من يربح الوطن !

في المقهى وبعد الانتهاء من مباراة ماراثونية في لعبة الدومينو.. تسلل الملل والسأم الى كل من “أبو وفاء” وصديق عمره “أبو كرم” وكسراً.. للضجر الذي أصابهما من كثر ة تكرار لعبة الدومينو والجلوس على مقاعد المقهى الخشبية.. اتفقا على تمضية الوقت المتبقي من النهار في اختبار معلوماتهما على غرار برنامج من سيربح المليون.. وقد يساهم ذلك باعتقادهما في تنشيط ذاكرتهما التي قد تكون أصابها الصدأ بسبب تقدمهما بالعمر أو بفعل “التشويش” الذي أصاب أفكارهما جراء الأوضاع والتحديات والمشكلات والمآسي التي تحيط بهما وبالمجتمع الذي ينتميان اليه ، فضلاً عن الظروف المعيشية الصعبة والقاسية وحال البلد جراء تكالب بعض الجيران والخلان عليه وغيمة الحزن التي لا تفارق سماءه.. منذ عقود من الزمن!
قال أبو وفاء: بما أنك – موجهاً كلامه الى أبو كرم- مهتم بالسياسية و”حجي الجرايد” وبرامج “المناطحات” الحوارية.. أكو مجموعة من الأسئلة تشغل تفكيري وأريدك تجاوبني عليها بصراحة وشفافية ؟
أجابه أبو كرم: إسأل.. ولو المصايب اللي دتجري على رؤوسنا لا صايرة كَبل ولا دايرة.. إسأل عيوني والله كريم..؟
قال أبو وفاء: باعتقادك ما هو القاسم المشترك بين الطماطة والسياسي ؟
أبو كرم بعد أخذه قسطاً من التفكير.. أجاب ساخراً: هاي شنو.. أبو وفاء.. هذا سؤال لو حزورة.. لكن مع هذا.. راح أجاوب.. أعتقد لأنهما يشتركان في صفة رئيسية واحدة وهي أنهما يدخلان بجميع الطبخات والأكلات الشرقية والغربية فضلاً عن المشويات والمقبلات والسلطات !
عاد أبو وفاء ليسأل.. قائلاً: كيف يُعالج السياسي عندما يُصاب بداء “الإسهال الكلامي” وعندك ثلاثة خيارات.. أولاً: بواسطة عقار.. الانترستوب..؟ ثانياً: عن طريق وضع الشريط اللاصق على الفم ؟ ثالثاً: بواسطة المقص ؟
ضحك أبو كرم قائلاً : هل استعين بصديق أو رأي الجالسين في المقهى؟
أجابه أبو وفاء: لك هذا… عندك ثلاثين ثانية حتى تسأل الجمهور.. وصاح بأعلى صوته أخوان عدكم ثلاثين ثانية حتى تساعدون أخوكم أبو كرم في التصويت على الإجابة الصحيحة! فنهض أبو كرم من مكانه وصاح بأعلى صوته أخوان كيف يعالَج السياسي عندما يصاب بداء “الإسهال الكلامي” ..؟ وردد عليهم الخيارات.. وبعد الانتهاء من المهلة المحددة للإجابة قام أبو وفاء باعلان نتيجة التصويت قائلاً : نسبة التصويت كانت على النحو التالي.. صوّتَ ثمانون بالمئة على الإجابة الثالثة وهي “المقص” وعشرة بالمئة صوتوا على الخيار الثاني وهو”الشريط اللاصق للفم ” وأما العشرة بالمئة المتبقية فقد اختاروا الإجابة الأولى “عقار الانترستوب” !
قال أبوكرم.. أذهب مع الجمهور وأقول “المقص ” !
وصاح أبو وفاء: الإجابة صحيحة… أنه “المقص”.. لأنه.. يقطع اللسان.. ويخلص الآذان.. من عثرات اللسان.. ونستمر في طرح الاسئلة والسؤال هنا.. لماذا يطغى بعض الساسة على أبناء جلدتهم.. هل بسبب المال، أم السلطة، أم الشهرة ، أم الجهل ، أم الغباء !
أجاب أبو كرم: صحيح إن مغريات “الكرسي” والسلطة.. والمال ..هي أهم عوامل فساد وأنحراف السياسي ، لكن أعتقد أن السبب الرئيس هو الصحافة والإعلام !
قال أبو وفاء: معقوله !!
قاطعه أبو كرم: نعم لولا الأوصاف التي تغدقها الصحافة وبعض وسائل الإعلام على بعض مراهقي السياسة .. “مثل القيادي، والزعيم، والسياسي، والمعالي وطويل العمر والمحلل والفاتح والمنقذ.. وغيرها من الألقاب التي تنفخ فيهم نفخاً.. لما وصلنا الى هذا الحال.. لأن البعض منهم يعيش الدور ويعتقد أنه فعلاً زعيم او قيادي محنك.. وعندما يتكلم.. فعلى الجميع التزام الصمت والاستماع الى تنظيراته السنسكريتية ورؤيته الثاقبة لفتحة الأوزون في الشأن المحلي والدولي !
قال أبو كرم: سؤالي الأخير.. باعتقادك لماذا كل هذه الخلافات السياسية.. ومتى تنتهي؟
أجابه: أعتقد أنها بسبب الفوضى الديمقراطية وفهم حرية الرأى والتعبير و تقاطع المصالح والمبادئ والأهداف والمراهقة السياسية والجهل ببواطن وخفايا الامور؟
قاطعه أبو وفاء قائلاً: وأين.. الوطن من كل ذلك ؟
قال أبو كرم : هو المنسي .. في هذه الفوضى !!

• ضوء
ضـــبابيـــة المشهـــد السياسي.. تذهب بالوطن الى المجهول !
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة