عزز الرئيس الاميريكي باراك اوباما ماعرف عن الديمقراطيين وترددهم وحذرهم في مواجهة الاخطار المحدقة بالامن القومي للولايات المتحدة الاميريكية ….عندما اختار اخيراً خيار شن ضربات عسكرية محدودة ضد تنظيم داعش وبرر اوباما هذا القرار برفض الولايات المتحدة لاي تمدد جديد لتنظيم داعش داخل الاراضي العراقية وقال ان اميركا لن تسمح باقامة الخلافة الاسلامية في سوريا والعراق …!! واذا علمنا ان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام كان قد اعلن عن شروعه باقامة هذه الدولة قبل اكثر من عام وخلال العمليات العسكرية التي شنها ضد قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد واستيلائه على اجزاء من سوريا حينها يمكن معرفة وتفسير الطريقة التي يدير بها اوباما ملف النزاعات المسلحة في المحيط الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط فقد انتظر اوباما كل هذا الوقت ليعلن رفضه اقامة مثل هذه الخلافة وكذلك انتظر كل هذا التمدد لداعش داخل الاراضي السورية والعراقية وصولا الى اجزاء من اقليم كردستان ليعلن اوباما انطلاق الرد الاميريكي على هذا الظهور المعلن لتنظيم الدولة الاسلامية ..ويبدو اوباما في كل حلقات هذا الصراع كصياد طيور في البرية يريد انتقاء نوع او لون من الوان الطيور لاصطياده في الزمان والمكان المناسب …!!وحرص اوباما منذ تداعيات الصراع في سوريا وتداخله مع المشهد العراقي على فرز هويات هذا الصراع وانطباق توجهات المتصارعين فيه مع فلسفة الديمقراطيين بالنأي عن النزاعات المسلحة التي لاتهدد الامن القومي الاميريكي بشكل مباشر والتدخل المباشر في آخر المطاف وعند استنزاف آخر الخيارات ولم يفعل اوباما مثلما فعل الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن في انقضاضه على تنظيم القاعدة في افغانستان والاطاحة بصدام حسين في العراق وتهديده لايران واشترط مشاركة عسكرية اوروبية لاسقاط القذافي ورفض القيام بعمل عسكري ضد قوات الرئيس السوري بشار الاسد وما يزال يرفض تقديم أي دعم عسكري مباشر للقوات الحكومية العراقية الا بشروط برغم وجود اتفاقية امنية إستراتيجية وفي كل ذلك يتجلى حذر اوباما وادارته العسكرية وهكذا اجتهد اوباما في تقرير المكان والزمانالمناسب للرد على داعش وسط مشهد معقد تشاركت فيه قوات نظامية سورية وعراقية ومجموعات مسلحة لمتطوعين وميليشيات ومنتفضين ومؤيدين ومعارضين لانظمة حكم ..ويمكن ادراك هذا التحول الاميريكي انطلاقاً من الخطأ الكبير الذي وقعت فيه داعش بمحاولتها التمدد في اراضي اقليم كردستان الذي يحتفظ بعلاقات إستراتيجية مع الغرب عامة والولايات المتحدة الاميريكية خاصة ومن ثم المساس بالمصالح الاميريكية في هذه الرقعة الجغرافية وتهديده للامن والاستقرار في شمالي العراق وحتى لايسيء احد الظن بهذه الخطوة الاميريكية كرر وزير الخارجية الاميريكية جون كيري شروط الولايات المتحدة لتعزيز النشاط العسكري في مواجهة تنظيم داعش وفي مقدمة هذه الشروط بروز حكومة عراقية توافقية تحظى بقبول وطني واسع تتشارك فيه كل المكونات وبالتالي يمكن القول ان رداً امريكيا واسعاً وعميقاً ومؤثراً يمكن مشاهدته مع ظهور مثل هذه الحكومة كي لايتم تفسير مثل هذا الرد على انه تضامن واستجابة لشخص او حزب ما او جهة ما تخوض صراع السلطة في العراق وهذا مايمكن تلخيصه بفلسفة اوباما القائمة على مبدأ الانتقاء قبل الانقضاض..!! دفعاً للضرر والاضرار في مجريات هذا الصراع الوطني والاقليمي المحتدم …!! وتتسق هذه الفلسفة مع تاريخ الديمقراطيين في الولايات المتحدة الاميريكية وطريقة تعاطيهم مع الملفات الدولية التي تختلف تماماً مع مجازفات ومغامرات الجمهوريين ونزوعهم نحوالحسم العسكري في مثل هذه الملفات ..!!
علي شمخي