الصباح الجديد:
السيمفونية التاسعة لبيتهوفن (والتي تعرف أيضاً باسم السيمفونية الكورالية Choral)، آخر سيمفونية كاملة للمؤلف الموسيقار لودفيج فان بيتهوفن، والتي أنهاها عام 1824.
تعدّ هذه السيمفونية التاسعة واحدة من أشهر أعمال الموسيقى الكلاسيكية الغربية. وبالنسبة للنقاد تعد أعظم أعمال بيتهوفين، ويعدها البعض أعظم قطعة موسيقية كتبت على الإطلاق.
كانت السيمفونية أول مثال على استعمال مؤلف كبير لأصوات المغنين في عمل سيمفوني (وبالتالي وصف الكورالية). تنشد الكلمات خلال الجزء الأخير عبر أربعة مغنين سولو وجوقة، أخذت الكلمات من نشيد الفرح الذي كتبه الشاعر الألماني فريدريش شيلر عام 1785 وراجعها عام 1803، مع بعض الإضافات التي وضعها بيتهوفين.
فوضت جمعية الفيلهارموني الملكية في لندن بيتهوفن بتأليف السيمفونية عام 1817، واستمرت أعمال التأليف الأساسية ما بين خريف 1822 واكتمال المخطوطة عام 1824، مع ذلك ترجع بعض أصول الكلمات والنغمات الى أعمال سابقة لبيتهوفين.
تظهر كراسات بيتهوفين أن قطعاً موسيقية وجدت طريقها للسيمفونية، ألفها بيتهوفين اولا في 1811 و1817.
إضافة إلى ذلك، ضمت السيمفونية بعض القطع الأخرى لبيتهوفين والتي تمثل أعمالا كاملة في حد ذاتها، وتظهر وكأنها كانت أعمالا تجريبية للسيمفونية المستقبلية. ففي عمل كورال الخيال مصنف رقم 80 (1808)، وهو كونشيرتو للبيانو اساسا، يقدم جوقة ومغني سولو قرب النهاية، ليشكلوا ذروة العمل. كما في السيمفونية التاسعة، اذ يغني الكورال الصوتي نغمة عزفت قبلها بالآلات الموسيقية، وهو تناظر مشابه جدا للتناظر الموجود في نهاية السيمفونية التاسعة.
واجه بيتهوفين الكثير من المشكلات لضم الجزء الغنائي للسيمفونية.
صديق بيتهوفن، أنطون شيندلر، صرح لاحقا: «حين بدأ بيتهوفن العمل على الحركة الرابعة، واجهته المشكلات كما لم تواجهه من قبل، وكان هدفه ان يجد طريقة ملائمة لتقديم نشيد شيلر، وفي يوم ما دخل بيتهوفين يصيح «وجدتها، لقد وجدتها للتو!» ثم أطلعني على مخطط مبدئي كتب عليه «فلنغني نشيد الخالد شيلر». ومع ذلك لم يبقِ بيتهوفن هذه النسخة، وأخذ يعدل فيها حتى وصل شكلها النهائي.
كان بيتهوفن يتوق إلى ان تعزف السيمفونية اولا في برلين، حين ينتهي من تأليفها، لأنه اعتقد ان فيينا يسيطر عليها الذوق الموسيقي الإيطالي لمؤلفين كـ «روسيني»، حين سمع أصدقاؤه وممولوه ذلك، أقنعوه بان يقدمها أولا في فيينا.
قدمت السيمفونية التاسعة لأول مرة يوم السابع من أيار/ مايو عام 1824 في فيينا، كان هذا أول ظهور لبيتهوفين على المسرح منذ 12 عاما، وكانت الصالة مزدحمة. أدت أجزاء السوبرانو والآلتو مغنيتان شابتان مشهورتان في ذلك الوقت: هنرييت سونتاغ، وكارولين أنغر.
ومع ان العرض كان بقيادة مايكل أوملاف رسميا، كبلميستر أو المايسترو الرئيس للمسرح، الا ان بيتهوفين شاركه المسرح، وقبلها بعامين كان أوملاف قد شهد قيادة بيتهوفين الأصم حينها للاوركسترا، في تدريب على عمله الأوبرالي فيديلو، وهو التدريب الذي انتهى بنحو كارثي، لذا في هذه المرة أمر أوملاف المغنين والعازفين بتجاهل بيتهوفين كليا.
في بداية كل جزء، حدد بيتهوفين الجالس فوق المسرح سرعة الإيقاع، كان يقلب في صفحات نوتته الموسيقية بسرعة أكبر من الأوركسترا الذي لا يستطيع سماعه.
هناك الكثير من الحكايات عن العرض الأول للسيمفونية، بناء على شهادات بعض الحضور، وتوجد دلائل على ان الأوركسترا لم يتدرب كفاية لتقديمها بصورة جيدة، حيث تدربوا على العمل مرتين فقط قبل تقديمه، فخرج العمل غير مترابط في التنفيذ، لكن العمل نجح نجاحا شديدا.
في كل الأحوال، لم يكن بيتهوفين ليلام، فكما قال عازف الكمان جوزيف بوم: «أخرج بيتهوفين السيمفونية بنفسه، بمعنى انه كان واقفا بالمنبر واومأ بشراسة. في بعض الأحيان كان واقفا، وفي احيان اخرى انكمش في الأرض، تحرك كما لو كان يريد أن يعزف كل الآلات بنفسه، وأن يغني بدلا من الجوقة. في حين تابع كل الموسيقيين ايقاعهم نفسه في اثناء عزفهم للموسيقى.
حينما صفق الجمهور -تختلف الشهادات بحسب الوقت، في نهاية حركة، او نهاية السيمفونية كلها- كان بيتهوفين قد تخلف عن الأوركسترا بعض الوقت، ومازال يقود. بسبب ذلك توجهت الكونترالتو كارولين أنغر الى بيتهوفين، ووجهته للجمهور ليستقبل تحيتهم وتصفيقهم. بناء على شاهد، «قابل الجمهور البطل الموسيقي بقدر كبير من الاحترام والتعاطف، استمعوا لمؤلفاته العظيمة بانتباه شديد، واندلع في الصالة في تصفيق شديد، خلال الأجزاء وفي نهاياتها».
ويذكر عدد من الشهود والحضور في تلك الحفلة ان كل الجمهور حيا بيتهوفين بالتصفيق مع الوقوف خمس مرات، وكانوا يلقون بقبعاتهم ومناديلهم في الهواء ويرفعون ايديهم، في محاولة للفت انتباه بيتهوفين الاصم ليرى انهم يصفقون له.