تيّار الحكمة يسعى لتغيير معادلات اللعبة من السليمانية

الحكيم يجد موطئ قدم في كردستان:
متابعة الصباح الجديد:

شكل افتتاح مكتب تيار الحكمة العراقي في مدينة السليمانية في إقليم كردستان في التاسع عشر من كانون الثاني (يناير) من هذا العام تطورا جديدا، إذ يسعى التيار ذو الأغلبية الشيعية والذي تم إعلانه بعد الانشقاق من المجلس الأعلى الإسلامي في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) الماضي، يسعى الى إيجاد موطئ قدم له في الإقليم.
التيار الذي يقوده عمار الحكيم الزعيم السابق للمجلس الأعلى الإسلامي (47 سنة) يسعى الى كسب الجمهور في الاقليم خلال الانتخابات المقبلة مثل مدن وسط وجنوب العراق ذات الاغلبية الشيعية.
ويبدو أن تيار الحكمة يريد تجاوز شعار حزب الطائفة الواحدة الذي انتهجته القوى الشيعية بعد عام 2003 وان افتتاح مكتب التيار في السليمانية يأتي في هذا الإطار كما يقول نشطاء التيار.
وقال عيسى رشيد البرزنجي مسؤول العلاقات الوطنية لتيار الحكمة في السليمانية وهو كردي سني، بشأن ذلك “نريد أن نكون جسرا للخير للتوسط وخدمة شعب كردستان والشعب العراقي”. وأضاف: “نحن نعمل ككرد وليس كسنة”.
وتميزت العلاقات بين القوى الشيعية والأطراف السياسية في اقليم كردستان إبان سلطة حزب البعث بالقوة عندما كان الطرفان يشكلان جبهة المعارضة ضد النظام، الا ان العلاقات بين الاقليم والحكومة المركزية ذات الأغلبية الشيعية بدأت تتعقد خلال السنوات الثمانية الماضية وقد وصلت الخلافات بينهما الى حد المواجهة العسكرية بسبب قضية الاستفتاء على الاستقلال.
ومع ان افتتاح مكتب الحكمة في السليمانية له أهداف انتخابية، ولكن يبدو انه محاولة لملء الفراغ الذي حدث بين الشيعة والكرد حتى وان كان ظاهريا.
ويقول البرزنجي إن “انتصار التيار هو انتصار للشعب الكردي وإذا حصلنا على أصوات المواطنين الكرد سننجز أعمالا كبيرة، وسيكون افتتاح مكتبنا سببا لإعادة تحسين العلاقات بين الإقليم والمركز”.
ولتيار الحكمة مكتب مماثل في اربيل عاصمة الإقليم كان مقرا للمجلس الأعلى الإسلامي في السابق، الا ان معرفة الشيعة للسليمانية هي أكثر، اذ شهدت افتتاح اول حسينية منذ التسعينيات من القرن الماضي فضلا عن ان المنطقة لديها اطول حدود مع إيران نظيرة شيعة العراق في المذهب.
وتنص القوانين النافذة في العراق على حق أي حزب مسجل في بغداد وموجود لدى المفوضية العليا للانتخابات ككيان، بفتح مكاتب في جميع أنحاء العراق.
واشار د. احمد ورتي الخبير القانوني وعضو اللجنة القانونية في الدورة السابقة لبرلمان كردستان إلى أن “قانون الأحزاب في الإقليم يخص الأحزاب داخل إقليم كردستان، اما إذا أراد اي حزب او جهة اخرى غير كردية فتح مكاتب او فروع ومقرات تابعة لها داخل اقليم كردستان فالامر يحتاج الى ترخيص من قبل حكومة اقليم كردستان اذ ليس لدينا قانون خاص ينظم هذا المجال”.
ولم يصنف المواطنون في اقليم كردستان حسب مذهبهم، وبرغم كون غالبية السكان من المذهب السني الا ان الانتماء القومي يطغى على الانتماء المذهبي وان كان هناك كرد شيعة في الاقليم.
وقال مريوان النقشبندي مدير العلاقات والتعايش في وزارة اوقاف اقليم كردستان إن “نسبة 17% من سكان الاقليم بمنا فيها المناطق المتنازع عليها هم من الشيعة، ولكن هذه النسبة ليست دقيقة تماما”.
ولم يمنع كون غالبية سكان الاقليم من السنة تيار الحكمة من فتح باب التسجيل لأعضائه برغم ان الذين يديرون المكتب هم من المذهب السني.
ويبدو ان العلاقات التاريخية بين العائلات كانت لها دور في هذا التقارب، اذ تتمتع عائلة الحكيم بعلاقات متينة بمسؤولي التيار في السليمانية اسهمت في فتح المكتب في المدينة.
ويشغل مصطفى كاوه الحفيد نائب أمين تيار الحكمة في السليمانية وهو حفيد الشيخ محمود الحفيد، وعرف جده بملك كردستان في بعض مناطق إقليم كردستان في بدايات القرن الماضي بعد محاربته البريطانيين.
وكان للشيخ محمود الحفيد علاقات مع محسن الحكيم الجد الأكبر لعمار الحكيم اذ تعارفا خلال معركة الشعيبة عام 1914.
ويبدو ان افتتاح مكتب تيار الحكمة في السليمانية لن يمر مرور الكرام ولاسيما مع وجود منتقدين إلى جانب الداعمين يعتبرون الامر استغلالا للأوضاع الاقتصادية والسياسية في الإقليم.
أبو بكر كارواني العضو القيادي السابق في الاتحاد الاسلامي في كردستان ابدى رأيه لـ”نقاش” قائلا: “استثنائية الوضع تؤدي الى التوجس من مثل هذه النشاطات، يجب ان نخشى من استغلال الوضع الاقتصادي للمواطنين والاستفادة منه بخلاف رغبة وتوجه ومصلحة الإقليم، ان كانت هذه الخطوة أمرا طبيعيا من الناحية القانونية فانها غير طبيعية من الناحية السياسية والاجتماعية”.
النائب كاوه محمد عضو البرلمان العراقي عن حركة التغيير قال بشأن ذلك “مثلما هو مسموح للأحزاب الكردستانية فتح مقرات لها في بغداد يحق لأحزاب وسط وجنوب العراق ايضا فتح مقرات لها في الإقليم”.
وأضاف: “ربما يكون الوضع الذي احدثه الاستفتاء في الاقليم قد ادى الى ان يفسر افتتاح مقر تيار الحكمة بنحو مختلف ويتوقع منه خطرا باعتبار ان الأحزاب الشيعية تسعى لكسب اصوات مواطني الاقليم”.
ويتلخص مضمون المعادلة في ان تيار الحكمة يريد ايجاد موطئ قدم له في الاقليم للانتخابات العراقية القادمة المقرر إجراؤها خلال شهر أيار من هذا العام لذلك فهو يحتاج الى اصوات الكرد للمشاركة في العملية واختيار ممثليهم في بغداد، فضلا عن سعيه الى تعويض جزء من الفشل الذي يمكن ان يواجهه في وسط وجنوب العراق.
الحكيم يريد أيضاً أن يصيب عصفورا آخر بهذا الحجر لاسيما وانه ينادي منذ تأسيس تيار الحكمة برغبته في تجاوز تجربة المذهب الواحد برغم كون غالبية قيادة تياره من الشيعة.
ويرى د. عابد خالد الخبير السياسي وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة السليمانية ان افتتاح مكتب تيار الحكمة سيحظى بتفاعل مواطني الاقليم وسيحتل مكانته لاسيما وانه يعد تيارا معتدلا تجاه الكرد مقارنة بالقوى الشيعية الأخرى كما سيتمكن من ضمان اصوات الشيعة المتعاطفين مع الكرد.
د. عابد خالد قال ان “الهدف من افتتاح مكتب الحكمة في السليمانية هو اظهار نفسه كتيار عراقي وطني شامل وانه لم ينشأ على حساب الطائفية”.
*عن موقع نقاش.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة