لا ذنب لهم ، سوى ان الله وهبهم كرموسوما اضافيا ، مما تسبب في إحداث تغيرات خَلقية تبدو واضحة في مُحيّا وجوههم ، أؤلئك هم المصابون ب(متلازمة داون) او كما يُطلق عليهم العراقيون بقسوة (المنغوليين) ، بل تصل القسوة بالبعض الى وصف كل ماهو قبيح او سيء ب(المنغولي) ، متناسين ان هؤلاء (المنغوليين) انما هم بشر مثلنا يحملون ما نحمل من المشاعر والأحاسيس ، بل اكاد اجزم انهم يحملون احساسا مرهفاً بالجمال يفوق ما نحمله نحن .. وتكتنفهم ارواح مملوءة بالمحبة للآخرين ، ولكن – للأسف – ان الاخرين هؤلاء يتعاملون مع شريحة «متلازمة داون» بسخرية وقسوة مفرطة ..والغريب في الامر ان البعض منا اذا شاهد شخصا ممن حصلوا على كروموسوم زائد فانه يطلق لألفاظه السيئة وحركاته البهلوانية العنان ساخراً من هذا الانسان من دون ان يعلم انه يسخر من نفسه ، فهذا الانسان لم يكن سببا فيما هو عليه من الحال ، بل هي ارادة الله الذي اراد له ان يكون كذلك ، ربما ليختبر عقولنا وكيف سنتعامل مع بشر مثلنا خُلقوا كما خُلقنا ، وهم ليسوا محتاجين الينا ، ولكن علينا ان نعاملهم كما نريد ان نُعامل من قبل الاخرين ،حتى ولو بنزر يسير من الاحترام والعاطفة ، وعند ذاك سنجدهم اسوياء لديهم قدرة فائقة على العطاء ، الى الدرجة التي يتميزون فيها بأداء اعمالهم ومهامهم فيتفوقون على اؤلئك الذين يسخرون منهم ، .. وهناك امثلة كبيرة تؤكد قدرتهم على التفوق والنبوغ احيانا فكان من بينهم من نبغ في الموسيقى واخر في النجارة وثالث في الرياضة ورابع في الهندسة وخامس في التقنيات الالكترونية .. الخ .. ومعنى هذا ، انهم ليسوا متخلفين كما يعتقد البعض ويسعى للسخرية منهم ، انما هم مختلفون عن الاخرين ، وهذا الاختلاف ليس منقصة او مثلبة ، انما هي طبيعة البشر ، فهناك الابيض وهناك الاسود والأصفر والطويل والقصير والسمين والنحيف .. وهنا ينبغي علينا ان نعامل هؤلاء البشر الطيبين بإنسانية كما يعاملهم العالم في الدول الاخرى ، التي تسعى الى توفير كل متطلبات الحياة لهم من اجل تمكينهم وإدماجهم في المجتمعات ليكونوا اعضاء نافعين يعتمدون على انفسهم في توفير متطلبات حياتهم ، فهم ليسوا معوقين ولا عاجزين ، انما يحتاجون الى تمكين فقط ..,ومن هنا خصص العالم يوما دوليا للاحتفاء بشريحة «متلازمة داون» بوصفهم مختلفين لا متخلفين ، وحدد هذا اليوم في 21 اذار من كل عام متزامنا مع عيد الام وعيد الشجرة وعيد الربيع وأعياد اخرى كلها ترمز إلى العطاء والمحبة .. وبهذه المناسبة انتشرت الكثير من « الهاشتاكات» الجميلة في مواقع التواصل الاجتماعي التي يتحدث اصحابها عن سوية شريحة «متلازمة داون» ، ووصفت بعض هذه «الهاشتاكات» هذا الاختلاف بالطبيعي بين ابناء البشر ،ربما يشبه الاختلاف بين الجوارب ذات الالوان المتعددة ولكنها تبقى في نهاية المطاف جوارب تفي بالغرض ويمكن ارتداؤها من دون حرج حتى وان كانت متباينة في الوانها ، وبإمكاننا ان نجرب لبس جورابين بلونين مختلفين في هذا اليوم ، لنتأكد من ان الاحساس واحد شريطة ان لا نفكر بأنماط التفكير السائدة لدى الاخرين وكثير من هذه الانماط سلبي بطبيعة الحال .. ، وعلينا ايضا دعوة المؤسسات الحكومية المعنية الى تقديم المزيد من الخدمات لشريحة «متلازمة داون» ، لان المعاهد والمدارس الخاصة بهؤلاء مازالت تفتقر للكثير من الخدمات والمستلزمات ، وهنا اتحدث عن الجانب الحكومي في الموضوع ، اما مدارس ومعاهد القطاع الخاص فهي جيدة الى حد ما ولكن كلفتها مرتفعة جدا ليس بإمكان الاسر الفقيرة تسجيل ابنائها الذين لديهم كروموسوم زائد فيها ..
انها دعوة لاحتضان ورعاية بشر مثلنا يمكننا ان نجعل منهم اعضاء نافعين في المجتمع . فهم ابناؤنا وإخواننا ، وعلينا ان لا نشعر بالحرج من وجودهم معنا ، بل يجب ان نواجه ضعاف النفوس الذين ينظرون لهؤلاء الطيبين نظرة سلبية ،..اليس كذلك
عبدالزهرة محمد الهنداوي
هؤلاء .. مختلفون .. لا متخلفّون !
التعليقات مغلقة