اذا كانت الخلافات بين المكونات السياسية العراقية ذات شأن داخلي فأن الامتداد الإقليمي والمصالح التاريخية بين هذه المكونات وبعض الدول المجاورة تفرض شكلا من اشكال التكافل والضمان لحل هذه الخلافات وقد يبدو هذا الامر غريباً بعض الشيء وقد يبدو مرفوضًا من قبل الكثيرين الذين يتحدثون عن الاستحقاق الوطني والضرورة الوطنية ورفض التدخل بالشأن العراقي الا ان التجارب المريرة والفشل والتخوين والتأزيم والمناكفات وتبادل الاتهامات على مدى اكثر من اربعة عشر عاما اثبتت بأن الوفاء بالعهود والالتزام بالدستور واحترام المواثيق تعرض الى سلسلة من الاهتزازات وتسبب بفقدان الثقة بين اطراف الازمة العراقية وبات المواطن العراقي في الشمال والوسط والجنوب ينظر بعين الريبة والشك الى أي مشروع للتسوية يتم طرحه ولم يعد متفائلا او مصدقاً للكثير من التصريحات والوعود التي يطلقها سياسيون او يتحدثون بها عبر وسائل الاعلام وقد انسحبت مظاهر الشك هذه على مساحات كبيرة من النشاطات السياسية والاقتصادية في العاصمة بغداد وفي المحافظات وصار من الصعب الحديث عن انطلاقة جديدة او فتح ملف جديد او عهد جديد لتدارك الاوضاع في العراق ولربما يصح القول ان المرحلة المقبلة تحتاج الى تطمينات تعيد للحياة السياسية ديمومتها ولايمكن الحديث عن مثل هذه التطمينات من دون ربطها بضمانات تحفظ للعراقيين تضحياتهم ولاتستهين بدماء الشهداء الذين سقطوا من أجل ان يعود العراق دولة كاملة الحضور وان تصان كرامة ابنائه بين الامم الاخرى ولاتفرط بمكتسبات مابعد التحرير واندحار عصابات تنظيم داعش وسيكون من الصعب جدًا الطعن بهذه الانتصارات وتكرار ظهور الحواضن وفسح المجال لنفاذ التكفيرين الى داخل المدن المحررة او التهاون في شيوع ثقافة الكراهية والتطرف من على منصات التظاهر او في مضامين خطب المساجد وسيكون من المناسب جدا مقايضة الحرية والسلام والحياة الكريمة داخل الوطن الواحد بالتعاهد على صون الوطن وحمايته والدفاع عنه ومنع عودة تنظيم داعش او أية تنظيمات جديدة تريد نشر الفوضى والخراب في العراق وان ترتيب هذه الضمانات وصياغتها بما يتسق والدستور العراقي وبما يحفظ كرامة الناس ويحترم خصوصياتهم ومعتقداتهم تقع مسؤوليته على الحكومة والقوى السياسية والشعبية التي صنعت النصر العراقي الكبير واعادة مدنه المغتصبة الى ارض الوطن. وان ثمار مثل هذه الضمانات ستتسع وتتبلور على شكل منافع اقتصادية ومالية واجتماعية وأمنية وتخلق بيئة آمنة للسلام في كل ربوع العراق.
د.علي شمخي
الضمانات قد تكون حلاً
التعليقات مغلقة