«عراء الوسائد».. وإشكالية التخندق النمطي

علوان السلمان

من البديهي ان شعرية القصيدة تتشكل من مجموع البنى التي تتضمن عناصر وتقانات تشير لمجمل علاقاتها اللسانية وتداخلاتها المعرفية..
و(عراء الوسائد) المجموعة الشعرية التي نسجتها انامل الشاعرة منى سبع درباش ..واصدرتها مكتبة عدنان/2012 بعد ان تبلورت فيها جملة من المهيمنات النصية كالنزوع الانساني والبنية الذهنية..التي انحصرت بين دفتي غلاف ملأت فضاءه موازيات نصية تمثلت في(العنوان البنية الشعرية الصغرى المتشكلة من جملة اسمية مضافة ومنسجمة وبنية المتن..والذي جاء بقصدية مدروسة يمكن الاهتداء اليها عبر سياق النصوص الشعرية..وقد علاه اسم الشاعرة وتحته جنس المنجز.. وثلثه السفلي شغلته لوحة تشكيلية صنفت ضمن الفن التجريدي بشكل هندسي له دلالة الاستقرار عبر زواياه القائمة التي تحتل وسطية الزوايا(الحادة التي تضيق فيها مساحة المكان)و(المنفرجة التي تتسع فيها مساحة المكان وتتمدد فضاءاته..)فضلا عن (تلويحة خاطفة ومن بعيد) كتبها الروائي محمد سعدون السباهي منها(هذا الديوان نشيد صوت امرأة ساخطة..تمتليء قصائدها بروح السخرية والهجاء والمناكدة..)..اضافة الى العنوانات الفرعية التي فرشت روحها على سبعة وثلاثين نصاً شعرياً تضفي فاعلية التوجهات القرائية التي ترصد العلاقة بين المتن وتلك الموازيات ..
العمر لحظة
اللحظة عمر
حائر بين
قلق المسافات
وبعد الشواطيء /ص10
فالشاعرة تعتمد الاختزال والتكثيف بالمعنى من خلال العناصر الداخلية التي تكون النص السابح في فضاءات لا تمسكها تقليدية كي لا يتحول الى هيكل بلا روح.. لذا فهي تحاول استكشاف خبايا النفس في رؤية متعددة لتضيف ذائقة جمالية..باعتماد الانزياح عن المألوف من القول..بايقاع يجاذبه حضوران: حضور خارجي تمثل في الوزن الشعري ..وحضور داخلي تمثل في التكرار..العنصر البنيوي الذي يشكل دلالته التي تتعمق عبر ما تضفيه اللفظة..كونه صفة بنائية لها ضرورة دلالية في النص الشعري..
حين يغفو الليل..
يخلع صمته فوق الوسائد
يشتهيني الخوف..باردة خطاه
فاحضنيني
وارحمي فزعي..ولمي
ما تناثر..من شظايا الروح
في رمل العراء
وامنحي سود الانامل
وهي تنسج حلتي
بعض ضياء
واغمسيني
ريشة في بحر دفئك
واكتبيني.. /ص14
فالشاعرة تحاول لملمة الوانها في لحظة التجلي الشعري التي تبدأ الخيالات تفرض وجودها معها لتتواءم مع الذات..فتضفي عليها من مكنوناتها لتقدم تلميحات وترميزات تخضع للتأويل والكشف عما وراء النص الذي يحمل ثنائية البناء الشكلي الذي يتخذ من المكان حيزاً فاعلاً..كونه يتواشج مع البعد النفسي والذاتي..
صبراً وكيف واين الصبر القاه
والدمع يحفر في خدي مجـــراه
والروح غادر من فيها فـــلا امل
يحمي فؤادي كي ينسى ويسلاه
كزهرتين بــلا ذنب شبابـــــــكما
تحت التراب غدا يا صاح سكناه
كزهرتين وحقل الــــــدار بعدكما
يشكو اليباب فما ترجــى عطاياه / ص57
فالبناء الفني المعماري يعتمد وحدة النص..فتقدم الشاعرة قدرتها على توظيف دلالة الكلمة في الصورة المرئية..وهنا يلتقي معنى الصورة واللفظة ليشكلا لوحة فنية مؤطرة بابعاد تحرك الخزانة الفكرية للمتلقي..
وبذا كانت (عراء الوسائد) تسبح خارج اشكال التخندق النمطي.. فحققت هويتها التي لا تميل الى تكريس شكلاني ينتصر لشكل على آخر..بل على العكس نجد الشعرية حاضرة كاستحقاق رئيس وكهاجس لمجمل النصوص..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة