من مكافحة التطرف العنيف إلى «منع الإرهاب»: تقييم السياسات الأميركية الجديدة

(2 ـ 2)
شانا باتن

يجب أن تنقل المصطلحات المستخدمة لوصف جهود مكافحة التطرف العنيف النية خلف أي مقاربة في هذا الصدد ومحور تركيزها واستراتيجيتها. فالمصطلح الأحدث «منع الإرهاب»، يضمّ بعض الغموض المرن. وعلى وجه الخصوص، بسبب غياب قوانين الإرهاب المحلية الأمريكية الأساسية والتردد في وصف بعض الأعمال بالإرهابية على غرار حادثة شارلوتسفيل في آب/أغسطس 2017، لا تعي المجتمعات دورها في ما يسمى جهود منع الإرهاب. ويؤدي عدم اليقين هذا إلى سوء تفاهم، وفي نهاية المطاف، إلى تناقضات.
ومن أجل بناء الثقة ضمن المجتمعات، لا يمكن ترك الرسائل التي تحملها مكافحة التطرف العنيف لتُفسَّر عشوائيًا، ما قد يعطي انطباعًا خاطئًا بأن جهود مكافحة التطرف العنيف هي محاولات، سواء مباشرة أو غير مباشرة، لجذب المجتمعات نحو الانخراط في مساعي التحقيقات والمراقبة. في المقابل، يجب أن تبقى هذه الجهود ضمن نطاق وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات.
عوضًا عن ذلك، يجب أن نشهد تحولًا جذريًا الآن، يشبه ذلك الذي يتبلور في التفاهمات الاجتماعية للعنف الأسري والجنسي. ولا بدّ لهذا التحول من أن يقر بأن العنف، وليس الإيديولوجيا، هو محور عمل منع الإرهاب. ومن شأن عبارة «عنف متأثر بالإيديولوجيا» أن تُظهر بوضوح أن العنف هو الهدف، وأن تثبت في الوقت نفسه أن الحكومة الأمريكية تعترف بعدد من الإيديولوجيات وبنطاق التطرف. وبالفعل، يُعتبر تغيير اللغة المستخدمة الخطوة الأولى لتحقيق استراتيجية شفافة وإدخال تحسينات فعلية على هذا النوع من منع العنف. فمن جهتها، تزود الشفافية في الاستراتيجية المجتمعات بمعلومات ملموسة وتساعد على بناء الثقة الضرورية لتعزيز قدرتها على الصمود.
ويمكن معالجة العنف المتأثر بالإيديولوجيا بطريقة عملية على صعيد المجتمع الجزئي والكلي. وبالمثل، على الحكومة الفيدرالية، التي تحتل الموقع الأفضل كجهة داعية وداعمة لهذه الأنشطة، الاستثمار في حاجات المجتمعات. ومن ناحية أخرى، إن المنع الشامل يعني الإصغاء إلى المجتمعات ولقائها في أماكن تواجدها — مع أخذ نقاط ضعفها وأولوياتها في الحسبان. وباستخدام مقاربة قائمة على الأصول، يتعين على الجهات الفاعلة أن تحدد بالتعاون الموارد والشبكات التي يمكن استخدامها على أفضل وجه لتقوية المجتمعات. ولا بدّ لاستراتيجية مماثلة من أن تكون مرنةً بما فيه الكفاية ليتمّ تكييفها مع مختلف المجتمعات. كما يجب أن تعزز الوعي بأن الانتقال من التطرف إلى العنف هو عملية وأنه يتعين على جهود المنع أن تأخذ الحريات المدنية في الحسبان.

ماثيو ليفيت
قد لا يبدو استخدام مصطلح «منع الإرهاب» لوصف جهود مكافحة التطرف العنيف تغييرًا أساسيًا في اللغة بشكل خاص، بما أن مصطلح مكافحة التطرف العنيف شهد عددًا كبيرًا من التغييرات خلال السنوات القليلة الماضية. ففي الواقع، قد يكون تغيير المفردات إيجابيًا بما أن الكثيرين من خارج المحفل السياسي لا يحبذون عبارة مكافحة التطرف العنيف. والمثير للريبة هو أن المصطلح الجديد لا يوضح حجم المجال المتاح أمام جهود المنع الحقيقية أو أنواع الإرهاب الذي سيركّز عليه.
وفي حين يستمر تقييم إدارة ترامب لبرامج مكافحة التطرف العنيف، لقد ظهر بعض التغيير. فقد زادت وزارة الأمن الوطني الأمريكية تركيزها على تخصيص هبات لإنفاذ القانون على حساب منظمات خدمة المجتمع وللجماعات التي تواجه التطرف الإسلامي في وجه التطرف المرتبط باليسار أو اليمين المتطرف. وبالفعل، يواجه عدد كبير من الأفراد والمنظمات صعوبات في تقبّل هذه الهبات بسبب التركيز الكبير وشبه الحصري على إنفاذ القانون والتطرف الإسلامي.
علاوةً على ذلك، قد يتسبب تغيير مصطلح مكافحة التطرف العنيف ليركّز بشكل خاص على «الإرهاب» بتقويض الجهود الرامية إلى إقناع أعضاء المجتمع بأنهم جزء من الحل للتطرف العنيف في مجتمعاتهم، عوضًا عن كونهم جزءًا من المشكلة ربما. وقد يشكّل نموذج صحة عام يخرج من دائرة التركيز على إنفاذ القانون حصرًا، ويشرك بدلًا من ذلك أعضاء المجتمع، مقاربةً مفيدةً أكثر لمكافحة التطرف العنيف. وبالفعل، تطالب وكالات إنفاذ القانون بنفسها عادةً باعتماد مقاربة مماثلة. كما أنه من المهم النظر في مصادر تمويل برامج مكافحة التطرف العنيف لأنها تحمل رسائل أيضًا. فعلى سبيل المثال، تملك وزارة الصحة والخدمات البشرية ووزارة التعليم في الولايات المتحدة أموالًا هائلة يمكن تخصيصها لجهود المنع، لكنها قد لا تكون متاحةً لبرنامج يركّز حصرًا على منع الإرهاب.
من ناحية أخرى، يُعتبر التركيز على حلول حماية الحدود في أعقاب الهجمات الإرهابية سياسةً سهلة إنما ضعيفة لمكافحة الإرهاب. فحماية حدودنا مهمة، لكن سياسةً مماثلة منفردة تتجاهل واقع أن التطرف ينتشر هنا في الولايات المتحدة. فلا يقف التطرف عند الحدود، لذا لا بدّ من وجود برامج تواجه الإيديولوجيات المتطرفة العنيفة في وقت مبكر، والعمل على التصدي لنطاق واسع من التطرف، بما فيه التطرف الإسلامي واليميني واليساري، إلى جانب السلوكيات الأخرى التي تشكل تهديدًا على المجتمع. ومن غير الواضح ما إذا كان «منع الإرهاب» سيفي بالغرض.

*أعدت هذا الملخص لمعهد واشنطن أفيفا واينشتاين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة