صناعة الكيزان في إقليم كردستان !

يحكى ان رجلا كان يمتهن صناعة الاكواز او الكيزان (جمع كوز) وهو اناء فخاري له عروة تشبه الاذن يشربون فيه او يصبون منه الماء .. وكان الرجل ماهرا ومشهورا في هذه الصناعة ويقصده الناس من كل فج عميق ، واذ ما توسعت صناعته اضطر إلى استخدام عامل لمساعدته ، وبعد مضي اشهر قلائل جاء العامل لصاحب العمل ليخبره قراره بالانفصال بعد ان اتقن الصنعة وبات بإمكانه ان يفتح مصنعا خاصا به !! .. لم ينزعج صاحب العمل من الامر ، انما رحب بالفكرة ، وقال له ، لك ما تريد ولكن لي عليك ثلاثة شروط ، الاول ان تكون كيزانك باسمك ، والثاني ان لاتسألني شيئا عن الصنعة ، والثالث ان لاتعود الي متوسلا فيما لو فشلت في عملك ، قال الذي يريد ان ينفصل ، لن اعود اليك ولست محتاجا لسؤالك وسيكون اسمي علامة دالة في صناعة الكيزان في البلدان !! .. قال صاحب العمل ، امض على بركة الله متمنيا لك التوفيق ونلتقي على خير !! .. بدأ الانفصالي عمله في اليوم الثاني وهو يتقن الصنعة كما كان يعتقد ، ولكن فوجيء ان كل كوز يصنعها سرعان ما تنكسر لمجرد ان يضعها على الارض ، حاول وحاول وحاول فلم يفلح في صنع كوز واحدة ، تحير في امره وشعر بالهم والحزن .. فما عساه ان يصنع ؟ .. هل يعود لسيده الذي وضع عليه شروطا قاسية وهو قبل بها ، ام يبقى يتجرع الخسارة حتى يفقد كل امواله ؟؟ .. وبعد جولات من التفكير والاستشارة ، اشار عليه خاصته ان يتحمل خرق بنود الاتفاق ويتنازل لصاحبه ليسأله عن السر ، فان ذلك اهون من فقدان ثروته الناشئة ، وهكذا ذهب مطأطئا رأسه طالبا العفو من سيده راجيا منه ان يخبره عن سر الصنعة ،.. ضحك السيد بملء شدقيه ، وقال له ، الم اقل لك انك لن تفلح في مسعاك ، فانت « غشيم» !! واخذت من الامور ظواهرها ، وعلمه كيف يقوم بصناعة الكيزان من دون ان تتعرض للكسر ، ليكتشف ان العملية كانت في غاية البساطة وهي لاتحتاج سوى عقل يفكر ، ولكن (الطفكة) منعته من التفكير وقادته إلى الخسارة !!
حكاية صانع الكيزان هذا تشبه إلى حد كبير قصة السيد مسعود البارزاني من خلال المواقف والسلوكيات التي مارسها وهو يسعى إلى الانفصال في وقت هو لايجيد صناعة الكيزان ولا ادامة العلاقة مع الجيران ، فكانت النتائج وخيمة جدا عليه ورهطة الذين سعوا إلى تقسيم الوطن متوهمين انهم يمتلكون من الكفاءة ما يؤهلهم من تشكيل دولة بين الجبال سيكون حتى الهواء شحيحا عليها ،.. فالبارزاني لم يعر اذنا صاغية لدعوات بغداد المتكررة والمستمرة إلى ضرورة العودة إلى العقل والمنطق وعدم تأزيم الموقف لأن التأزيم ليس من مصلحة الاقليم ولا من مصلحة العراق والمنطقة عموما .. وعلى الرغم من كل مايقوم به الانفصاليون من خطوات تصعيدية واستفزازية الا ان بغداد تكلمت بلغة المنطق والعقل في مسعى واضح لتجنيب البلاد والعباد من اي تداعيات غير محسوبة العواقب كان السيد البارازني يريد جر البلاد اليها من خلال افتعال الصدام العسكري .. ولكن سارت الامور بعكس اتجاه رياح التأزيم ، بعد ان تمكنت الحكومة من اعادة كركوك بسلام وفرض سلطاتها في الكثير من المناطق ، وكل تلك الاجراءات اسهمت في تجريد السيد البارزاني من ادوات التأزيم فما كان امامه سوى ان يغادر ، وان رحيله يمثل بداية جيدة لمرحلة جديدة في الاقليم وفي العراق ، مرحلة تقوم على اساس احترام الدستور ومعرفة حجم وحدود كل جهة من الجهات لاسيما في ادارة المناطق المختلف عليها بعيدا عن اختزال الاقليم في شخص واحد كما هم الطغاة دوما.
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة