الليل والحدباء والنصر والشهداء

في تلك الليلة التي ترجلت فيها الحدباء من عليائها .. ايقنت اننا امتطينا صهوة النصر الاكيد .. فلقد كان اعدام مئذنة الحدباء من قبل شذاذ الافاق دليلا قاطعاً على انهيار وهم ما يعرف بدولة الخلافة المزعومة التي تسببت بتشويه صورة الاسلام الحقيقي ، دين السماحة والمحبة وتقديس زرع الله في الارض (الإنسان) ،
انا شخصياً لم اكن مستغرباً من لجوء الدواعش إلى نسف الحدباء ، فهم ارباب سوابق في هذا المجال اذ سبق لهم ان فجروا جامع النبي يونس ودمروا اثار الموصل بما تحمله من قيم عظيمة .. فمن يقتل البشر يهون عليه نسف الحجر لأنه لايعي ولا يعلم قيمة هذه الاشياء .. ولكن بالمقابل ان تدمير منارة الحدباء أرَّخ بنحو لايقبل الشك لبداية فصل جديد في حياة العراقيين ، فصل يخلو من داعش وإرهابها الاسود .. فصل ما كان له ان يُكتب لولا تلك الدماء التي اريقت فوق اديم ارضنا المقدسة لتطهيرها من دنس البغاة الاشرار ، بل لنقل ان الفصل الجديد من حياتنا كُتب بمداد تلك الدماء الطاهرة .. دماء الشهداء من ابطال قواتنا المسلحة الباسلة وفرسان جهاز مكافحة الارهاب وشرطتنا الاتحادية البطلة وحشدنا الشعبي الذي جسَّد وحدة العراقيين ، تلك الوحدة التي ماكان لها ان تتحقق لولا الفتوى التاريخية للمرجعية الدينية ممثلة بالسيد السيستاني .. ولا ننسى ايضا ونحن نتحدث عن الدماء الزاكية ان نذكر بإجلال دماء زملائنا الاعلاميين والصحفيين الذين كانوا يتسابقون مع المقاتلين لينقلوا لنا صورة النصر وبطولات ابناء العراق ، فاستشهد منهم من استشهد وجُرح من جُرح ، ولكن حسبنا ان تلك الدماء قد ازهرت نصراً مؤزراً ,.
نعم ، ومن دون ان ننتظر بيانا رسميا من الحكومة تعلن فيه تحقيق النصر الناجز ، فقد سبقنا إلى ذلك الدواعش انفسهم بإعلان نصرنا الكبير في تلك اللحظة التي اقدموا فيها على اعدام جامع النوري ومنارته الحدباء ، وما تبقى بعد ذلك ليس سوى تواقيع يقوم بها ابطالنا ليتركوا بصماتهم شاخصة وهي تشير إلى ان رجال العراق مروا من هنا فحرَّروا الارض والعرض وأحالوا وهم الخرافة إلى واقع عراقي عنوانه البطولة والرجولة والأخوة.
نعم ، انتصرنا .. ولكن ، علينا ان ننتبه لمرحلة ما بعد النصر ، ولنا ان نتأكد ان عدونا لن يبقى مكتوف الايدي مقطوع الالسن ، بل سيتربص بنا ويحاول جاهدًا استغلال ثغرة هنا او غفوة هناك ، او نشوة تنسينا حقارة هذا العدو الذي ليس له هم سوى القتل والدمار لكل ماهو جميل في الارض ، كما ان هناك من يسعى لتجيير النصر لصالحه ، وهو الذي لم يكن يعلم بما يجري هناك في جبهات القتال !!
ونحن نحتفل بنصرنا الكبير ، علينا ان لا ننسى ابدا شهداءنا الابرار ، ومنهم شهداء الاعلام الذين كانوا احدى الاثافي المهمة في تحقيق النصر ، واضعين في حساباتنا اؤلئك الامهات اللواتي ثُكلن بفلذات اكبداهن والزوجات اللواتي ترملن والأطفال الذين تيتموا ، كل هؤلاء يحتاجون إلى من يربت على اكتفاهم ويرعاهم رعاية تليق بما قدمه ابناؤهم .. علينا ان لا ننسى الجرحى الذين توسموا بوسام البطولة ، فهم بأمس الحاجة إلى من يهتم بهم .. فالشهداء والجرحى هم الذين صنعوا النصر ..

مبارك لنا النصر .. وحمى الله العراق وأهله من كل سوء
عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة