أيام قرطاج السينمائي يعدل بوصلته نحو الجنوب للرجوع للثوابت

سعت لخلق توازن بين السينما العربية والإفريقية
ميدل ايست أونلاين

«عميد مهرجانات سينما الجنوب» يسعى لخلق توازن بين الافلام العربية، والإفريقية، واحياء البعد الآسيوي والأميركي اللاتيني، مع التركيز على الصناع والمخرجين.
أيام قليلة تفصل عشاق الفن السابع في تونس، عن انطلاق مهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الـ28، التي ترفع شعار «العودة لسينما الجنوب» على وفق مدير المهرجان.
ويقام المهرجان الذي يطلق عليه «عميد مهرجانات سينما الجنوب»، خلال الفترة من الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إلى الحادي عشر من الشهر نفسه، ويشهد نقاشات حول صناعة السينما، ولن يكتفي بالعروض فقط.
وتسعى الدّورة الحالية كذلك إلى إضفاء روح جديدة على المهرجان، من خلال خلق توازن بين السينما العربية والإفريقية، والتركيز على صناع الأفلام والمخرجين.
يقول نجيب عياد، مدير الدّورة الثامنة والعشرين للمهرجان، إنها «ستكون دورة العودة إلى أفلام الجنوب وبلدان الجنوب».
ويلفت إلى أن هذا التوجه بمنزلة عودة إلى ثوابت المهرجان، التي أنشأ من أجلها، فهو مخصص لثلاث قارات، وفي ذلك امتداد طبيعي للبعد العربي الإفريقي، والبعد الآسيوي، وأميركا اللاتينية، وهو ما تم تناسيه في السنوات السّابقة.
وعد أيضا أنّ «هذا المهرجان لا يشبه مهرجانات كبرى مثل كان (فرنسا)، بل يحمل نفساً نضالياً على امتداد تاريخه، وهو ما نُسي بعض الشيء تماهيا مع المهرجانات الكبرى، ومن المهم الرجوع لهذا الدّور».
وأشار إلى أن المهرجان في دورته المقبلة «اعتمد في اختيار أفلام، ذات بعد تحرري، وتطرق لأوضاع المجتمعات التي تشبهنا في إفريقيا، وأسيا، وأميركا اللاتينيّة «.
وشدد على أن «كل ما تناسيناه في وقت ما، سنحاول تداركه في هذه الدورة، فلا وجود لسينما منعزلة عن السياسة والثقافة، إذ طالما ساند مهرجان قرطاج عبر التّاريخ حركات التحرر في إفريقيا، وفي أميركا اللاتينية، وبالتالي نريد التواصل الطبيعي لهذا المد، والتقريب بين البلدان وبين الثقافات عبر السينما».

المخرجون نجوم المهرجان
وبحسب عياد فقد حاول المهرجان هذه السّنة خلق التوازن بين الأفلام، والضيوف العرب، والأفارقة، بعد أن «اختل التوازن» في السنوات الماضية، نظراً لأن الإنتاج العربي كان أهم من الإفريقي، وهو ما انعكس على عدد الأفلام المشاركة، وخلق إحساساً لدى الأفارقة بأنهم مجرد ضيوف في مهرجان عربي.
ويحل بالمهرجان ضيوف شرف من الجزائر، وعدة دول إفريقيا بينها السنغال، وموزمبيق، وجنوب إفريقيا، ومن آسيا كوريا الجنوبية، ومن أميركا اللاتينية الأرجنتين، يشاركون بأفلامهم ومبدعيهم.
ويتجاوز عدد الضيوف الأفارقة 120 سينمائياً، إضافة إلى 30 ضيفا آخر من الدول الإفريقية، كما سيكون الحضور الجزائري مميزا هذه السنة.
ومن بين المشاركين المخرجين الجزائريين محمد الأخضر حمينة، الحاصل على السعفة الذهبية بكان لسنة 1976، وأحمد الراشدي، ومن الأرجنتين المخرج الشهير «بابلو سيزار»، المعروف باهتمامه الإفريقي، وسيكون عضواً بلجنة التّحكيم.
كما يشارك أيضا، بالفعاليات، المخرج السنغالي آلان غوميس، إضافة إلى المخرج الموزمبيقي ليسينيو أزيفيدو، والكاميروني جون بيار بيكولو .
ويشير إلى أن التركيز على المخرجين، وصناع الأفلام، يأتي بوصفهم «النجوم» ومن وضعوا عصارة ذهنية وإحساسهم بالأفلام.
وتهدي إدارة المهرجان الدورة الحالية للجمهور، فمن الصّعب، بحسب عياد، أن تجد جمهوراً في العالم حاضراً بكثافة لافتة فعاليات المهرجان.

دورة تدارك النّقائص
وعد عيّاد أنّ ضعف وسائل الاتصال كانت السمة الأبرز في الدورات السابقة، فكان النقد يصل من دون أي رد، أو إمكانيات للتواصل مع الجمهور والصحافة.
وأضاف: استوعبنا الدرس من السنوات الماضية، وقررنا أن ننتج المعلومة ونوزعها، من دون ترك فراغ اتصالي، يستغل للحديث عن شكليات المهرجان من دون الغوص في محتواه.
وتابع «شكلنا فريقاً للعمل على التواصل مع الجمهور في تونس وخارجها، يتمثل في خمس مجموعات تصوير».
وستكون مهمتها متابعة كل ما يحدث يوميا في المهرجان، وتقوم فيما بعد بعمليّة المونتاج وإنتاج عشرة مواد توزع على وسائل الإعلام، وتبث في أكثر من مكان، بينها الشوارع، والمطار.

ولصناعة الأفلام نصيب
مدير المهرجان، وهو من أبرز المنتجين في تونس، كشف كذلك أن الفعاليات ستشهد ندوة دولية، هدفها المساعدة على إنتاج وجلب مستثمرين في المجال السينمائي، بمشاركة سينمائيين من عدة دول.
وعلى وفق مدير المهرجان، ستشهد الأنشطة لقاءات بين المحترفين بالأساس، كاللقاءات المخصصة للتوزيع، وبيع الأفلام، وتحضير المنتجين التونسيين والأفارقة للحوار، وتبادل الخبرات فيما بينهم.
وقال في سياق متصل «لا نريد للمهرجان أن يكون مجرد فرجة، واحتفاء بالجمهور فقط، وإنما سنركز على جانب صناعة الأفلام، حتى يأخذ السينمائيون الشبان حظهم».
ونوه بأهمية خلق صلات بين محترفي السينما في البلاد العربية، والإفريقية، والأوروبية، لتحقيق هذا الهدف.

مهرجانات مصغرة في أربع مدن
تعمل إدارة المهرجان كذلك على الخروج بأنشطة المهرجان خارج العاصمة لتشمل 4 مدن أخرى، وهي منزل بورقيبة (ولاية بنزرت/شمال)، والقيروان (وسط)، والمنستير (شرق)، وجربة (ولاية مدنين/ جنوب).
ويقول عياد «كانت شروطنا في ذلك أن تكون هناك رغبة محلية بإقامة مهرجان سينمائي في تلك المدن».
كما اتفقنا على أن يأخذ المجتمع المدني، ونوادي السينما على عاتقهم هذه التظاهرات المصغرة، وإنجاحها والعمل على استمراريتها.
وسيكون افتتاح هذه التظاهرات في الأسبوع نفسه من أيام قرطاج السينمائية، المقامة في العاصمة، بحضور ضيوف المهرجان، فيما ستكون العروض يوماً بعد الاختتام لتمتد على مدار ستة أيام.
وتشهد الدّورة الـ28 للمهرجان مشاركة 180 فيلماً تونسياً، وعربياً، وأجنبياً، من أكثر من 20 بلداً.
وتبلغ ميزانية الدورة الحالية من المهرجان نحو ثلاثة ملايين دينار (1.2 مليون دولار)، بحسب المنظمين.
وتأسس مهرجان أيام قرطاج السينمائية عام 1966 بمبادرة من السينمائي التونسي الطاهر شريعة.
ويشهد المهرجان عدة مسابقات، بينها المخصصة للأفلام الروائية الطويلة، والقصيرة، سيشارك فيها 15 فيلما قصيرا و14 فيلما طويلاً.
إلى جانب مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل (14 فيلما) والوثائقي القصير (8 أفلام)، إضافة إلى جائزة الطّاهر شريعة للعمل الأوّل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة