لايكفي تأمين مستلزمات الانتخابات في أي دولة حتى يقال ان هذا الحق الدستوري اصبح متاحاً للجميع ويدرك المهتمون بنزاهة هذه العملية الديمقراطية مدى الترابط الكبير بين المنظومة الامنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في اجراء الانتخابات ولربما يتفرد العراق بأنه الدولة الابرز في تقديم انموذج حي عن الممارسة الديمقراطية في ظل اجواء امنية مضطربة لاكثر من دورة انتخابية وقد شاهد الملايين في العالم مدى قدرة العراقيين واصرارهم للوصول الى حقهم الانتخابي الذي كفله الدستور واتسق مع مباديء التغيير الكبير الذي حصل في العراق للانتقال من نظام ديكتاتوري الى نظام ديمقراطي ولكن الانتخابات في كل دول العالم تتناغم مع متغيرات الصراع السياسي في اية دولة ومع طبيعة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والامنية ولطالما تحدث الكثيرون عن هذا الترابط وانعكاسات العملية الديمقراطية على تفاعل الفرد او الجمهور مع النظام السياسي ومع شخوصه وفي العراق ثمة مؤشرات تؤكد ان النضج في هذه العملية بالنسبة للناخبين يواجه تحديات كبيرة تتمثل بعدم قدرة الناخب العراقي على فرز المواقف برغم مرور اكثر من ثلاث تجارب انتخابية حقيقية كما ان الصراع السياسي والحزبي في هذا البلد ساهم الى حد كبير في التشويش على الخارطة الانتخابية في العراق واصابها بعدم الاستقرار وعرضها الى التشويه بعد ان مارست هذه الاحزاب اساليب وأطراً مشوهة في الوصول الى قناعة الناخب او التاثير فيه والاستحواذ على صوته ولسنا هنا بصدد التعرض الى هذه الانتهاكات التي افقدت العملية الانتخابية في العراق قدرتها على الصمود بوجه عمليات التزييف والتاثير غير المشروع في كل مراحل الانتخابات برغم الاصوات الكثيرة التي نادت وطالبت باعادة النظر بمجمل العملية الانتخابية وبرغم الاجراءات الاخيرة التي اقدم عليها مجلس النواب ومجلس الوزراء المتمثلة بتغيير مفوضية الانتخابات وتعديل النظام الانتخابي ومحاولة الاحاطة بالثغرات الاخرى المتمثلة بعدم الشفافية في عمليات التصويت واذا كان اندحار الارهاب في مناطق العراق سيمنح العملية الانتخابية المقبلة نوعا من انواع التطمين الا اننا نرى ان هناك ماهو اهم وهو محاولة استعادة ثقة الناخب العراقي بالعملية السياسية والاداء السياسي والنظام السياسي برمته فسنوات الفشل والاخفاق وممارسة الانتهاكات لمبادئ الديمقراطية والفساد الكبير الذي احاط بمؤسسات الدولة كل ذلك وغيره وضع الحواجز النفسية امام اية رغبة وارادة للجمهور للمشاركة في صنع التغيير في العراق واذا كانت هناك جهود من قبل الحكومة لانجاح هذه الانتخابات فينبغي االاتصال وطلب المساعدة من المنظمات والجهات المعنية بالتأثير في الرأي العام للمساهمة في مشروع وطني يعيد الثقة بالممارسة الديمقراطية المقبلة ويرسخ الاطمئنان في نفوس الناخبين ويمنحهم الفرصة للتعبير عن مواقفهم وآرائهم بصدق ونزاهة من دون ان تتكرر مشاهد الاخفاق التي تعرضوا لها في السنوات الماضية .
د.علي شمخي
تطمين انتخابي !
التعليقات مغلقة