انفعالات

ونيس المنتصر
أخاف أن أرى ذاكرتي تتهاوى أمامي،
أيها الباب لن أكبر
وأنت ما زلت مغلقاً عليّ،
أشعر بالكذبة قبل أن يقولها أحد
ﻭبالغياب في لحظة الوداع
عانيتُ من محاولاتي لتجاوز ضبابيتي
من الذاكرة التي سكنَتْ فيّ
وتركَتْ صورتها في الخارج،
ﻻ حبيبة بالقرب من مشارف النهاية
ﻻ التماس لغربة الروح
ولا المساحة تمحو الصوت من صداه
المطر مثلاً
يحاول دلق السحب
يتنفس الغيوم
ويسهو مع النجوم
ولم يعطب قط من نكهته،
بينما يغادرني الليل
وأنتِ بعيدة
ولا نبيذ هنا
وهذه الأعناب يابسة
والحديقة لا أزهار فيها
والتوت مقطوف
أي بحر سيغفر لي؟!
أي جذع سيقتلعني؟!
لم أرتد إلا ظلي
تنبت فيّ أشجار عديدة
لكن جذعكِ الوحيد الذي يتمدد
كالشريان
وينمو في ذاكرتي
حيث تتذوقين عسل نحلك الذي يسكن خلاياي
وتستمعين إلى أصوات الطبول وزفة العرس
بينما أعزي نفسي
وأينما أكون أصطحب وحدتي معي
أزرعكِ حقولاً في كل الفصول
“حاول تفتكرني حاول..حاول”
حلمي نام حينما صحا حلمكِ
وداعاً لن ننتهي…
سأفتكرك في نكهة النعناع
في التفاحة التي نسيت قشورها في يدي
وسقطت على الأرض
في نقوش الحناء والأغاني القديمة
على العشب وتحت الأشجار وارفة الظلال،
في الجريدة التي تتابعينها يومياً
إذاً، الحبر لي والجريدة لكِ
لذلك، أغلقي أذنيك؛
كي لا تستمعي إلى صراخ الموتى بين السطور،
صرت برقاً مع سحابة
وهطلتِ جفافا
بينما كنت أكثر من الأشجار ظلالاً
إلى أن وقفت شمس أمامي وحجبت ظلالي
برغم ما كان يضج فيّ
يجلب النواح حيناً
وفي حين آخر يجلب المرح
كان المكان فارغاً حتى منّي
وملامحي فقدت التركيز على شيء معين
ودخان يحلق حولي
حاله حال ضجيج الموتى،
هنا أدركت أن الدخان يشبهكِ
تكتبين عن صورك المعلقة
وأنتِ ساقطة في خطوات أخرى
خطوات لم تدعي مغازلتها كخطواتي
ولو افترضنا أن هنالك ﺛَﻤّﺔَ بدائل
لكنتِ محقة
لكن لم يتحكم فيكِ مطر أو حتى هواء
إذاً، سقطت دون تحكم
لكن ليس مبرراً لنسيان لمن كنتِ ستستلمين
للحب ربما أو لكذبتكِ
الصورة التي سقطت قبل سقوط البرواز
تشبهكِ بذات السقوط،
حيث كنا على ذات الجدار معلّقين معاً
وأنا ما زلت هنا كالبرواز
أنتظر عودتكِ
السمكة تقترب
والصياد هارب
وها أنتِ تعرجين إلى البعيد
وأمطر أنا بالدموع
ماذا عن لقانا؟!
ولو بعد حزن
أرغب أن أمتص ظلامك
أو سأفعل معك كما يفعل الضوء مع الفراشة
أنا لولب ضيق
حينما تخرجين منيّ
ستفقدين صداكِ
سينخلع الزيف
وستظهرين عارية حتى من جسدكِ
حيث إنني لم أكن مدهشًا حد التأمل
لتزهر لأجلي الكثير من الأشجار
وتبتسم لي الكثير من الورود
ليس لي سماء
لتصلني قصيدة أو أغنية
ولا صدى يحفظ كل ما قيل عني
لنقف معاً أمام هذا السراب
قصدكِ “نخاف مما يخشاه فنان أو شاعر”
أحببتك وحينما الحقيقة
ولأن لا حبيبة
أموت دونما حب
حتى الأغنية التي انتظرتها
لم تكن كما في الحلم
أصغيت لأستمع إليها
ولم أستمع سوى أصوات أشجار
تؤلمها الرياح
وسافرت إلى سراب الأمنيات
أترقبكِ وأنتِ تعبرين إلى قلبي ببطء شديد
لكِ قصائد تلتقي معي
وقصص سيحكيهن المستقبل للجميع
لكِ عيون تذرفني في اتجاهك كدمعة
قبل أن أموت
بعد أن مت
كنتِ سحاباً فأصبحتِ مطراً
وكنتِ غيماً فأصبحتِ بحراً
إذاً، أنتِ بحر
هذا الماء جسدكِ
وهذا الموج أنا
وتمسككِ فيه واضطرابه بقوة
ت.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة