المرأة وتحديات الاضطهاد الاجتماعي
بغداد ـ زينة قاسم:
العنف الموجه ضد المرأة في مجتمعنا الذي يكابد ويلات لا تعد ولا تحصى في ظل ظروف اجتماعية قاهرة وغير مستقرة تفرضها عليه الاعراف والتقاليد.
والعنف الذي يمس المرأة على نحو جائر يشمل الاعمال التي تلحق ضرراً او الماً جسدياً او عقلياً او جنسياً بها والتهديد بهذه الأعمال والاكراه وسائر اشكال الحرمان من الحرية وغيرها من الامور المؤذية.
والعنف لا يقتصر على ثقافة معينة او اقليم معين او بلد ما فالعنف ضد المرأة موجود في كل مكان وزمان لكن درجة شدته متفاوتة، ومدى قبوله يختلف من مجتمع الى مجتمع اخر وبحسب الاجراءات القانونية المتبعة في كل بلد، وفي العراق تظل الاجراءات غير مفعله في ظل هيمنة القوانين القبلية التي تنصف الرجل على المرأة.
وتختلف مظاهر العنف فقد تكون معنوية تتضمن نفي الامن والطمأنينة والحط من الكرامة والاعتبار والحرمان من الوظيفة والاخلال بالتوازن والتكافؤ، واستعمال جميع الوسائل المتاحة لتحقيق ذلك من الشتم والاهانة والتحقير والاساءة والحرمان والتهديد والتسلط والايذاء والتصفية الجسدية، فيما يتضمن العنف المادي الضرب او الحرق والقتل والاغتصاب والحرمان من الحق المالي.
الباحثة الاجتماعية سما العزاوي بينت في حديث لها مع « الصباح الجديد «: أن العنف يعني الاخذ بالشدة والقوة وهو سلوك او فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف معين بهدف استغلال واخضاع الطرف الاخر في إطار علاقة غير متكافئة مما يتسبب في احداث اضرار مادية او معنوية او نفسية، وحسب هذا التعريف فأن العنف يشمل السب والشتم والضرب والقتل والاعتداء والذي يأتي من طرف الرجل لإخضاع المرأة.
واضافت العزاوي: ان هناك من يعتقد ان العنف هو لغة التخاطب الاخيرة الممكن استعمالها مع الاخرين حين يحس المرء بالعجز عن ايصال صوته بوسائل الحوار الاعتيادي ولكنه يأتي مع المرأة اللغة الاولى للتخاطب معها كما يستعمله البعض وكأن الاخر لا يملك لغة اخرى لاستعمالها ليجعل من هذا العنف كابوساً يخيم على وجودها ليشل حركتها وطاقاتها ويجعلها شبه حيه من الكأبة والحزن والخضوع.
الاسلام يرفض العنف
فيما اكد رجال الدين أن العنف مرفوض في الاسلام ،اذ بين احد علماء الدين في حوار له : ان الاسلام لا يقبل ان تقوم الحياة الزوجية على اهانة المرأة او الاساءة اليها بقول او فعل فلا يجوز باي حال ان تسب او تشتم وخصوصًا امام اطفالها بل الاسلام يمنع سب الحيوانات والجمادات فكيف بالإنسان وكيف بالزوجة التي هيه ربة بيته وشريكة حياته وام اولاده واقرب الناس اليه ان حاجة كل من الرجل والمرأة الى الاخر حاجة فطرية فقد خلقهما الله بحيث لا يستغني احدهما عن الاخر حسب ارادته سبحانه وتعالى القائمة على ازدواج المخلوقات كلها ابتداء من الذرة الى المجرة .
« ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون «(الذاريات 49) من اجل هذا حين خلق الله ادم ونفخ فيه من روحه واسكنه جنته لم يدعه وحده بل خلق له من جنسه زوجا تؤنس وحشته ويستكمل بها وجوده وتوجه اليهما الخطاب الاهي: (اسكن انت وزوجك الجنة) البقرة 35 .
اسباب اجتماعية واقتصادية
سعد كاظم « كاسب « اشار في حديث لـ «الصباح الجديد «: ان الاسباب الاقتصادية وراء العنف فالخلل المادي الذي يواجه الفرد والاسرة، ينعكس على المستوى المعيشي لكل من الفرد او الجماعة اذ يكون من الصعب الحصول على لقمة العيش، ومن المشكلات الاقتصادية التي تضغط على الاخر ان يكون عنيفاً ويصب جام غضبة على المرأة كونه هو المسؤول عن الانفاق على البيت لذا يمكنه هذا الامر من تعنيفها واذلالها وتصغيرها من هذه الناحية.
أما نور محسن « موظفة « فتقول: ان الاسباب الاجتماعية تضغط على الانسان كالازدحام وضعف الخدمات ومشكلة السكن والظرف الامني أضافة الى ذلك ما تسببه البيئة من أحباط للفرد اذ لا تساعده على تحقيق ذاته والنجاح فيها، وعدم توفير فرص عمل للشباب فذلك يؤدي الى العنف ضد من هو أضعف منه « المرأة» ومما شجع الرجل على العنف ضدها هو تقبلها لهذه القسوة، لذلك يجدر بالمرأة أن تأخذ موقفاً قوياً في مواجهة الرجل من كرامتها.
أسباب ثقافية
محي الدين الجنابي « أستاذ جامعي « يقول: ان المرأة نفسها هي أحد العوامل الرئيسة لبعض انواع العنف والاضطهاد، وذلك لتقبلها له واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت عليه كرد فعل لذلك، مما جعل الطرف الاخر يأخذ في التمادي ولتجرؤ أكثر فأكثر، وقد تتجلى هذه الحالة أكثر عندما تفقد المرأة من تلتجأ أليه ومن يقوم بحمايتها.
واشار الجنابي: ان اسباباً ثقافية كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الاخر وعدم احترامه، وما يمتلك من حقوق وواجبات تعد عاملاً اساسياً للعنف وهذا الجهل قد يكون من الطرفين المرأة والمعنف لها، فجهل المرأة بحقوقها وواجباتها من طرف، وجهل الاخر بهذه الحقوق من طرف ثاني مما قد يؤدي الى التجاوز وتصل الامور الى تعدي كل الحدود بين الطرفين.