مضى اربعة عشر عاما على التغيير في العراق وكان من المؤمل ان يعمل النظام الديمقراطي في البلاد بسلطاته الثلاث من اجل الوصول الى دولة القانون وان يتمتع المواطنون في هذه الدولة بنفس الحقوق المنصوص عليها في الدستور الا ان الأداء السيء لهذه السلطات والتهاون والسماح بمرور وارتكاب الانتهاكات بشتى اشكالها قد اعاق الوصول الى مكاسب النظام الديمقراطي وفشل الكثير من القادة والمسؤولين في الدولة في اقناع المواطن البسيط بان الوعود التي اطلقت على مدى السنوات السابقة يمكن ان تجد لها طريقا للتطبيق وبات العراقيون يتندرون كثيرا بتصريحات ومشاريع قوانين وقرارت يعاد تسويقها في المحافل الاعلامية وفي الحملات الانتخابية من دون ان يكون لها أي صدى على واقع الحياة واذا كان ملف الفساد قد اطاح بكل هذه الوعود واسهم الى حد كبير في زعزعة الثقة بين المواطن والمسؤول فان الحرب على المفسدين وتفعيل القرارات الصادرة بحقهم وملاحقتهم والقبض على بعضهم وايداعه خلف القضبان قد بعث برسائل الامل بالاقتراب من سيادة القانون ويجب الاعتراف بأن الانشغال بالحرب على الارهاب قد بدد واضعف الكثير من الجهود في هذا المضمار واستوجب على رئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته توزيع الجهود باتجاهات متعددة من اجل الاحاطة بمشروع عراقي استهدف محاربة الارهاب ومحاربة الفساد في ان واحد ولابد من القول ان النجاح في هذه المهمة اخذ الوقت الكثير لكن موارد الامل ماتزال قائمة في نجاح العراق في عبور المعوقات واغلاق منافذ الاختراق التي تستهدف سيادته وثرواته وافشال تجربته السياسية الجديدة ومالم تتعاون الفعاليات الحزبية والشعبية مع مساعي الحكومة العراقية في هذا الميدان فان الطريق سيكون طويلا من اجل كبح جماح حركة المخربين والمفسدين ومالم تكف بعض الجهات والاحزاب والمتنفذين فيها من عرقلة تحقيق العدالة ونفاذها فان الكثير من رموز الفساد الذين يتمتعون بعناوين مهمة سيبقون مطمئنين بان هناك من يساعدهم في الافلات من حبال القانون واخراجهم عبر المنافذ الحدودية وفي النهاية ان الحزم في التعامل في هذا الملف مطلوب وان التردد والتراخي سيكرر مشاهد الاحتيال والهرب خارج العراق ويعزز القناعة لدى العراقيين بان السلطة السياسية غير جادة في اعادة البلاد الى سكة القانون ومن المهم ان يدرك كل وطني غيور على وطنه وشعبه بان الوصول المتعثر الى دولة القانون افضل من عدم الوصول.
د.علي شمخي
الاقتراب من دولة القانون
التعليقات مغلقة