بعد استغلال العديد من حقولها من قبل الإقليم
السليمانية ـ عباس كاريزي:
عاد ملف الفساد والتلاعب بواردات نفط كركوك واقليم كردستان الى الواجهة مجددا، بعد العجز الواضح لحكومة اقليم كردستان عن توزيع رواتب موظفيها لشهر ايلول المنصرم، عقب قيام الحكومة التركية بحجز واردات نفط الاقليم في احد البنوك التركية.
وذكرت قناة KNN التابعة لحركة التغيير ان مشكلات كبيرة نجمت بين حكومة الاقليم وهالك بنك التركي، ما ادى الى تأخر حصول حكومة الاقليم على اموال واردات نفط الاقليم المودعة في هذا البنك، وتابع تقرير للقناة ان هالك بنك وبتوجيه من الحكومة التركية في مسعى منها لمنع المساعي التي دشنتها السلطات لاجراء الاستفتاء على استقلال الاقليم، قامت بوضع العديد من العراقيل امام استرداد اموال بيع النفط الكردي في الاسواق العالمية.
من جهته اكد نائب رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في برلمان كردستان علي حمه صالح ان حكومة الاقليم فشلت في معالجة استعادة اموال واردات النفط المودعة في بنك تركي، مشيرا الى ان هناك مخاوف من ان يكون الموقف التركي ناجما عن رد فعل ومعارضة تركية لمسألة اجراء الاستفتاء في الاقليم، ما سيؤدي الى عدم قدرة حكومة الاقليم على منح رواتب الموظفين المتأخرة منذ اشهر.
ومع ان المتحدث بإسم حكومة إقليم كردستان سفين دزي نفى إستيلاء تركيا على عائدات نفط الإقليم، عازيا أسباب تأخر وصول الأموال لعدة أيام الى خلل فني بين المصرف المصدر والمصرف المستلم»، مؤكدا أنه «تم معالجة الخلل ويتم حاليا تحويل الأموال بين المصرفين بنحو منتظم»، الا ان وزارة المالية في حكومة الاقليم لم تعلن بنحو رسمي عن موعد محدد لتوزيع رواتب شهر ايار للعام الحالي 2017، برغم مرو اكثر من شهرين ونصف الشهر على موعد توزيع رواتب الموظفين.
واكد علي حمه صالح في تصريح ان حكومة الاقليم تصدر قرابة 700 الف برميل نفط يوميا وهي تكفي لتوزيع رواتب الموظفين من دون استقطاع او تخفيض، الا انها تعجز مع ذلك عن توزيع رواتب الموظفين المخفضة الى اكثر من النصف من دون مسوغ قانوني.
ولفت حمه صالح الى ان جانب من الزيارة المرتقبة لرئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني الى تركيا، سيخصص لمناقشة العلاقة المالية والمشكلات بين حكومة الاقليم والبنوك التركية التي تودع فيها اموال واردات نفط الاقليم، مشيرا الى انه كما قامت ايران مؤخرا باستعمال المياه كورقة ضغط ضد السلطات في الاقليم، فان تركيا تستعمل واردات نفط الاقليم المودعة لديها للضغط باتجاه منع اجراء الاستفتاء المزمع اجراؤه في 25 من ايلول المقبل في الاقليم.
ولفت الى ان عدم موافقة تركيا على اجراء الاستفتاء يعني بالنتيجة قطع رواتب موظفي الاقليم، واذا كان الاستفتاء بموافقتها فهو يعني انشاء قبرص جديدة في اقليم كردستان.
وذكرت مصادر مطلعة للصباح الجديد ان آلية استعادة اموال واردات نفط الاقليم وشكل استبدال العملة الصعبة تسببت في انعاش السوق السوداء للعملة وزيادة عملية غسيل الاموال في الاقليم، وهو ما دفع ببعض البنوك الاجنبية المطالبة بالسيطرة على حركة تنقل الاموال والانفلات الواضح في نقل واستبدال العملة الصعبة.
وذكرت المصادر ان فريقا مختصا من السفارة الاميركية في بغداد قام مؤخرا بزيارة وزارة المالية في حكومة الاقليم، للاطلاع على الكشوفات البنكية للوزارة، وتابع ان الفريق المختص دعا الى ضرورة ان تتقيد وزارة المالية بالتعليمات البنكية العالمية في تعاملها مع استرداد واستبدال العملة الصعبة.
وعلى صعيد ذي صلة كشف نائب رئيس اللجنة الاقتصادية في برلمان كردستان عن استحواذ الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على ١٥ ملیارا و ٧٩٣ ملیون دولار من اموال بيع نفط محافظة كركوك.
واعلن علي حمه صالح في تقرير حصلت الصباح الجديد على نسخة منه انه وبعد سيطرة اللواء الاول للنفط والغاز التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، على حقلي هافنا وباي حسن شمالي محافظة كركوك في 10/7/2014 وبما ان الانتاج اليومي لهذين الحقلين يبلغ 262 الف برميل يوميا وفقا لوزارة النفط العراقية، فان حكومة الاقليم تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية من بيع ما قيمته، ١٢ملیارا و ٧٣٣ ملیون دولار، مضيفا «الا ان واحد بالمئة من هذا المبلغ لم يمنح لكركوك وسكانها».
واضاف حمه صالح ان واردات هذين الحقلين خلال ال36 شهرا الماضية تكفي لمنح رواتب 25 شهرا لموظفي الاقليم، متسائلاً «اين ذهب كل هذه الاموال»؟.
من جانبه وجه عضو برلمان كردستان عن الاتحاد الوطني الكردستاني سالار محمود انتقادات شديدة اللهجة الى حكومة الاقليم وسياستها النفطية التي تضع نفط مدينة كركوك قبل مصالح اهلها.
واوضح محمود في تصريح للصباح الجديد أن نصف كمية النفط التي يصدرها الإقليم تأتي من حقول محافظة كركوك، فيما تساءل عن الجهة المستفيدة مما وصفها بـ»السياسة الخاطئة» التي يمارسها الإقليم بشأن تصدير النفط.
وقال محمود ان سكان محافظة كركوك لا ينوبهم على مر العصور سوى الدخان المنبعث من ابار النفط والماسي التي خلفها امتلاك المحافظة، لاحيتاطي نفطي كبير، لان الاطراف الكردستانية تستولي باسم الكراديتي على نفط المحافظة، ولايحصل سكانها الا على الدخان المنبعث من ابار النفط المنتشرة في جميع ارجاء المدينة.
وقال محمود «منذ تموز عام 2014 سيطرت حكومة اقليم كردستان على حقول نفط باي حسن وهافانا غرب كركوك التي تنتج يوميا نحو 250 الف برميل، فضلا عن حقول نفط بابا كوركر وجمبور وخبازة التي تنتج أيضا نحو 160 الف برميل، لافتا الى أن نحو 100 برميل من هذه الكمية يتم تزويدها لمصافي كلك وكركوك ودوكان، اما البقية فيتم تصديرها الى الخارج.
وأضاف محمود، أن «احصائيات وزارة الثروات الطبيعية تفيد بأن حكومة الاقليم تصدر يوميا 600 الف برميل، وبحسب هذه الإحصائية فإن نفط كركوك يشكل نصف الكمية المصدرة من اقليم كرستان الى الخارج «، متسائلا «من هي الجهة المستفيدة من هذه السياسة الخاطئة التي تمارسها كردستان واين المبالغ التي تصرف من نفط كركوك؟».
وتابع، أنه «بدلا من جعل نفط كركوك جسرا قويا لربط المحافظة وأهلها بإقليم كردستان، صار سببا في خلق استياء وامتعاض لدى أهالي المحافظة بسبب الغبن الذي يعانون منه، مشيرا الى أن من الأفضل أن يكون الاهتمام بأهالي كركوك بدلا من الاهتمام بنفط محافظتهم فقط.
وكان اصرار حكومة إقليم كردستان على تصدير نفط كردستان بنحو مستقل في الأول من شهر تموز 2015، قد تسبب بقطع ميزانية الاقليم من الموازنة الاتحادية البالغة 17% من قبل الحكومة الاتحادية، وهو ما تسبب بالنتيجة بقطع رواتب موظفي كردستان، وخلق ازمة اقتصادية حادة، اخفقت اغلب الاتفاقات النفطية التي وقعت لاحقا بين حكومتي المركز والاقليم في معالجة الازمة السياسية والاقتصادية الناجمة في الاقليم.