حضور فاعل لمبدعي المسرح العراقي في مهرجان القاهرة الدولي التجريبي

اختتمت فعالياته يوم الجمعة الماضية
متابعة الصباح الجديد:

من جديد تسجل نخبة من مبدعي المسرح العراقي حضورا فاعلا، مفعما بتنوع في العطاء الفكري والابداعي والجمالي ، في واحد من أعرق مهرجانات المسرح العربية والدولية التي عرفت باستقطابها للقدرات والخبرات المسرحية الابداعية، محققين عبرعقود عدة حصادا وافرا من الجوائز والمراكز المتقدمة تأليفا واخراجا وتقنيات وبحوثا ودراسات، وهاهم يعيدون الكرة في الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصروالتجريبي ، الذي انطلقت فعالياته الثلاثاء الماضي التاسع عشر من أيلول سبتمبر الجاري، وتختتم يوم غد الجمعة التاسع والعشرين منه، وافتتحه الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة في المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية .
حفل الافتتاح حضره رئيس المهرجان دكتور سامح مهران والمخرج ناصر عبدالمنعم منسق عام المهرجان وأعضاء اللجنة العليا للمهرجان، فضلا عن عدد كبير من المسرحيين ونجوم الفن والثقافة المصرية والعربية والعالمية ، وبدأ الحفل وعقب السلام الجمهوري مباشرة بفقرة لفرقة التنورة التراثية التابعة لهيئة قصور الثقافة، تلاها فيلم تسجيلي قصير عن فعاليات المهرجان.
الدكتور سامح مهران رئيس المهرجان القى كلمة عقب الفيلم رحب فيها بضيوف الدورة، وكشف بعض ملامحها ، مؤكدا: « المسرح يا سادة هو دولة المواطنة الحقة لأنه ولد من رحم المدنية ، التي ترد إلينا ما تناسيناه من تسامح وتعددية وعدالة تلحق بالظلم أيا كان مصدره وترده عن غيّه، فمن دخل المسرح أو عمل به أو شاهد عروضه فهو آمن من شرور العالم كله «.
ثم القى وزير الثقافة الكاتب الصحفي حلمي النمنم كلمة لمناسبة الافتتاح، وتم تسليم دروع التكريم لأربعة من كبار المسرحيين واسم الراحل محفوظ عبدالرحمن، والمكرمون هم الألمانية اريكا فيشر ، والأميركي مارفن كارلسون، والصيني مونغ غونغ خواي، والمغربي حسن المنيعي.
وشارك فى فعالياته 13 عرضا مسرحيا من دول أجنبية وأفريقية، بالإضافة لـ7 عروض مسرحية مصرية فضلا عن مشاركة 7 عروض عربية تقدمها عرضان عراقيان، فضلا عن مشاركة أكثر من 10 نجوم وباحثين وأكاديميين مسرحيين عراقيين.

مسرحية (عَربَانة)
وفي هذا السياق، شاركت الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، بمسرحية (عربانة التي كتبها حامد المالكي، وأخرجها عماد محمد، وتحكي المسرحية قصة مواطن بسيط يدعى حنون، لا يمتلك غير العربانة، فهي مصدر رزقه اليومي، وهو مهووس بمتابعة القنوات الإخبارية التي جعلته يعيش ليل نهار مفارقات ساخرة، بدءا بحلمه بالعيش الكريم، وانتهاء بعلاقته مع زوجته، ثم تدور عجلة الزمن سريعا لتحدثنا عن ذكريات ومحطات حدثت في حياته سابقا.
المسرحية سبق أن عرضت في مهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الاولى عام 2013 ، وحصلت على جائزتي (النص والتمثيل) وكذلك رشحت لجائزة الشيخ القاسمي في مهرجان المسرح العربي في الشارقة، ونالت ثاني أفضل عمل بعد مسرحية (ريتشارد الثالث) من تونس.
مسرحية (عربانة) من بطولة الفنان القدير عزيز خيون والفنانة المبدعة زهرة بدن ،التي حلت بدل الفنانة لمياء بدن بسبب وعكة صحية ، والفنان يحيى إبراهيم ، والفنان بهاء خيون، ومن الشباب الفنان ياس خضير، والفنان هشام جواد، والداتا شو هشام كاظم ، والموسيقى ضياء عابد ، والديكور حسين علاوي ، والإضاءة محمد رحيم وعباس قاسم .

مسرحية (انفرادي)
كما شارك المسرح العراقي ، بعرض (انفرادي) من انتاج اتحاد المسرحيين العراقيين – المركز العام – بغداد ،وهي من تأليف حيدر جمعة ، وإخراج بديع نادر ، وتمثيل الفنانين: مرتضى حبيب، وتحرير الاسدي ، ومحمد بدر، وسينوغرافيا بشار عصام، ودراماتورج مجد حميد ، وتتناول المسرحية ثلاث شخصيات مختلفة من المجتمع العراقي، تدخلها الحروب في متاهة فوق أرض غير ثابتة من المفاهيم الفئوية والأيديولوجية لا خروج منها، ويبقي الإنسان في صراعه حول الهوية الضيقة متغافلاً عن هويته الوطنية والإنسانية.
وتم اختيارالعرضين من لجنة المشاهدة الدولية للمهرجان من بين عشرات الاعمال العراقية المقدمة، ومئات الاعمال العربية والدولية بعد تقديم ملفات خاصة عن العرضين ،اسوة بباقي العروض الاخرى المرشحة .
نجوم وباحثون وأكاديميون عراقيون
وفي إطارمشاركة مكملة للحضور المسرحي العراقي الفاعل، الذي يعد مؤشراً عالياً على قدرة المسرح العراقي على المنافسة عربياً ودولياً وفي مهرجانات كبيرة ومهمة ،شارك أيضا عدد من المسرحيين العراقيين الفاعلين على مستوى المسرح العراقي والعربي والدولي ، بلغ عددهم اكثر من عشرة نجوم وباحثين وأكاديميين ، في الدورة الرابعة والعشرين مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصروالتجريبي ، وهم كل من الناقد عواد علي (قدم بحثا عن مسرح الصورة القاه نيابة عنه الدكتور جبار جودي)، والدكتورميمون الخالدي، والدكتور هيثم عبد الرزاق ، والنجمة الدكتورة شذى سالم ،والدكتور أحمد شرجي، والمخرج كاظم نصار، والاكاديمي المسرحي الدكتور جبار خماط، والاكاديمي المسرحي الدكتور محمد حسين حبيب، والناقد المسرحي بشار عليوي، والمخرج المسرحي علاء قحطان، وترأس الوفد العراقي المخرج والسينوغراف المعروف الدكتور جبار جودي.

عزيز خيون : اعباء ومسؤوليات مضنية
ويقول الفنان عزيز خيون عن المشاركة في المهرجانات المسرحية: « بدأ البعض يتصور أن المشاركة في أي مهرجان مسرحي أو فني آخر نزهة وترفيه أو سياحة، وهو هنا واهم، إذ تترتب على هذه المشاركة اعباء ومسؤوليات مضنية يحدوها انفعال مستمر وقلق مسيطر، ليس مخافة الفشل والاخفاق، لا قدّر الله، بل لأنك في ذلك تمثل بلدك خارج حدوده لتقدم مستوىً ثقافياً وفنياً وحضارياً وأخلاقياً، حتى يمكنك من أن تعكس ما اؤتمنت عليه من قبل جمهورك هناك الذي ينتظر منك ايصال أمانة الرسالة للعالم «.
وقد قدم العرض المسرحي العراقي (العربانة) للفرقة الوطنية للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح ، يومي 24-25 من الشهر الحالي على خشبة مسرح السلام وسط القاهرة، في حين قدمت مسرحية (انفرادي) لفرقة اتحاد المسرحيين العراقيين – المركز العام على خشبة مسرح العرائس ، وحظيتا بإعجاب وتقدير وثناء جميع المعنيين من المشاركين بالمهرجان، من فنانين ونقاد واعلاميين واكاديميين .

ورشة العيادة المسرحية
وهذه الورشة المسرحية التدريبية المغايرة لكثير من الورش المسرحية التي شهدها المهرجان، جاءت تحت عنوان (العيادة المسرحية) وقدمها المسرحي العراقي الدكتور جبار خماط، الذي عمل كمدرب للتنمية البشرية كما أنه مخرج وناقد وممثل، وهو رئيس قسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد، ومن أعماله مسرحية: رؤيا الفردوس، الاغتصاب، أيام رباعيات الخيام، يوميات مواطن منسي، الوطن أولا، وغيرها.
والعيادة المسرحية مشروع أسسه د.خماط، ويهدف الى تقديم المساعدة النفسية والاجتماعية لضحايا الحروب والمرضى النفسيين والمدمنين، من خلال التدريب على التمثيل ونشر الأفكار لزرع الثقة وصناعة المستقبل، وتقديم النتاج للجمهور من خلال عمل مسرحى، المشروع معني بالناس المنسيين في الأماكن البعيدة، الذين يحتاجون الى المسرح والنور الجمالي حتى يتمكنوا من معرفة وجودهم الحي في ضوء الصورة المسرحية، وخطاب الصوت الحميمي الذي لا يشعرهم أنهم وحدهم على هامش الوجود أو لا ضرورة لتفاعلهم، الناس في العيادة المسرحية ممثلون يتعلمون بالتمثيل كيف تكون الحياة .

مكانة عالمية مرموقة
واحتل المهرجان مكانة عالمية مرموقة طوال 22 عاما، مستقطبا عروضا تجريبية لمخرجين وفرق مسرحية من ست قارات، حفّز العديد منها المخرجين العرب على تعميق رؤاهم ومقارباتهم، وإطلاق العنان لمخيلاتهم ومغامراتهم الإبداعية.
وعلى صعيد الثقافة المسرحية نشر المهرجان ترجمات للعشرات من الكتب العالمية حول نظريات المسرح وتقنياته وتجاربه، وضيف كبار المسرحيين من الغرب والشرق في لجانه التحكيمية، وعقد ندوات متخصصة، ومناقشات للعروض المشاركة، وورشات تدريبية، وقراءات مسرحية، وغيرها من الأنشطة الأخرى ذات الصلة، ويشارك في المهرجان غير التنافسي 27 عرضاً من 16 دولة عربية وأجنبية فيما يبلغ العدد الإجمالي للمشاركين في الندوات وورش العمل والعروض نحو 400 شخص.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة