ارتفاع خطير في إحصائيات الطلاق

ينذر بمخاطر اجتماعية كبيرة
بغداد ـ الصباح الجديد:

يعد الطلاق من الظواهر الاجتماعية التي لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات الانسانية التي تتحكم فيها مجموعة من العوامل والمؤثرات مؤدية الى تفكك الاسرة والنسيج الاجتماعي وما يصاحبها من مشكلات قد لا تنحصر في المشكلات العائلية وحسب بل تتعدى ذلك الى ما ينعكس سلبا على الابناء من تأثيرات سلبية متعددة وكذلك ما ينعكس على المطلقات من نظرة سلبية في المجتمع.

قانون الاحوال الشخصية
ويمكن تعريف الطلاق وفقاً لنص المادة الرابعة والثلاثين من قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188لسنة 1959 المعدل، بانه: رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج او الزوجة إذا وكلت به وفوضت او من القاضي ولا يقع الطلاق الا بالصيغة المخصوصة له شرعاً.
وفيما يتعلق بالمجتمع العراقي فقد ازدادت حالات الطلاق في السنوات الأخيرة بنحو ملفت للنظر، نتيجة للتغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع التي شملت جميع نواحي الحياة ومصاعبها من تغييرات في منظومة القيم التي انعكست على الاسرة العراقية ، ويمكن ان نعزو سبب الطلاق الى التحولات والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي مرت بها البلاد وعكست نفسها على الحياة الاجتماعية مما كان له الاثر العميق في العلاقات الاجتماعية والاسرية التي اسهمت بدورها في تفشي وتزايد حالات الطلاق بنحو عام ، اضافة الى فرضيات اخرى كالزواج المبكر وتدني المستوى الاقتصادي للأسرة واختلاف العوامل الاجتماعية والثقافية.

دراسة نظرية
وبشأن هذا الموضوع ومن منطلق اهتمامها بالشأن الاجتماعي، تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأعداد دراسة نظرية وميدانية مستفيضة عن ظاهرة الطلاق في المجتمع للوقوف من خلالها على الاسباب الرئيسة وراء تزايد حالات الطلاق.
وقال المتحدث باسم وزارة العمل عمار منعم: ان الوزارة وبناء على توجيهات الوزير المهندس محمد شياع السوداني شكلت فريق عمل متخصصاً من قسم السياسات في دائرة التخطيط والمتابعة ودائرة الحماية الاجتماعية للمرأة والمركز الوطني للبحوث والدراسات يتولى اعداد دراسة مستفيضة عن ظاهرة الطلاق تتضمن جانبين نظري وميداني عملي للتعرف اسباب هذه الظاهرة وتزايدها في المدة الاخيرة.

احصائيات دقيقة
واضاف: ان فريق العمل وضع استمارة استبانة يسعى من خلالها الى الوقوف على الاسباب الرئيسة لحالات الطلاق تتضمن معلومات عامة ودقيقة عن الحالة الاجتماعية للرجال او النساء المطلقات من خلال اخذ عينة يتم على أثرها اعداد الدراسة.
وأشار الى: ان الوزارة فاتحت مجلس القضاء الاعلى للحصول على احصاءات دقيقة عن نسب الطلاق، وكذلك الاعتماد على البيانات التي يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء بخصوص ظاهرة الطلاق، كما ان الفريق سيقوم بمراجعة المحاكم الشرعية لتعزيز المعلومات التي من خلالها يتم اعداد الدراسة.
وبين : ان الاستمارة تضمنت معلومات عامة عن الفئات العمرية للزوجين والتحصيل العلمي ومقدار دخل العائلة والطريقة التي حصل فيها الزواج كأن يستند على تعارف سابق او صلة قرابة وغيرها من حالات التعارف بين الزوجين، مبيناً ان الاستمارة ركزت ايضاً على مبررات الطلاق سواء أكانت من الزوج او الزوجة كأن يكون بسبب ظرف اجتماعي او اقتصادي او مشكلات عائلية من جانب تدخل أحد افراد او اهالي الزوجين في حياتهم او لمرض معين ومشكلات نفسية وثقافية واجتماعية اخرى.

الوضع الاقتصادي
واوضح منعم: ان فريق العمل يسعى من خلال الدراسة الى التعرف على اهم الاسباب المؤدية الى الطلاق واهم الاثار الاجتماعية والنفسية له، بغية وضع اسس للحد من التأثيرات السلبية لتلك الظاهرة او التقليل من حجمها، لافتاً الى ان الوزارة تبنت الموضوع من جانب اهتمامها للتعرف على مدى تماسك المجتمع وترابطه وما يترتب عليه من عوامل عدة مثل التفكك الأسري ووجود أبناء بين الزوج والزوجة والخدمات المجتمعية المتاحة لتمكين المرأة المطلقة.
ولفت الى: ان الجانب الاقتصادي يلعب دورًا مهما في تزايد هذه الحالات نظراً للواقع المتمثل بالأزمة المالية وتحديات الحرب ونزوح الأسر وتمزقها بسبب احداث الحرب وارتفاع مستويات الفقر والبطالة التي كان لها الاثر البالغ في حياة الاسرة العراقية والمقصود بها كل ما يتعلق بشؤون الاسرة المالية (دخلاً ، انفاقًا ، استهلاكاً ، ادخاراً ، استثماراً) ،وعدم الاتفاق على الامور المالية في الاسرة يولد النفور في التفاعل الزوجي ، وكذلك بسبب الخلافات المالية وذلك بالتقتير او التبذير من قبل الزوجين او احدهما مما يجعل التفاهم بينهما شبه مستحيل.
واضاف: ان عوامل كثيرة من وراء الطلاق قد تؤدي الى ضغوط نفسية على المطلقين، مثل الشعور بالندم، ونقص الإحساس بقيمة الذات، والإحساس بالحرمان، وعدم احترام المرأة المطلقة في كثير من المجتمعات، وبالنسبة للرجل كإصابته بالسلبية تجاه النساء بنحو عام، واهتزاز الثقة في نفسه في إنجاح الحياة الزوجية مرة أخرى.

تفكك أسري
وتابع اما فيما يتعلق بالأبناء فأن الانفصال بين الوالدين له أعراض خطيرة تؤثر على سلوك وشخصية الأبناء كأن يصابون بسوء التكيّف النفسي والاجتماعي والفشل دراسياً واجتماعياً في كثير من الأحيان، وقد يفتقد أولاد المطلقين لأساليب التربية، والتنشئة السليمة، داخل هذه الأسرة المفككة، مما يجعلهم عرضة لارتكابهم الجرائم وكذلك ضعف البناء النفسي والذاتي ما يجعلهم يتصفون بالحدة والعنف وغيرها من العوامل.
واوضح: ان الوزارة اقترحت بعض المعالجات التي تساعد في الحد من الطلاق منها ضرورة عقد وتنظيم الدورات التي تعني بتوعية الاجيال الشابة المقبلة على الزواج بحقوق الزواج والتزاماته من قبل المؤسسات الاجتماعية والأهلية والحكومية، والدعوة إلى استقلالية الزوجين في مواجهة مشكلاتهم وعدم تدخل الأهل إلا بعد وصول الزوجين إلى طريق مسدود.
وبين: ان من ضمن المعالجات التأكيد على اهمية مشاركة المؤسسات الدينية في الجهود المبذولة للحد من الطلاق من خلال الوعظ والارشاد الديني، بهدف رفع المستوى الثقافي والفكري لدى الشباب المقبلين على الزواج، مشيراً الى ضرورة تعزيز الشراكات بين الجهات الحكومية المعنية ومنظمات المجتمع المدني للقيام بحملات التوعية الاسرية بأهمية التماسك والاستقرار الاسري، واستعمال اجهزة الاعلام المقروء والمسموع والمرئي لخدمة هذه الاهداف.

رعاية المرأة
واكد المتحدث باسم الوزارة: ان الوزارة ومن خلال دائرة الحماية الاجتماعية للمرأة تقدم شتى الخدمات للمرأة المطلقة من ضمنها تقديم الدعم النفسي لها من قبل الباحثات الاجتماعيات، ومنح رواتب للمطلقة والاطفال لتأمين احتياجاتهم، واعطاء دورات تدريبية كالخياطة والحلاقة لإكساب المرأة مهارات تساعدها في حياتها اليومية، فضلاً عن توفير فرص عمل تعينها وعائلاتها على العيش الكريم.
ويشار الى : ان نظام الاسرة يتأثر بالنظم الاجتماعية الاخرى والاثار السلبية التي قد تظهر كتزايد اعداد المشردين وانتشار الجرائم ومنها السرقة والاحتيال والنصب وانتشار عدم الشعور بالمسؤولية من قبل الابناء المشردين ، ومما تقدم نلاحظ ان للطلاق اثاراً على الزوجة والزوج والابناء والمجتمع ويتوجب على كل طرف منهما ان يلتفت الى نفسه للشروع الى حياة جديدة ، وقد أراد الإسلام من الزوجين معالجة خلافاتهما قبل الوصول إلى الطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله، فركّز على أن يكون أساس العلاقة الزوجية مبنياً على المودة والرحمة، والأمن والسكينة، وهو المناخ المثالي لتنشئة الأولاد ، لقوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرا).

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة