بيت الإعلام العراقي يرصد خطاب الكراهية في الإعلام
بيت الاعلام العراقي/ متابعة الصباح الجديد
تتسابق وسائل الاعلام في برمجها الحوارية، على استضافة بعض الشخصيات التي تتوافق مع نهجها ورؤيتها للأحداث، وهنا تتسم معظم الحوارات بالخشونة و التقليل من قيمة الاخر، والعنف في استعمال بعض المفردات التي تدعو المتلقي الى كراهية الاخر، بشكل مباشر او غير مباشر، وهنا لابد من جهد مقابل وعمل يكون رادع لكل تلك الحوارات، والبرامج التي لم نجن منها غير العنف وتوتر الشارع، والتمييز بين فئات المجتمع، الخطاب المحرض على الكراهية او التميز بين اي فئة من فئات المجتمع العراقي في المواد الصحافية التي تبثها الوسائل الإعلامية العراقية المختلفة، وطرق الحد منه ومعالجته، كان محط اهتمام البيت الإعلامي العراقي الذي عمل وبجهود كبيرة مميزة على رصد هذا الخطاب الذي يتسم بالكراهية، عبر بحث شارك به عدد من الإعلاميين، الذين تنقلوا بين اكثر عشر محطات فضائية، ومراقبة البث الفضائي بعد عام 2003.
ادناه نص التقرير الذي نشره بيت الاعلام العراقي:
رصد خطاب الكراهية في الإعلام العراقي
أنجزت مؤسسة “بيت الإعلام العراقي” رصد موسع لخطاب الكراهية والتحريض في وسائل الاعلام العراقية تناولت الشأن السياسي العام، وملفات أمنية واقتصادية وأحداث شهدها العراق خلال عام 2015، وهو الرصد الأول من نوعه في العراق على صعيد مراقبة البث المرئي العراقي منذ عام ٢٠٠٣.
ويتضمن تقرير الرصد الجديد نحو 955 حلقة لبرامج حوارية مختلفة في 15 محطة فضائية محلية تبث من العراق وخارجه ناطقة باللغة العربية، وراقب راصدو “بيت الإعلام العراقي” نحو 48000 دقيقة تلفزيونية، شهدت حوارات وتصريحات لـ 694 ضيفا توزعوا ما بين سياسيين وأعضاء في مجلس النواب والحكومة، وأكاديميين وصحفيين وخبراء ومحللين سياسيين وأمنيين.
وشمل الرصد برامج حوارية في 15 قناة عراقية وهي افاق: الحد الفاصل، الغدير: الخلاصة، العهد: كلام وجيه، الرشيد: المشهد الاخير و الساعة الاخيرة، العراقية: بعد التاسعةوتحت خطين وصناعة الإرهاب، هنا بغداد: حوار التاسعة وبدون تحفظ، السومرية: خفايا معلنة، الشرقية: الخلاصة، البغدادية: حوار عراقي، دجلة: بصراحة، الفيحاء: الملحق، الرافدين: حوار المساء، التغيير: الشارع العراق، الفرات: مع الحدث، الاتجاه: الشاخص.
وراعى “بيت الإعلام العراقي” خلال رصده للبرامج الحوارية تغطية التوجهات الإعلامية المختلفة في البث المرئي العراقي، القناة الممولة من الدولة، القنوات الممولة من القطاع الخاص (شركات، شخصيات)، قنوات ممولة من المال السياسي (أحزاب، حركات، شخصيات)، قنوات ناطقة، بدرجات متفاوتة، باسم طوائف وجماعات إثنية ودينية.
ويشير “بيت الإعلام العراقي” إلى أن راصديه واجهوا مصاعب جدية في حصر المواد الأرشيفية نظرا لسوء توثيق بعض المحطات العراقية لبرامجها في القناة الخاصة بها على موقع “يوتيوب”، أو في موقعها على شبكة الانترنيت واضطر الراصدون الى البحث عن الحلقات المفقودة على شبكة الانترنيت المنشورة من قبل افراد او مؤسسات بحثية او مسؤولين سعيا وراء توثيق اقصى ما يمكن من المحتوى المرئي.
وخلص التقرير إلى: ان نحو ٩٠ في المئة من ضيوف القنوات التي تصدر خطاباً ناطقاً عن طائفة بعينها هم من قريبون منها حصراً، ونحو 80 في المئة من ضيوف قنوات ممولة من قوى سياسية هم من ممثليها السياسيين في البرلمان أو أعضاء في أحزاب ممولة، أو محللين سياسيين من بطانتها.
وأحصى التقرير نحو ١٠ في المئة نسبة ظهور لفئات الكتّاب والإعلاميين الأكاديميين، و٩٠ في المئة كنسبة ظهور لسياسيين ومحللين في الشأن السياسي، وظهر أعضاء الحكومة في البرامج الحوارية بنسبة نحو 2٠ في المئة، وأعضاء مجلس النواب بنحو 70 في المئة، ورؤساء مجالس المحافظات بنسبة 10 في المئة.
وكانت نسبة ظهور الرجال في البرامج الحوارية بنحو 95 في المئة، فيما ظهر المرأة بما يعادل 5 في المئة، مع ملاحظة تكرار الوجوه النسائية ذاتها في مجمل نسبة ظهور المرأة خلال فترة الرصد، وظهرت الرئاسات الثلاث في البرامج الحوارية التي شملها الرصد بنسبة 1 في المئة.
ويشير التقرير الى مستويات مختلفة من الخطاب الإعلامي تضمنت استعمال عبارات للسب والقذف بشكل واضح، التصريح بمعلومات من دون أدلة وشواهد، والاعتماد فقط على “رأي” الضيف، واللجوء إلى الصراخ والاشتباك اللفظي، وفقدان مقدمي البرامج قدرتهم على التحكم بالحوار، توجيه اتهامات “مطلقة” بالإرهاب، التواطؤ، الخيانة تعتمد التعميم ضد مكونات دينية واجتماعية بعينها، والتشهير من دون أدلة.
ولاحظ التقرير إن بعض البرامج الحوارية لا يجري إدارة وقتها بالشكل المطلوب، وغالباً ما ينفذ وقت الحلقة الواحدة من دون استيفاء النقاش على محورها، وبعض المقدمين يخفقون في صياغة أسئلة مباشرة خلال وقت محدد ويوجهون أسئلة افتراضية، ويدافعون عن توجه سياسي معين، ويقفون الى جانب احد الضيوف ضد الضيف الاخر.
واستند راصدو “بيت الاعلام العراقي” خلال اعداد التقرير على استعمال الاقتباسات من دون تصرّف وفي بعض الاحيان نقل الكلام باللهجة الشعبية الدارجة، لكل ما ورد على لسان ضيوف ومقدمي البرامج الحوارية التي شملها الرصد ، وحصل على جملة من الخلاصات:
استعمال ضيوف عبارات مثل، “أشباه الرجال، خونة، سراق، قتلة، متعاونون مع (…)، أصوات نابحة، سياسيون ارهابيون، مافيات”، ووردت اتهامات من قبيل، “التحالف مع تركيا لاسقاط الموصل، الصفويين، الحكومة الصفوية، السياسيون الدواعش، عملاء دول تمول الإرهاب، الوهابية، واستعمال مصطلحات للتورية مثل، “الحشد الطائفي”، “دماء العراقيين في رقبة آل سعود وآردوغان”، كما جرى التحريض ضد صحفيين عراقيين من قبل مسؤولين حكوميين او نواب اتهموا صحافيين بالتجسس وتنفيذ اجندات تخريبية.
ولأهمية تقرير “رصد الكراهية” والاصداء الواسعة التي تلقائها في الاوساط الشعبية والرسمية عموما والاوساط الصحافية والاعلامية خصوصا، قرر “بيت الإعلام العراقي” تنظيم موتمره الإول لمناقشة خطاب الكراهية في الإعلام يوم 14 اذار (مارس) 2016، في مدينة السليمانية. وحضره عشرات الصحافيين وبعض مدراء وممثلي المنظمات الدولية والمحلية المهتمة بحرية الصحافة والسلم الاهلي في للعراق، وعددا من السياسيين.
وناقش المؤتمر الذي حمل عنوان “خطاب الكراهية.. ازمة اعلامية.. آثار اجتماعية” انتشار الخطاب المحرض على الكراهية او التميز بين اي فئة من فئات المجتمع العراقي في المواد الصحافية التي تبثها الوسائل الإعلامية العراقية المختلفة، وطرق الحد منه ومعالجته.
وقدم المؤتمر التوصيات التالية:
أولاً: اعتمادا على المادة السابعة أولا من الدستور العراقي، التي تنص على، “يحظر كل كيانٍ أو نهجٍ يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له”، وأيضاً قانون العقوبات في مادته (٤٧) التي تنص، “إن من يقوم بدفع شخص ما على ارتكاب جريمة بمثابة الفاعل الاصلي ويعاقب بالعقوبة التي يعاقب بها مرتكب الجريمة بناءً على دفع المحرض، ووفق ذلك يعد فاعلا للجريمة”، فإن المؤتمر يوصي بتفعيل المواد القانونية الخاصة بالتحريض لتشمل معاقبة مرتكبيه عبر أي منفذ أو وسيلة إعلامية، مرئية أو مسموعة أو مقروءة.
وما يشمل ذلك، صياغة مقترحات قوانين تعاقب مرتكبي التحريض على الكراهية، وما قد يؤدي بها إلى العنف، وإعادة دور المدعي بالحق العام لملاحقة ومقاضاة مرتكبي جريمة التحريض أو بث الكراهية.
ثانياً: رفع دعاوى قضائية من قبل منظمات ومؤسسات غير حكومية وجماعات مدنية، في حملة مدنية واسعة، لمقاضاة مرتكبي التحريض على الكراهية والعنف في وسائل الإعلام لدى محكمة النشر.
ثالثاً: إطلاق حملة واسعة للضغط على المؤسسات الإعلامية من أجل تنظيم “ميثاق ملزم”، بالتعاون مع لجان ذات صلة في مجلس النواب، ومؤسسات مدنية مهتمة، يحرم نشر أو بث أي منتجات إعلامية تدعو إلى الكراهية أو تشجع على العنصرية في شتى أشكالها، كما ينص على احترام هوية الأقليات والجماعات الأثنية أو العرقية الصغيرة في الخطاب الإعلامي.
رابعاً: تشكيل مجلس حكماء يتألف من ممثلي منظمات حقوق إنسان ومؤسسات رصد وبحث معنية بحماية التنوع الثقافي والديني في العراق، ترصد ظواهر التحريض المختلفة، تحدد بموجبها تحركات وتوجهات المجتمع المدني أمام المؤسسات القضائية والتشريعية والتنفيذية.