ربما لا تصبح البيئة الاقتصادية مساعدة للإصلاحات وتنمية القطاع الخاص».
وأشار تقرير أنجزه فريق صندوق النقد الدولي في الجزائر، إلى أنها «تواجه تحديات مهمة يفرضها هبوط أسعار النفط منذ 4 سنوات، تباطأ خلالها النمو وزادت الصعوبات المالية بتدني المخزون النقدي إلى 96 مليار دولار نهاية العام الماضي، استخدمت في تمويل عجز الميزان التجاري بعد تراجع عائدات النفط، ما اضطر البلد إلى تشديد القيود على الاستيراد لوقف نزيف العملات الصعبة».
وأكد الصندوق أن «الهدف المزدوج المتمثل بتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والعمل على بلوغ نمو أكثر استدامة واحتواء كل شرائح المجتمع باعتماد سياسات قصيرة المدى، ينطوي على أخطار ويعوّق التوصل إلى هذه الأهداف، ويوصي إلى فريق عمل الحكومة بضبط الأوضاع المالية العامة لتعديل مستوى الإنفاق, بما يتلاءم مع انخفاض مستوى الإيرادات بوتيرة متدرجة، من دون اللجوء إلى التمويل النقدي من البنك المركزي».
وعدّ صندوق النقد الدولي أن المغرب «تمكن من تحسين وضع عجز الحسابات الكلية وخفضه إلى 3 في المئة خلال هذه السنة».
ويُتوقع أن يصل إلى 2.5 في المئة إلى جانب خفض المديونية إلى 60 في المئة والتضخم إلى نحو 2 في المئة، مقارنة بـ1.3 في المئة حالياً. وبعدما بلغ النمو 4.4 في المئة العام الماضي، فهو مرشح أن يستقر بفضل مساهمة القطاع الزراعي واستمرار تحسن صادرات السيارات والطائرات والفوسفات، وارتفاع عائدات السياحة والتحويلات، ما يعوض النقص في المساعدات من دول الخليج والمقدرة بـ5 مليارات دولار منذ العام 2012. لكنها تأثرت بتراجع أسعار النفط في السنوات الماضية.
وتوقع الصندوق أن يواصل الاقتصاد المغربي تطوره في السنوات المقبلة، ويخفض عجز الحسابات الخارجية من 3.7 إلى 3 في المئة على المدى المتوسط، بدعم من الصادرات الصناعية التي أصبحت تشكل قاطرة الاقتصاد المغربي.
ونصح الصندوق باستغلال الفرص المتاحة لإقرار إصلاح جديد في مجال تحرير سعر صرف الدرهم، وهو الإجراء الثاني المحتمل لرفع نسبة التعويم الذي كان حدد عند 2.5 في المئة فقط، عند إطلاقه مطلع العام الحالي. ولا يستبعد أن ترفع السلطات المالية والنقدية سعر الصرف إلى 5 في المئة، بعدما تبين صمود الدرهم الذي ازداد لأسبوع الماضي أمام اليورو وتراجع أمام الدولار.
وبهذه الإصلاحات المطلوبة، رجح صندوق النقد أن «يزيد الاقتصاد المغربي نحو 25 مليار دولار بين عامي 2018 و2022 وينتقل من 125 مليار دولار إلى 150 ملياراً، وقد يتفوق على الاقتصاد الجزائري حجماً ودخلاً للمرة الأولى، وقد يرتفع احتياط النقد من 28 مليار دولار إلى أكثر من 39 ملياراً.
وينصح بمعالجة الاختلالات الاجتماعية في مجال التوظيف، إذ ارتفعت بطالة الشباب من 10.4 إلى 10.6 في المئة نهاية العام الماضي، وهي تطال ثلث سكان المدن الشباب الحاصلين على شهادات جامعية.
وتشمل الإصلاحات تقليص الفوارق بين الأفراد والمناطق لأنها الأكبر في شمال أفريقيا، وإقرار الحوكمة التدبيرية، والانتقال من المركزية المالية إلى المناطقية وتحسين دخل الفقراء عبر دعمهم مباشرة بدلاً من دعم الأسعار.
ويتمتع المغرب أيضاً بقطاع زراعي هو الأكبر في المنطقة العربية والأفريقية، ويغطي معظم الحاجات الغذائية المحلية، ويُؤمن دخلاً مالياً من أسواق كبيرة تمتد من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا والشرق الأوسط وأفريقيا والولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة