المخرج أحمد محمد عبد الأمير في حوار مع «الصباح الجديد»:
حاوره ـ عبد العليم البناء
يشهد المسرح العراقي دوما تحولات نوعية عامة، وعلى صعيد المسرح الصامت، وخيال الظل خاصة، والاخير شهد أيضا تحولات وتطورات متعددة، انعكاسا لتطوره عربيا وعالميا، وبات يفرض حضوره الجدي والفاعل، إسوة ببقية ألوان المسرح المعروفة.
من هنا تأسست (ورشة دمى للتمثيل الصامت وخيال الظل) في عام 2006 ضمن الاجواء الاكاديمية في كلية الفنون الجميلة لجامعة بابل، لتختص في تدريب وتقدم الاعمال الايمائية الصامتة لطلبة قسم المسرح، ولتكون في البدء جزءًا من درس التمثيل الصامت، الذي أشرف على تدريسه، ومفرداته العملية، والتطبيقية المخرج الأكاديمي الدكتور أحمد محمد عبد الأمير، اضافة الى درس التعبير الحركي.
طبق فيها انماطا ادائية متعددة منها ( البانتومايم / والمايم بأنواعه ) التي تعد من الفنون الصعبة والممتنعة عن الاداء الكامل، واستطاع نقل التجربة الصفية للورشة، الى المشاركة في الفعاليات الفنية والجماهيرية، بعيدا عن السقف الاكاديمي، يكون فيها الطالب والمدرس هم اصحاب العمل الفني، ومنها كان العرض الايمائي ( لاصقوا اعلانات )، ليصور الواقع العراقي المعاصر عبر تجسيد فكرة الانتخابات، بوابة للصراع، والإحتراب ايمائيا، ومسرحية (صور من بلادي) التي تنبع عن ورشة مكثفة، للبحث عن فن غريب اطلق عليه (مايم خيال الظل ) وهو يجمع التعبير الحركي الايمائي الظلي للأشياء وللجسد، اضافة الى عروض ظلية قصيرة.
وآخر تجارب الورشة عرض (السندباد) واستعمل فيه التقنية الرقمية في تشكيل الظل المسرحي، ليجمع الموروث الثقافي العراقي والعربي، مع تقنية المسرح الظلي، الذي ينسب ارثه للعرب قديما، وكان من أقدم اسماء مؤسسيه هو العراقي الموصلي (ابن دانيال)، وهو من تأليف واخراج الدكتور أحمد محمد عبد الأمير، وأداء ظلي ومخرج مساعد الفنان الشاب حسين مالتوس، وتقنيات رقمية منتصر العذاري، ومؤثرات موسيقية حسين مالتوس، ومن انتاج دائرة السينما والمسرح، ومن المؤمل ان يقدم في افتتاح مهرجان منتدى المسرح المقبل.
وبغية الوقوف على فكرة واسلوب تقديم هذا العرض، ومحطات أخرى من مسيرة المخرج الدكتور أحمد محمد عبد الأمير، الاستاذ في كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل، وتخصصه النادر جدا كانت لنا هذه الجولة في هذا الحوار:
ما الفكرة التي ينطوي عليها عرض (السندباد) وهو ينحو منحى غير تقليدي يتمثل بلون من المسرح، الذي على ما يبدو لم يأخذ مساحته الكافية وحضوره الفاعل في الأقل محليا؟
– تدور فكرة العرض الايمائي الظلي حول جدلية الوجود والعدم، تمثل فيه شخصية السندباد السفير المادي والروحي للإنسانية المعذبة، التي تبحث عن الاستقرار والامان الروحي. رحلة افتراضية تبدأ من النشأة الاولى لظل الشخصية، ورحلتها في عالم المثل، ومن ثم ارتكابها الخطيئة الأولى، ونزولها إلى العالم الأرضي، وصراعها مع الشخصية الأرضية، التي تمثل الواقع، لتمنعه من تحقيق حلمه في الاستقرار، والامان، والسلام، حتى في حلم العودة، كما تكشف التجربة الظلية جزءًا من الواقع العراقي، ليمثل الواقع العالمي.
إنها حكاية يرويها ظل يعيش الاغتراب، رحلة يمتد عمقها نحو جذور روح تبحث عن مستقر لها، هاربا من المدن الغريبة، ظل لمْ يتعَبْ من السفر، (السندباد) ليس سندباد ألف ليلة وليلة، إنه ظل يمثلنا جميعا، يكشف حجم مأساتنا، وحيرتنا. مع الظل يكشف احلامنا التي لا تتحقق.
في عرض (السندباد) لا نرى (علي بابا)، ولا (ياسمين) الطائرة المسحورة اللطيفة، بل نرى ظلالنا ترحل وتتجول باحثة عن وجودها، رحلة افتراضية يحاول فريق العرض تجسيدها، لعلنا نصل الى الحلم المنشود بين طرقات الخوف والموت، يضيع فيها العمر هباء.
كل منا سندباد، يحمل حكايته ليرويها، انها حكايات الظل، حكايات الحقيقة وسنرى أنفسنا هناك، تجربة تنحو منحى خارج السياق المألوف في فنون الظل المعروفة من قبل المتلقي، من حيث الفكرة من جانب، والاسلوب التقني من جانب آخر.
استعملنا التقنية الرقمية والمونتاجية السينمائية، كما سعينا الى الاقتصار على وجود ظل واحد، كراو، ومؤد، وحيد في العرض ( مونو مايم خيال الظل )، وهذا جديد في مجال تجارب فنون الظل، وهو ما يحسب الى هذه التجربة الادائية، وفرادتها في التقديم، والتي تعتمد ظلال الاشياء والاجسام المشكلة للفضاء وبيئة العرض.
وهذا يعني أن فنون الظل ستكون هي فنون المستقبل حسب هذه الرؤية والفعل الابداعي المنظور؟
فعلا ..إن فنون الظل هي فنون المستقبل، الذي يمكن أن يعكس التطور التقني، والمعرفي، والجمالي، كما انه أرض خصبة للتطوير والتقدم، بعد أن عانى الفن الحواري من أزمة المراوحة، والثبات في العقود الاخيرة .
فنون الحركة والظل سيكون لها الفضاء الرحب امام الفرجة الجماهيرية، لما يتمتع به الظل من مشاركة بصرية، ووجدانية مع المتلقي، لأنه جزء من التجربة الذاتية، ومرتبط بذكريات الطفولة، وهواجس الذات، ومن التعبير المجازي للغتنا المنطوقة، كما يمدنا بإمكانات واسعة للتعبير الجمالي والصوري، بنحو واسع، كما يمكن لنا ادخال التقنيات البصرية.
استطعنا في هذا العمل من تطبيق التقنيات البصرية والمونتاجية السينمائية بنحو يتيح تجسيد وتصوير بيئات واسعة، مما ترتب عليه ولوج تجربتنا الى مجالات تقنية سينمائية، تحقق لنا تصوير وتجسيد البيئات الافتراضية، التي يسعى العمل لتحقيقها وتقديمها في العرض الظلي الصامت، كما يفتح الباب واسعة لتحقيق المشاهد الافتراضية والسريالية بنحو أوسع، ويحقق الطرح الجمالي والأثر البصري على المتلقي، الذي خبر الصورة، والحركة، ودلالاتها، اثر التقدم التقني والبصري الواسع للأنترنيت، والساتلايت، واجهزة التواصل التقني، والاجتماعي الرقمي.
اذا كان الامر كذلك فما الذي يميز هذا العرض عن عروضك السابقة شكلا ومضمونا؟
– تجربة (السندباد) الظلية تختلف عن بقية التجارب الظلية السابقة، من حيث اعتماها على الافق التقني في تشكيل فضاء العرض، بعيدا عن الاسلوب السابق، الذي كان يركن الى استعمال اسلوب الاداء المعروف في الاعتماد على قدرات الجسد، او الاجساد مجتمعة في تشكيل الفضاء، وتكوين البنى الشكلية للعرض.
استعين هنا بالتقنية الرقمية لتشكيل الفضاء من جانب، واعطاء بعد آخر لم يكن للتجارب الظلية المقدمة من الفرق الغربية المعروفة، حيث أضفنا البعد الثالث للظل، اذ من المعروف أن تقنية الظل تعتمد على بعدي الطول والعرض لظل المؤدي وللأشكال مع استعمال الشفافيات التي تحوي البعدين، وقد استعملناها سابقا، وانتفت الحاجة اليها في عرض السندباد، مستعينين فيها بقدرة الصورة الرقمية من تشكيل البيئة الظلية، الثلاثية الابعاد ( الطول، والعرض، والعمق)، كما تمكنا من اضافة البعد الاخر للأشكال، وهي اللون والخامة للشكل وللفضاء الافتراضي. لم يكن من السهل ادخالها في العروض المعروفة، وهذا ما يحسب لهذه التجربة المعاصرة، فهذه الخطوة التجريبية كلفتنا جهدا معرفيا لاكتشاف قدرات التقنية الرقمية، التي كانت بعيدة عنا لأسباب ثقافية، جعلتنا لا نركن اليها، وأنها بعيدة عن اختصاصنا وضرورياته الفنية والجمالية، الا في مجالات ضيقة يؤديها فنيون أكفاء، فاضطررنا لولوج فضائها الواسع لخلق المشهد الدرامي، أو التعبير عن الحالة الإنسانية، والذي تطلب لأجله وقتا طويلا، كذلك تطلب قدرا من المال للمنفذ، والمصمم التقني وبرامجياتها الواسعة، والمتعددة وهي من الاختصاصات النادرة والمكلفة ايضا . ومن جانب آخر، التجريب ومدياته والوقوع بأخطائه لأننا ندخل مكانا لم يخبرنا أحد به أو قام بتجربتها فاعتمدنا على الذات وقدراتها، كما تطلبت بعض المشاهد الجمع ما بين الاسلوب الادائي التقليدي للظل، ودمجه مع التصوير الفيلمي، وادخاله للتقنية الرقمية، لخلق اشكال، وبيئات تحقق الفكرة الرمزية للمشاهد وابعادها التعبيرية الحديثة.
يبدو أنك ما زلت تنحت وتصوغ شكلا مسرحيا صعب المنال لكنه سهل التوصيل لرسالته لشعوب العالم على اختلاف لغاتها، ما العوائق التي واجهتك فنياً وفكرياً وجمالياً وإبداعياً؟
– المسرح الصامت بنحو عام والظلي، بنحو خاص له شروطه ومواصفاته الجمالية والادائية، كذلك له لغته التي تركن الى لغة الايماءة والحركة، للتعبير عن الحكاية الافتراضية والمجازية، وبخاصة نحن هنا نتحدث عن فن الظل، الذي يجرد المجرد، بعيدا عن لغة الكلمة ودلالاتها اللغوية، للاعتماد والاكتفاء بأبعاد الايماءة، ودلالاتها للتواصل مع الفكرة من قبل المتلقي، الخبير بلغة الايماءة والتعبير الحركي، والذي يتطلب منا الدراية بفنون الايماءة، ودلالاتها، وبنيتها، وكيفية ارسالها وتلقيها من قبل الجمهور، حيث يصبح التواصل هاجسا متواصلا، مع مجموعة العمل في شروط التداول وتحقق المعنى والرسالة، وتحقق فكرة العمل وطبيعتها التقدمية، التقنية الحديثة.
هنا نفتح المجال لحوارية بصرية دلالية مع المتلقي، تجعل التجربة الفنية المسرحية أمام محك مع المتلقي .. لغة الحركة والايماءة اصبحت من أهم لغات التواصل ما بين البشر، وهذا يدفع التجربة الظلية الحداثوية الى الدخول في مجال الايماءة ودلالاتها، إذ تشير الدراسات الثقافية أن ( 90 % ) من لغة التواصل بين البشر هي لغة الحركة والايماءة، وأن المتبقي منها هو لغة الكلمة والصوت، وبذلك تصبح فنون الظل الايمائية، أقرب لغة الى ذهنية المتلقي .
وهل يصلح أي مسرح لعروضك التي تتطلب تقنيات وأدوات فنية، وعناصر تمثيلية ذات مزايا جسدية مرنة، تستجيب لمعالجات درامية غير تقليدية؟
– العرض الظلي الحديث ( مايم خيال الظل ) يتطلب بيئة مكانية خاصة يشترط فيها العمق خلف الستارة والاظلام التام، فالأماكن المفتوحة لا يمكن تقديم العرض الظلي فيها الا في شروط خاصة .
ادوات العرض ستارة بيضاء كبيرة، ذات خامة خاصة مناسبة، مع جهاز اضاءة، مما يجعله قليل الكلفة ماديا، وصعب التحقق للشروط الطبيعية، كذلك التمرين المستمر لمجموعة العروض التي تتطلب مؤديا ايمائيا من جانب، وواعيا بشروط وأعراف مايم خيال الظل.
إن مواصفات ممثل خيال الظل (الجسدية، والعقلية، والأدائية) هي: الذاكرة والحساسية، والذكاء، وسرعة الإدراك، والتذوق للموسيقى، والمعرفة بفن الرسم والنحت، والمعرفة بمبدأ الانسجام والنسب، وتكامل الهيئة الجسدية، وسرعة الحركة والمرونة، وحسن الخلق، والجدية بالعمل واتقانه من حيث النسب، والتوازن، والتناسق في الأداء، وأن يكون ذا حس إنساني متقدم، وأن يتماها مع الموضوع المقدم، وأن يكون رياضيا ومتمكنا من أدواته، ومرتبطا ببيئته الثقافية، ذو ذاكرة حسية وانفعالية متمرسة، وعارفا بأعراف التمثيل الإيمائي، وتقاليد خيال الظل، وبمفهوم الإيماءة وآليات الإرسال والقراءة .
للظل الصامت لغة، ولغته تتكون من العناصر: الشكلية، والأدائية، والإيمائية، واللونية، والفراغية، والصوتية، التي تتشكل وتندمج في فضاءات الشاشة البيضاء، لتشكل المعنى الظلي في بنية سمعية بصرية رصينة، ولأجل أن يجذب عمل خيال الظل انتباه المتلقي، وأن يؤدي دوره التعبيري، وجب أن تنتظم عناصره، فيؤدي دورها الجمالي والدلالي المطلوب في العمل، والاستعمال الصحيح لهذه العناصر يجعلها ذات أثر حسي وذهني في الوقت ذاته، من الناحية الجمالية والدلالية.
إذا كان الامر كذلك فما الرسالة التي اردت ايصالها محلياً وعربياً ودولياً؟
– الهدف هو جمالي، وتقني، وادائي، ان لا نقف على حافة الفن والابداع، اذ لا حدود، ولا هوية خاصة به، فلا ضرورة للمراوحة حول ما هو منجز، فالعقل والخيال مدياته أوسع مما نعتقد، فلا خوف من التجريب، والبحث عن اشياء لم نكن نبحث عنها، فكل شيء بات متوفرا من حولنا الصورة، والتكنلوجيا الحديثة، فمن الضرورة اتخاذ موقف من قفزات العصر وتطوره.
وما الذي تراهن عليه في هذا العرض شكلا ومضمونا؟
– عرض ايمائي ظلي عراقي شكلا ومضمونا يروي حكاية تمثلنا وحدثا يصور بيئتنا وثقافتنا وهمنا، عرض لا يشبه أي تجربة غربية. (السندباد) حكاية ظل هارب من سرديات ألف ليلة وليلة، ليروي حكايتنا نحن العراقيين، عن حلم قديم لم يتحقق منذ نشأتنا بين يدي ارادة السماء، وصولا الى نزاعنا اليومي، تائهين بين الحروب والصراعات، ولا تتحقق. أما الشكل، فلا أرغب بالتقليد والاتباع، تعلمنا ألف باء الظل، وعلينا ان نكتب أحرف الظل الاخرى، ولعلنا نصل الى تحقق ذلك، اتمنى ذلك بأذن الله. فاتجاه ما بعد الحداثة فتح الباب على مصراعيها، للولوج الى علم الصورة، والتعبير الظلي الحديث، لتكون لنا البصمة في ذلك محليا أولا ليكون درسا للجيل المقبل. ولعلنا نستطيع أن نوصل تجربتنا الى مصاف الدول العربية لإيصال رسالتنا للآخر.
وما المشاريع الجديدة لـ(ورشة دمى للتمثيل الصامت وخيال الظل ) ؟ وما أبرز منجزاتها التي تصب في إطار تفعيل التمثيل الصامت، والرقص الدرامي وخيال الظل؟
– نأمل تطوير فن مايم خيال الظل، باستعمال اساليب حديثة، ونشر تقاليده بين شبابنا لتطوير امكاناتهم الادائية، والتقنية، والتعبيرية، وامكانية توظيفه في المسرحيات اللفظية، والتعاون معهم كضرورة جمالية ودلالية، كما عملنا في مسرحيات اخرى ومنها (امام البابا، وماراثون).
الولوج نحو أنماط ادائية متعددة اخرى تنضوي تحت يافطة التعبير الحركي، او المسرح الحركي، والصامت، أو الايمائي، فكان الرقص الدرامي من بين الابواب التي خاضتها الورشة في البحث، والتجريب داخل المؤسسة، لتشارك بالنشاطات الفنية خارج حدود الجامعة في النشاط المحلي والدولي.
وكانت تجربتي (شك) رقص درامي عام (2007) (كرستال) عام (2008 م) وعرض (السينما تحت اقدام شارلي)، يجمع ما بين المايم، والرقص الدرامي، وأعمال اخرى. كذلك الدخول الى عالم ( مايم شوارع ) لتقديم اعمال في الساحات والاماكن المفتوحة، فكانت الورشة مع ( مهرجان دربندخان الدولي لمسرح الشارع 2010 )، كذلك المشاركة في تقديم عروض مع طلبة الكلية في تأسيس ( مهرجان العروض الايمائية القصيرة ) السنوي في ساحات الكلية، كذلك مهرجان الشارع في جامعة بابل، والمشاركة مع ( الهيئة العربية للمسرح ) في تقديم الفعاليات الايمائية الصامتة في مهرجان الشارقة ( 2016 ) في ساحاتها، كذلك فتحت الورشة للتعاون مع المؤسسات التربوية، ومنها تقديم الورش لتعليم المسرح الصامت لوزارة التربية في بابل، كذلك وزارة الشباب، ومراكزها في بابل ومهرجاناتها السنوية، كذلك الورشة لخيال الظل لذوي الاحتياجات الخاصة ( لمعهد الامل للصم والبكم ) في بابل .
في هذا السياق وفي ضوء تخصصك الدقيق في هذا اللون من المسرح ما المقترحات التي تراها فاعلة ومؤثرة في إشاعته وتعميمه؟
– تفعيل الورش مع المؤسسات المتعددة، ومنها التربوية، والأكاديمية، بخصوص فنون الايماءة والتعبير الحركي الصامت ( المايم، والبانتومايم ) وفنون خيال الظل الحديث الصامت، لمواكبة التطور الثقافي والصوري والتقني والادائي الحديث، لأنها لغة العصر وفنونه، كذلك ضرورة الدعم الاعلامي والصحفي لتسليط الضوء على هذا الفن، واهميته، وجماليته الاخاذة، لأنه من أقرب الفنون الى الذات ودواخلها عبر لغة الايماءة.
والظل لغته الخيال (لعبة قديمة قدم الإحساس بالشكل، واللون، والحركة) تجربة تسقط ظل الخيال والأسرار والبواطن والواقع.
كما قامت بذلك التوجه ورشتنا في جامعة الكوفة في تقديم ورشة مايم خيال الظل الحديث، وورشة الظل الصامت، مع معهد الامل لذوي الاحتياجات الخاصة ( الصم والبكم )، والتي اتاحت الفرصة لتعرف الفتيان بهذا الفن، والتعبير عن ذواتهم الصماء بنحو فني وجمالي ودلالي فاعل، وضرورة دعم الاعمال الايمائية للمشاركة في المهرجانات الرسمية داخل العراق وخارجة، فالعصر الحديث هو عصر الحركة والايماءة وتقنية الصورة، لأنها تنافس الكلمة المنطوقة، وهذا جواب الجدل الحاصل نحو المهرجانات المسرحية المحلية والعربية، التي تركن الى الكلمة من دون لغة الجسد .
كلمة أخيرة …
– الجسد عقلنا الكبير، منبع الوعي والفكر والحركة، في الفن كان الحوار واللعبة مع (الجسد، والروح)، (الأصل، والصورة)، (الأسود، والأبيض)، (الظل، والضوء)، (أنا، والظل).. منذ القدم ومع الطفولة، لا يمكن أن يوجد أحدهما من دون الآخر، ولا يمكن أن يوجد مخلوق، أو كائن حي، أو جماد، بغير ظل. فن الظل هو فن المستقبل، فن الحقيقة ذاتها. سيحقق عرض (السندباد ) حلم التوحد والانصهار مع الذات بلا وسائط، نتمنى ان يحقق ذاته على خشبة المسرح العراقي .