27 عاماً على ثورة شعب كردستان ضد الدكتاتورية
السليمانية–ـ عباس كاريزي:
في الذكرى 27 لانتفاضة شعب كردستان ضد النظام الدكتاتوري المنحل، عبّر مواطنون من مدينة رانية أو بوابة الانتفاضة كما يطلق عليها عن أسفهم، من إخفاق شعب كردستان في ظل قيادته السياسية الحاكمة من تحقيق الأهداف النبيلة التي رفعتها الثورة، بعد 26 عاماً على تحرير مدن ومحافظات كردستان وتأسيس برلمان وحكومة الإقليم.
مواطنون من مدينة رانية استطلعت الصباح الجديد أراءهم على هامش مراسم الذكرى 27 لانتفاضة شعب كردستان، قالوا انهم لم يتصورا ان يأتي عليهم يوم يعضون فيه اصابع الندم على النتائج السلبية التي تمخضت عنها الانتفاضة ضد نظام صدام الدكتاتوري في الخامس من اذار عام 1991.
الناشط المدني محمد بيستون وهو من ابناء مدينة رانية التي اندلعت فيها الشرارة الاولى لانتفاضة شعب كردستان ضد النظام الدكتاتوري قال للصباح الجديد، «ان الفساد المستشري والهيمنة الحزبية والحكم العائلي والتجاوز الحاصل على مقدرات شعب كردستان من قبل المسؤولين، لن يستمر، ليعلم رئيس حكومة الاقليم جيدا بان مدينة رانية التي انتفضت بوجه النظام الدكتاتوري السابق لن تقبل من حكومة الاقليم والمسؤولين استمرار الفساد والسرقة لقوت الشعب.
وكانت الشرارة الاولى لانتفاضة شعب كردستان قد اندلعت في قضاء رانية (130) كم شمال شرقي مدينة السليمانية، حيث تمكنت مجموعة من التنظيمات السرية للاتحاد الوطني، عقب مواجهات مسلحة مع ازلام النظام المباد، من السيطرة على الدوائر والمقار الحزبية والامنية للنظام البعثي، لتتجه بعدها شرارة الانتفاضة في 7/3/1991 الى محافظة السليمانية واربيل ودهوك، وتمكنت قوات البيشمركة خلال مدة وجيزة من تحرير محافظات كردستان والاقضية والنواحي التابعة لها كافة، لتبقى مدينة كركوك التي تمكنت مفارز البيشمركة من تحريرها في 20 من شهر اذار من العام ذاته.
وبعد 26 عاما على انتفاضة شعب كردستان وتأسيس حكومة وبرلمان الاقليم، اللذان تشكلا من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني والحزب الديمقراطي برئاسة مسعود بارزاني مناصفة، عقب الانتخابات التي شهدتها كردستان عام 1992، مازال اقليم كردستان يعاني من العديد من الازمات الاقتصادية والسياسية، في ظل تراكم مشكلاته مع الحكومة الاتحادية، التي مازال القسم الاكبر والاعقد منها عالقا يبحث عن حلول جذرية، والية للتوافق على الدستور وبنوده.
ويضيف محمد بيستون، انه وبعد 26 عاما على الانتفاضة الشعبية فان العوامل والمقومات والسخط الشعبي الذي دفع بالمواطنين في كردستان الى الثورة، يتجدد وتنامت معه الاعتراضات على نهج وسياسة الاحزاب الحاكمة التي تجاوزت على جميع القيم والقوانين، واستولت من دون وجه حق على ثروات الاقليم وبددتها واهدرت معها فرصة تأريخية لبناء اقليم ومجتمع قوي يحظى في ظله المواطنون بحقوقهم بالرفاهية والعيش الكريم.
بدوره قال ازاد سعيد وهو احد الذين شاركوا في الانتفاضة عام 1991 بمدينة رانية، ان المسؤولين في الاقليم استهانوا بالتضحيات التي قدمها شعب كردستان للتخلص من الحكم الدكتاتوري السابق، وتسلقوا على اكتاف الشعب لتحقيق غاياتهم والاثراء على حساب المصلحة العامة.
ويضيف سعيد «اننا وبعد 27 عاماً على الانتفاضة نشهد وجود فارق شاسع بين المسؤولين في الاقليم والمواطنين»، واردف «هم الان فاحشوا الثراء يعيشون في فلل وبيوت فارهة ويمتلكون ارصدة في البنوك اجنبية، و لهم ارتال من السيارات والخدم والحشم وجيشا جرار من الحمايات، بينما نحن وعائلات شهداء الانتفاضة لا نمتلك حق العيش الكريم، تقطع رواتبنا ولا يحصل اولادنا على تعليم جيد»، ويتابع «فاين هي القيم النبيلة التي انتفضنا من اجلها، واين ذهبت كل تلك الشعارات التي رفعوها بتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون؟.
وكانت حكومة اقليم كردستان قد اصدرت بياناً بمناسبة الذكرى الـ 27 لانتفاضة شعب كردستان قالت فيه، ان الانتفاضة التي كانت تعبيرا عن ارادة شعب كردستان ورفض الظلم والدكتاتورية، بهدف خلق عراق مستقر ومرفه، يفرزه نظام ديمقراطي وفيدرالي سليم يكون فيه الدستور محترما وتتحقق فيه الشراكة الحقيقية والحقوق العادلة لجميع المكونات.
بدوره وفي معرض رده على مصادقة مجلس النواب العراقي على قانون الموازنة الاتحادي بمعزل عن الكرد شدد رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، على ضرورة حل المشكلات العالقة مع بغداد على طاولة الحوار وتحديد رؤية واضحة لمستقبل العراق، وعدم الاعتماد على مبدأ القوي والضعيف، مبيناً أن موقف حكومته ثابت بوجوب حل الخلافات مع بغداد عبر الحوار.
وقال بارزاني في مؤتمر صحفي عقده في اربيل امس الاول الاحد عقب اجتماع لحكومة الاقليم، «نعبر عن أسفنا للمصادقة على الموازنة من دون الأخذ بنظر الاعتبار مطالب الكرد فيها، فخطورة إقرار الموازنة لا تكمن في الاعتبارات المالية فقط بل في انتهاك مبدأ الشراكة.
وتابع بارزاني أن اجتماعاتنا مع العبادي كانت جيدة جداً اقترحنا خلالها تسوية مشكلتي الرواتب والمطارات بأقرب وقت وقبل حلول موعد الانتخابات، و نحن على تواصل دائم مع رئيس الوزراء العراقي».
وكشف عن أن العبادي «وافق من حيث المبدأ على اقتراحنا بإرسال قرض لدفع رواتب موظفي كردستان لحين إكمال عملية التدقيق، لكن هذا لم يتحول إلى اتفاق عملي بعد»، مردفاً بالقول: «اقترحنا على بغداد تصدير نفط حقلي هافانا وباي حسن في كركوك عبر أنبوب نفط إقليم كردستان لكن هذا أيضاً لم يدخل حيز التنفيذ لحد الان.
في غضون ذلك رفضت اغلب الكتل الكردستانية في مجلس النواب مطالبات كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بانسحاب الكرد من العملية السياسية ومقاطعة الانتخابات النيابية العراقية، ردا على تجاهل مطالب الكرد في الموازنة الاتحادية.
وقال رئيس كتلة حركة التغيير في مجلس النواب أمين بكر محمد، إن ما حصل من تجاهل لمطالب الكرد في الموازنة الاتحادية لعام 2018 كان نتيجة ولم يكن سبباً، وتابع «ان ذلك كان نتيجة للقرارات والسياسات الخاطئة التي اتخذها إقليم كردستان خلال المرحلة السابقة».
وكان مجلس النواب العراقي قد صادق في جلسة يوم السبت، 3 من آذار الجاري، التي قاطعتها الكتل الكردستانية، على مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المؤلف من 58 مادة.
وكانت مطالب الكرد في الموازنة تتلخص في زيادة حصة الإقليم من 12.67% إلى 17%، والتعامل رسمياً مع إقليم كردستان وحذف التعابير اللادستورية، وصرف تخصيصات البترودولار للمحافظات، وتحديد حصة البيشمركة، وتخصيص موازنة لمحافظة حلبجة، وخفض الموازنة السيادية إلى أقل من 40% من الموازنة العامة، مع تخصيص اموال لشركات النفط العاملة في الاقليم، الا ان الخلافات السياسية حالت دون ادراجها في قانون الموازنة.