أميركا: الاستفتاء سيزيد من حالة عدم الاستقرار والمشاق لإقليم كردستان وشعبه

أردوغان يهدد باتخاذ إجراءات رادعة
السليمانية ـ عباس كاريزي:

بين ترقب حذر يعيشه المواطنون في الاقليم وتهديد ووعيد بعقوبات وحصار وطبول حرب تقرع من هنا وهناك، عقب اجراء الاستفتاء على استقلال الاقليم الذي كان بمنزلة تحدي لاغلب دول المنطقة والعالم، تلوح الحكومة الاتحادية ودول الجوار باتخاذ اجراءات رادعة ضد السلطات في اقليم كردستان.
وفيما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان، أن نسبة المشاركين في استفتاء الاستقلال بلغت 72 بالمئة، عبرت الولايات المتحدة عن خيبةُ أمل كبيرة جراء اجراء الاستفتاء ما من شأنه ان يزيد من حالة عدم الاستقرار والمشاق لكل من اقليم كردستان وشعبه.
المتحدث باسم المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء شيروان زرار قال في مؤتمر صحفي إن «أربعة ملايين و581 ألف و255 شخصا كان لهم حق التصويت في استفتاء، الا ان 3 ملايين و 305 ألف و 925 أدلوا بأصواتهم»، مشيرا إلى ان نسبة المشاركة بلغت 72%.
واضاف زرار أن نتائج التصويت النهائية في استفتاء استقلال كردستان ستعلن خلال 72 ساعة، الا ان اغلب الملامح تؤشر بفوز نعم للاستفتاء ما يعد تفويضا من قبل شعب كردستان للمسؤولين للتفاوض والبدء باجراءات الاستقلال والانفصال عن العراق.
عضو المجلس الأعلى للاستفتاء صادق جباري في تصريح للصباح الجديد انه وبعد اجراء الاستفتاء في اقليم كردستان العراق، من المقرر أن يتم تبديل اسم المجلس الأعلى للاستفتاء الى المجلس الأعلى للإستقلال.
واضاف جباري انه سيتم تغيير اسم المجلس الاعلى للاستفتاء الى المجلس الأعلى للاستقلال في الجلسة المقبلة للمجلس مع تحديد واجباته.
وأضاف اننا كنا نتوقع ان يكون التصويت بنعم على الاستقلال وان عدد المشاركين في الاستفتاء كان كثيفا وسعدنا بما حققناه بخصوص الاستقلال.
بدورها تسعى الولايات المتحدة لتهدئة الاوضاع وامتصاص حدة التشنج المتنامي بين حكومتي المركز والاقليم، واصدرت المتحدث الرسمي باسم الخارجية الاميركية هيذر نورت بياناً عبرت فيه عن خيبة الامل الكبيرة التي تحدو الولايات المتحدة جراء قرار حكومة إقليم كردستان باجراء استفتاء على الاستقلال، الذي عدته اجراء احادي الجانب ليشمل مناطقا تقع خارج إقليم كردستان العراق.
واضاف بيان الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة لن تغير العلاقة التاريخية التي تربط الولايات المتحدة بشعب اقليم كردستان العراق، في ضوء استفتاء اليوم غير الملزم، مشيرا الى ان من شأن خطوة من هذا النوع أن تزيد من حالة عدم الاستقرار والمشاق لكل من اقليم كردستان وشعبه.
مبيناً ان الاستفتاء الاحادي الجانب سوف يفاقم من تعقيد علاقة حكومة اقليم كردستان بكل من حكومة العراق والدول المجاورة الى حد كبير. وفيما اكدت مجددا دعمها لعراق موحد فيدرالي ديمقراطي، طالبت كل الاطراف الى أن تنخرط في حوار يرمي الى الارتقاء بمستقبل العراقيين، معلنة معارضتها للعنف والخطوات الاحادية الجانب من قبل اي طرف والرامية الى تغيير الحدود. وفي اطار الاجراءات الرادعة والعقوبات والتهديد والوعيد الذي تهدد ايران وتركيا حكومة الاقليم به، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في احدث تصريح له إن تركيا ستكون دائماً إلى جانب مصالح الكرد والعرب في العراق وسوريا، وستعمل تركيا على حماية مصالحهم، داعياً الكرد إلى أن يكونوا يداً واحدة مع الأتراك.
وأضاف اردوغان في خطاب له امس الثلاثاء، أن الخطوة التي أقدمت عليها حكومة إقليم كردستان تعد اغتصاباً لحقوق الأعراق الأخرى التي تعيش في المنطقة، وتهديداً لوحدة الأراضي العراقية، مشيرا الى أن الاستفتاء غير دستوري ولا تعترف به الحكومة العراقية، ولم يعترف بهذا الاستفتاء غير إسرائيل، مشدداً على أن نتائجه مشوبة ولا يوجد له أية شرعية، محذراً أن كرد العراق سيتضورون جوعاً عندما نمنع عنهم عبور الشاحنات. وبينما تعاني حركة النقل والتواصل بين مدن اقليم كردستان ووسط وجنوب البلاد توقفا شبه تام جراء اجراء الاستفتاء، وتعطيل الدوام في مدن الاقليم، علمت الصباح الجديد ان كثيرا من المواطنين يعجزون عن تأمين سبل العودة الى محافظاتهم في وسط وجنوب البلاد نتيجة لتوقف حركة النقل العام بين محافظات الاقليم والعاصمة بغداد خلال الايام السابقة.
واعلن قائممقام قضاء خانقين محمود ملا حسن ان العديد من نقاط السيطرة الموجودة على طريق خانقين بعقوبة تمنع المواطنين الكرد وتضع العراقيل امام توجههم الى بغداد ما تسبب بقطع شبه تام للتنقل بين مدن الاقليم والعاصمة بغداد.
واضاف ملا حسن ان الحكومة العراقية قامت في معرض اتخاذها اجراءات رادعة بحق الاقليم باغلاق الطريق الواصل بين مدينة خانقين ومحافظة ديالى، وهو ما اكد انه سيضر بمصالح المواطنين من الجانبين.
في غضون ذلك استبعد تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أن يتسبب الاستفتاء على الانفصال الذي أجري في كردستان في تخريب العلاقة الاستراتيجية بين بارزاني واردوغان، نظرا لوجود مصالح اقتصادية وعسكرية بين الجانبين.
ويلفت التقرير إلى أنه منذ قرابة عقد من الزمن، دأب أردوغان على تأييد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، في مواجهة حزب حزب العمال وبالمقابل، سمحت حكومة إقليم كردستان لتركيا بالقيام بعمليات عسكرية داخل أراضيها ضد حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن بناء قواعد عسكرية تركية في المناطق التي تسيطر عليها.
ويضيف التقرير «ثمة روابط اقتصادية قوية أيضاً بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان، ويلفت إلى أن «امدادات النفط والغاز بين أنقرة وإقليم كردستان العراق هي الأكثر أهمية؛ حيث تصدّر كردستان (التي لا تطل على سواحل) ما لا يقل عن 550 ألف برميل من النفط يومياً من خلال خط أنابيب عبر جنوب شرق تركيا إلى البحر المتوسط، ويُعد تصدير النفط المصدر الرئيسي للدخل في إقليم كردستان العراق.
ويخلص التقرير الى أن أردوغان يحرص على إبقاء كل الخيارات مفتوحة، كما يرى المحللون والدبلوماسيون، ويطلق تهديدات ليس لديه استعداد فعلي لتنفيذها، ومن المتوقع أن تستمر شراكة أردوغان مع بارزاني لأن الخيارات الأخرى جميعها سيئة، إلى أن تتدخل إيران في اللحظة التي ينسحب فيها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة