متابعة الصباح الجديد:
يورد تقرير لليونيسف بعنوان “لا مكان للذهاب اليه ” تفاصيل آثار العنف المستمر على الأطفال العراقيين. ووفقا لهذا التقرير، يحتاج خمسة ملايين طفل من مجموع الأطفال البالغ عددهم 20 مليونا إلى الدعم النفسي والمساعدة الإنسانية. واحد من كل خمسة أطفال قد توقف عن النمو وأكثر من سبعة بالمئة من الأطفال دون سن خمس سنوات يعانون من الهزال، وهو مرض تلف الانسجة العضلية والذهنية بشكل كبير.
وأضاف التقرير أن الأطفال يتعرضون لآثار المعادن الثقيلة والسموم العصبية الناتجة عن انفجارات القنابل وغيرها من الذخائر، لأن تلك الأسلحة لا تؤثر فقط على أولئك المستهدفين بل على كل من يعيشون في الجوار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التلوث الناجم عن اليورانيوم المستنفد وغيره من التلوث ذي الصلة بالحروب هو على الأرجح سبب ارتفاع العيوب الخلقية للولادة والسرطان. وجد موزغان سافابيا سفاهاني، وهو خبير ايراني في علم السموم مستويات “مقلقة” من الرصاص في أسنان الأطفال العراقيين الذين يعانون من عيوب خلقية.
وتابع التقرير أن الحرب واستمرار العنف قد اثرت في البلد تأثيرا خطيرا على تعليم الأطفال، ووفقا للدراسات التي أجرتها اليونيسيف، لا يلتحق 3 ملايين طفل بالمدارس بانتظام، كما أن 1.2 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس اصلاً. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نصف المدارس في العراق بحاجة إلى إصلاحات عاجلة.
وقد أدت البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، التي تضررت جراء القصف العنيف، ولم يتم إصلاحها بنحو كامل بعد، إلى ضعف نظام الرعاية الصحية الذي يعرض صحة الأطفال وبقائهم للخطر. وقد غاب ما لا يقل عن 70 في المائة من الأطفال النازحين (من مجموع 1.5 مليون طفل مشرد) سنة كاملة من الدراسة. ولا يحصل الأطفال ذوي الاعاقة على التعليم.
وفي الفترة ما بين كانون الثاني 2014 وأيار 2017، قتل 1،075 طفلا وجرح 1،130 آخرين، وبالإضافة إلى ذلك، تم تجنيد 231 طفلا في القتال. وعلى الرغم من قوانين مكافحة عمل الأطفال، فإن أعدادا كبيرة من الأطفال يضطرون إلى العمل لكي يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية ومساعدة أسرهم.
وقد فشلت قوات الاحتلال الأميركية والبريطانية والحكومة العراقية في الوفاء بأهم واجباتهم الأساسية تجاه أطفال العراق، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
وهناك ضرورة أخلاقية لمساعدة الأطفال العراقيين على أن يعيشوا حياة طبيعية. وقد تسببت الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في خسائر هائلة للبنية التحتية للصحة العامة والنسيج الاجتماعي في البلاد وعلى الرغم من انتهاء الحرب ضد العراق، فإن الهجوم الذي لا يرحم ضد الأطفال العراقيين ما زال مستمرا.
لقد كان الأطفال العراقيون ضحايا للحالة السياسية السيئة في البلاد حتى قبل بدء الحرب بقيادة الولايات المتحدة. وقد بدأت الآثار السلبية على الأطفال بالعقوبات الصارمة التي فرضتها الأمم المتحدة على نظام صدام حسين، وتفاقمت كثيرا بسبب الحرب، التي لا تزال آثارها ملموسة الى الوقت الحالي.
حتى الان، لا يكاد يمر أسبوع في العراق من دون وجود علامات عنف يترك كلا من الأطفال والكبار الذين يعانون من آثار نفسية وجسدية دائمة، فيما حذر خبراء مثل الدكتور هيثم السعدي من مركز البحوث النفسية في جامعة بغداد من ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
اضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن تكون له آثار مدمرة على ادمغة الأطفال مما يؤثر سلبا على نموها فيما يمكن أن تؤدي الى انخفاض في منطقة الدماغ تعرف باسم الحصين، وهو أمر بالغ الأهمية لمعالجة الذاكرة والعاطفة. وبالإضافة إلى ذلك، إذا لم يعالج، يمكن اضطراب ما بعد الصدمة يؤدي إلى مجموعة واسعة من مشاكل الصحة العقلية في وقت لاحق في الحياة.
معظم الأطفال العراقيين الذين يعانون من مشاكل نفسية لا يتم علاجهم، لأن عدد الأطباء النفسيين الأطفال في البلاد غير كاف للتعامل مع أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة. الدكتور حيدر المالكي، وهو طبيب نفسي عسكري في الجيش السابق يعمل الآن كطبيب نفسي للأطفال في مستشفى أبن رشد في بغداد. وهو واحد من عدد قليل جدا من الأطباء النفسيين المختصين بالأطفال المتبقين في البلاد.
* عن كاونتر بنج الأميركي