(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 23
جاسم محمد*
اتفاقية “الشينغن” تحدي جديد لدول الاتحاد الاوروبي
جهاز استخبارات اوروبي لمواجهة تحدي “الجهاديين”
دعا البرلمان الاوروبي يوم 11 يناير2015 الاتحاد الى الاستثمار في المشاريع التعليمية والاجتماعية التي تعالج المسببات الكامنة وراء التشدد والإرهاب. ووافق النواب الاوروبيون اليوم على قرار حول تعزيز نقاط التفتيش بين دول الاتحاد الاوروبي، من اجل وقف تحركات الاشخاص المشتبه بتورطهم في انشطة ذات صلة بالعنف السياسي والإرهاب والحصول على بيانات المسافرين داخل “الشنغن” وخارجه.
تواجه دول “الشتغن” الان تحدياً كبيراً في مجال الامن ومواجهة الجماعات “الجهادية” التي تستغل حرية الحركة كثيراً، وهذا ما صعد من حراك الاستخبارات الاوروبية بإيجاد تعاون افضل في تبادل المعلومات وتعقب المطلوبين، وفي الوقت نفسه صعد من الاصوات التي تطالب بتعديل اتفاقية “الشنعن”. اشارت تصريحات منفصلة لوزير الداخلية الفرنسي ونظيره الاسباني الى ان تداعيات الهجمات في باريس ـ صحيفة شارلي ابدو 7 يناير 2015، ستصيب “اتفاقية شنغن” في محاولة للحد من تحرك العائدين الى اوروبا. واكد الوزير الاسباني، “خورخيه فرنانديز دياز”، لصحيفة “ال باييس” انه سيدافع عن فكرة تعديل “اتفاقية شنغن” للسماح بمراقبة الحدود الداخلية للاتحاد الاوروبي. وقال “سندافع عن فكرة مراقبة الحدود ومن المحتمل ان نضطر بالتالي الى تعديل اتفاقية شنغن” التي تنص على حرية التنقل داخل “فضاء شنغن” الذي يضم حالياً 26 بلدا في اوروبا. اما وزير الداخلية الفرنسي “برنار كازنوف” فقد اكد عقب اجتماع مع وزراء داخلية دول اوروبية في باريس، على ضرورة العمل على “تعديل اتفاقية شنغن لفرض اجراءات مراقبة على الحدود.
اتفاقية “الشينغن”
يذكر ان اتفاقية “الشينغن”وقّعها بعض البلدان الاوروبية وتسمح بإلغاء عمليات المراقبة على الحدود بين البلدان المشاركة كما تتضمن احكاما بشأن سياسة مشتركة بشأن الدخول المؤقت للأشخاص بما فيها تأشيرة شينغن، بمراقبة الحدود الخارجية. وتسمى على اسم “شينغن” لوكسمبرغ. وقعت على الاتفاق مجموعة من 30 دولة، بما فيها جميع دول الاتحاد الاوروبي وثلاثة اعضاء غير الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ايسلندا والنرويج وسويسرا وتنفذه 15 حتى الان.
الاتفاقية وقعت في وعدم وجود مراقبة داخل دول “الشينغن”، ومن ابرز الدوافع التي تدفع هذه الجماعات لتنفيذ العمليات خارج بلدانهم هي:
• تجنب المراقبة من قيل اجهزة الاستخبارات المحلية.
• تجاوز مشكلة السجل الجنائي السيء والمعلومات لدى الاستخبارات الداخلية، ليكون بعيدا عن الشبهات.
• تجنب ال DNAوالبصمات وربما بصمات الخطوات التي تكون عادة موجودة في سجلات الاستخبارات للمشبه بهم.
يوروبولEuropol
وفقاً الى معلومات موسوعية، هي وكالة تطبيق القانون الاوروبية ، وظيفتها حفظ الامن في اوروبا عن طريق تقديم الدعم للدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي في مجالات مكافحة الجرائم الدولية الكبيرة والإرهاب تمتلك الوكالة اكثر من 700 موظف في مقرها الرئيسي الكائن في لاهاي في هولندا، وهي تعمل بنحو وثيق مع اجهزة الاصل في 14 يونيو 1985، من خلال خمس دول اوروبية وهي بلجيكا، فرنسا، المانيا الغربية، لكسمبرغ، وهولندا وثيقة اضافية، والمعروفة باسم اتفاقيه شينغين، وضعت الاتفاق موضع التنفيذ وهي الوثيقة الثانية حلت محل الاولى. وبرغم ان التوقيع تم على الاتفاق في 14يونيو 1985، كان لا بد من الانتظار حتى بعد مرور عقد من الزمن تقريبا، في 26 مارس 1995، واصبحت بلجيكا، فرنسا، المانيا، السويد، هولندا، البرتغال، اسبانيا، اول الدول لتنفيذ هذه الخطة. وسبق ان رفعت فرنسا طلبا لمراجعة الشنغن، حينما منحت ايطاليا عام 2011 تأشيرة “شنغن” لنحو عشرين الف مهاجر تونسي. وراحت بلجيكا الى امكانية تعليق الاتفاقية بسبب موجة المهاجرين غير الشرعيين على جنوب اوروبا تحديداً ما بعد ثورات ما يعرف بالربيع العربي، اليوم تشهد دول اوروبا تدفق المهاجرين غير الشرعيين خاصة على جنوب اوروبا ت ايطاليا عبر البحر عن طريق ليبيا. وتقترح اسبانيا انشاء قاعدة بيانات موحدة للمسافرين بين الدول الاوروبية عبر الطائرات وبلجيكا تدعو لوضع لائحة اوروبية للمقاتلين الاجانب.
هجوم مهدي نموش على معبد يهودي في باريس
اعتقل نموش في 30 مايو 2014 في مرسيليا جنوب فرنسا، وسُجن منذ بداية يونيو 2014 في سجن “بوا داكري” بالمنطقة الباريسية وكان مهدي نموش الفرنسي الجزائري الاصل اطلق النار في 24 مايو 2014 في متحف بروكسل اليهودي مما ادى الى سقوط اربعة قتلى. وتم توقيف “نموش” في محطة “سان شارل” في مرسيليا من قبل رجال جمارك عندما كان في حافلة قادمة من امستردام عبر بروكسل. وافادت مصادر قريبة من التحقيق انه كان يحمل في امتعته بندقية هجومية ومسدسا مع ذخائر استعملت في 24 امايو 2014 في بروكسل. تحقيقات الاستخبارات الفرنسية، كشفت بانها تلقت معلومات حول المشتبه به، لكن حرية الحركة داخل دول “الشنغن” وعدم وجود حدود مكن “نموش” من تنفيذ العملية.
ان عملية مهدي “نموش” تعدّ واحدة من عدة عمليات “جهادية” داخل دول “الشتغن” تعكس كيف تستغل هذه الجماعات حرية الحركة داخل هذه الدول لتنفيذ عمليات ارهابية، اضافة الى ذلك هنالك مجموعات من المافيا ايضا تعنى في تجارة السلاح خصوصا من اصول روسية وجماعات اخرى تتاجر بالمخدرات. ان المهاجمين في الغالب يخططون لتنفيذ عمليات خارج الدولة الاوروبية التي يعيشون فيها، مستغلين فتح الحدود والترابط الجغرافي امن دول الاتحاد الاوروبي ودول من خارج الاتحاد منها استراليا وكندا والولايات المتحدة الاميركية والنرويج. وهي تقدم خدمات الى الوكالات الاستخباراتية لتجنب وقوع الجرائم وللتحقيق فيها في حال وقوعها ولتعقب والقاء القبض على مرتكبيها. موظفو “اليوروبول” ياتون من فروع امنية مختلفة بما في ذلك اجهزة الشرطة العادية وشرطة الحدود وشرطة الجمارك وغيرها وبدأت الوكالة القيام بمهامها في يوليو عام 1999. واكد مدير منظمة الشرطة الاوروبية “روب وينرايت” يوم 14 يناير 2015 تحذيراته لمديري اجهزة مخابرات وزعماء بعض الاحزاب السياسية عقب اعتداء باريس، قائلا “ان وكالات الامن الاوروبية تواجه فجوة في القدرات يمكن ان تترك بلادها في خطر..(..)”. واكد وينرايت بوجود من 3000 ـ 5000 مقاتل من اوروبا في سوريا والعراق، وان عودة 20% من هذه الجماعات الاوروبا من شأنها تستغل حرية الحركة داخل دول الشنغن لتنفيذ عمليات ارهابية.
ان التطورات الامنية السريعة داخل اوروبا، وتداعية حادثة شارلي ابيدو ـ باريس 7 يناير 2015، من شأنها ان تدفع الى تعزيز التعاون الامني والاستخباراتي بين دول الشينغن تحديداً واعادة النظر بهذه الاتفاقية. المشكلة التي تواجهها الحكومات الاوروبية في احتمالات او رغباتها بتعديل هذه الاتفاقية، هو اصطدامها بالدساتير والتشريعات الصادرة من البرلمانات والمحاكم الدستورية. المشكلة الاخرى، هو اي تعديل سوف يواجه رفض واعتراض محتمل من قبل المواطن الاوروبي، الذي يعدّ التعديل تقليص حريته وتراجع الى حريات دول اوروبا. ان دول اوروبا الان تتجه نحو تضييق الفجوات الامنية، وبات مرجحا ان تتبنى اوروبا جهاز استخبارات اوروبي، اضافة الى اجهزة استخباراتها على غرار الشرطة الدولية، من اجل سرعة تبادل المعلومات وتجاوز تعقيد قنوات تبادل المعلومات، في تعقب المطلوبين خصوصاً من الجماعات “الجهادية” العائدة من سوريا والعراق.
تركيا بوابة ومسرب المقاتلين الاجانب من اوروبا
ثغرات استخبارية وامنية لدول اوروبا
تعهد الرئيس الاميركي اوباما و ديفيد كاميرون بالتصدي “للأيديولوجية الخبيثة” للمتطرفين الاسلاميين، وقالا انه يجب السماح لأجهزة المخابرات بتعقب المتشددين على الانترنت برغم المخاوف المتعلقة بالخصوصية. وعقد اوباما وكاميرون يوم 16 يناير 2015 محادثات بالبيت الابيض على مدى يومين وسط مخاوف متزايدة في اوروبا بشأن الخطر الذي يمثله المتطرفون بعد مقتل 17 شخصاً في هجمات في باريس وخوض السلطات البلجيكية معركة بالأسلحة النارية مع من يشتبه انهم ارهابيون، وفقا الى ما وردته وكالة “رويترز”.
تسعى دول الاتحاد الاوروبي وخاصة دول “الشينغن” تقوية جبهاتها الداخلية في مواجهة الجماعات “الجهادية” وتدفقهم على سوريا عبر الحدود التركية والعراق وبالعكس ،عقب هجوم باريس يسعى الاتحاد الاوروبي الى تقوية جبهته الداخلية في مواجهة الإرهاب من خلال اتخاذ اجراءات امنية وتبادل المعلومات، الثغرة الامنية في دول اوروبا مجتمعة، ان تركيا تستقبل مواطني اوروبا على الجنسية بدون جواز سفر، وهذا يعني انه لا توجد رقابة على الحركة ولا توجد اختام يمكن تتبع وتدقيق او مراجعة حركة “الجهاديين” ما بين اوروبا والعراق وسوريا عبر تركيا. تبدي الحكومات قلقاً واسعاً حول الطريقة التي تتعامل بها التنظيمات “الجهادية” ابرزها داعش مع وسائل التواصل الاجتماعي والتي من خلالها تنشر هذه التنظيمات موادها الدعائية وتشن حمله واسعه لتجنيد انصارا جدد.
* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة