على طاولة المركز العراقي للتنمية الإعلامية
اعلام المركز:
شدد نخبة من خبراء السياسة واكاديميين، على ضرورة عدم الانجرار وراء الازمة الخليجية المفاجئة والمعقدة ، مؤكدين على انه ليس من مصلحة العراق التدخل في سجال الاطراف المتناحرة ، وان لايكون محورا في دائرة الصراعات.
جاء ذلك خلال الندوة نصف الشهرية التي نظمها المركز العراقي للتنمية الاعلامية تحت عنوان « دور العراق اتجاه الازمة الخليجية، والعلاقات العراقية الخليجية» بحضور الوكيل الاقدم لوزارة الخارجية د. نزار خير الله ونائب مستشار الامن الوطني صفاء الشيخ وعدد كبير من الشخصيات السياسية.
العراق والازمة الخليجية
واستهلت الندوة التي حظيت بحضور نوعي بكلمة رئيس المركز د. عدنان السراج رحب فيها بالضيوف قائلا في هذه الايام الرمضانية المباركة التي تتزامن مع انتصارات قواتنا الامنية البطلة التي سجلت اسطورة العصر، كان لابد للاعلام ان يخطو خطوة الى الامام، فهو شريك حقيقي وكامل لنشاطات الدولة التي لابد ان تبنى على تعاون الجميع، مضيفا انا سعيد بهذا الحضور، فالعراقيون اعطوا امثولة للعالم بانتصاراتهم الكبيرة وتماسكهم الثري، داعيا الحضور الى قراءة سورة الفاتحة على ارواح الشهداء الابرار الذين سفحوا الدم من اجل استعادة كل ذرة من تراب العراق الموحد.
رئيس تحرير جريدة الدستور ومدير الجلسة الاعلامي باسم الشيخ، افتتح اعمال الندوة بكلمة ترحيبية، معلنا عن فحوى المناقشة التي تركزت حول دور العراق وعلاقاته الخارجية، خاصة موقفه من الازمة الخليجية، داعيا الوكيل الاقدم لوزارة الخارجية د. نزار خير الله للحديث حول هذا المحور.
خلق جو من التشاركية
واشاد الدكتور نزار خير الله في بداية حديثة بما حققه العراقيون في محاربة داعش الارهابي وكيف اعطوا مثالا رائعا من خلال انتصاراتهم التي يشهدها العالم كل يوم وهي ليست بالقليلة ولايمكن ان تسجل الا في المدارس الحربية ، مشيرا الى ان التماسك والتشبث الحقيقي في الوطن في كل عصر امر مهم وان تماسك العراقيين بصورة متميزة كسر كل الارادات التي راهنت على انهيار البلد.
واوضح الدكتور خير الله ان وزارة الخارجية تطمح دائما ان يكون بينها وبين المراكز الاعلامية ومراكز الدراسات والبحوث تواصل من اجل الافادة من آرائهم وخلق جو من التشاركية ، يرافق ذلك حرصها دعوة رؤساء الصحف ووسائل الاعلام للبحث في شؤون الدولة والتعمق في الكثير من الامور وفهم طبيعة التغيرات في الـ « social media» والاستماع حتى الى الاراء النقدية والتي تكون مبنية على اسس صحيحة لدورها المهم والاساسي في صنع القرار.
عوامل اقليمية ودولية
بعدها تحدث الضيف حول موضوع الندوة « دور العراق اتجاه الازمة الخليجية والعلاقات العراقية الخليجية» مؤكدا ان العراق لايساوم على قضاياه الامنية، لكنه يسعى لمعالجة مشكلاته بكل حكمة بعيدا عن التصعيد ، وتابع ان البلاد بدأت التفكير جديا بالتعامل بالمثل مع بعض الدول التي لم تبعث لها سفيرا حتى الان الى بغداد، ونحن حريصون ان نصل لأفضل العلائق مع الدول وخاصة الجوار شريطة عدم المساس بسيادة العراق.
وبشأن الازمة الخليجية اوضح خير الله ان الازمة عميقة جدا والمنطقة مقبلة على اعادة هيكليتها من جديد وهناك عوامل اقليمية ودولية جعلت من الازمة معقدة، مشيدا في الوقت ذاته بزيارة رئيس الوزراء د. حيدر العبادي الى السعودية والتي كانت بدعوة رسمية، كونها تمثل الحيادية وعدم الانجرار وراء هذا الطرف او ذاك.
سياسة العراق الخارجية
نائب مستشار الامن الوطني صفاء الشيخ اجاب عن التساؤلات بشأن سياسة العراق الخارجية قائلا ان العراق نأى بنفسه عن المحاور المتصارعة وخطواته السياسية محسوبة بدقة متناهية، لافتا الى ان البلد يقف اليوم امام تحد في استعمال موارده بمواجهة بعض القوى وعناصرها المعروفة، فالعراق استهلك اموالا كبيرة في مواجهة قوى الظلام وخاض حربا مكلفة ضد داعش الارهابي».
واضاف ان العراق يقيم علاقات متوازنة مع جميع الدول ولم ينخرط مع اطراف النزاع، يرافق ذلك عمله على تنسيق سياسته الخارجية، والعمل على تفتيت ازمات الداخل وايجاد الحلول الناجعة لها بالتعاون مع المواطنين، للقضاء على الأزمات.
تداعيات الازمة القطرية
وبالعودة الى الازمة القطرية اوضح الشيخ ان قطر تشترك مع ايران في اكبر حقل تحت الارض في العالم، الامر الذي يتطلب ان تكون علاقتها ودية او محايدة وممكن ان تكون عدائية فهي من يحدد ذلك، لافتا الى ان السعودية ليست لديها تلك المشكلة بل تنظر لايران كدولة تنافسها على المنطقة، ما يعني وجود اختلاف بالمصالح الاستراتيجية.
وعرج الشيخ بالقول ان قطر تعوض عن ضعفها السكاني مع الفائض المالي المتراكم منذ التسعينيات بصندوق يدعى « صندوق الاستثمار» بأكثر من 100 مليار استعملته في توطيد سياستها الخارجية، وانها بدأت بصورة صحيحة لكنها انتهت نهاية غير صحيحة في مبدأ الثقل الدولي لتوفير الحماية.
وافاد الشيخ ان لدى قطر مادة في الدستور تنص على ان تعمل على توطيد السلم بالعالم بالوسائل السلمية، وبتطبيقها الدستور وعمل صفقات سياسية معينة، تبقى بلدا صغيرا ليس لديه مؤسسات كبيرة تقوم بعمليات استراتيجية كبيرة تتابع ذلك، لكنها تستطيع ان تقوم بصفقات معينة.
حركة الشعوب العربية
وتابع .. في العام 2011 مع حركة الشعوب العربية، لم تقم قطر باي من تلك الحركات نتيجة مستوى الدخل العالي للفرد، حيث يعد اعلى مستوى دخل بالشرق الاوسط والعالم، فالشعب غير مهتم بالسياسة لذلك لم تشهد اي نوع من انواع الانقلابات او التظاهرات، فضلا عن ان وجود ذراع الاخوان المسلمين جعل من قطر تنتقل من دور الوسيط الى دور المؤثر الذي يوزع الاخوان في بعض دول العالم، وهو عمل اكبر من حجمها الامر الذي ادى الى اصطدامها بمجموعة اكبر منها.
مختتما.. هذه الاسباب التي تكمن وراء الصراع القطري السعودي، فالصراع قائم وقد يكون صراعا طويلا او قصير الامد، ومن هنا السياسة العراقية تنأى بنفسها رسميا عن جميع المحاور المتصارعة وخطواته السياسية محسوبة.
بناء نهضة اعلامية
وتضمنت الندوة، تكريم نخبة من الاعلاميين بالشهادات التقديرية تثمينا لدورهم الفاعل في بناء نهضة اعلامية، حيث تم تكريم محافظ بغداد الاسبق د. صلاح عبد الرزاق، والكاتب والاعلامي عبد الحليم الرهيمي، والاعلاميون كامل امين، د. عصام الفيلي، حمزة مصطفى.
ومن ثم دعا رئيس المركز د. عدنان السراج رئيس شبكة الاعلام العراقي د.علي الشلاه لتسليم شهادة تقديرية للاعلامي فاضل ابو رغيف، وحرص مدير المركز العراقي للتنمية الاعلامية على اختتام كرنفال التكريم بمنح وزير الداخلية قاسم الاعرجي درع المركز لجهوده الواضحة في حفظ الامن ومستشار وزير الداخلية د. وهاب الطائي، لدوره الاعلامي الفاعل. وقام بتسليم الدرعين النائب السابق فوزي اكرم ترزي.
تحالفات دولية متوازنة
بعد ذلك شهدت الندوة التي استمرت زهاء الساعتين جملة من النقاشات والمداخلات التي اغنت محاورها بالكثير من التحليل والدراسة الجدية، حيث شدد الحاضرون على اهمية ان يبقى العراق ثابتا على موقفه من الازمة وان لاينجر وراء اي محور يحمله اعباء جديدة، قد تغير من خارطة تحالفاته الدولية المتوازنة مع جميع دول العالم، مبينين ان العراق يعمل حاليا على هدف سام وهو القضاء على الارهاب، لذلك هو بمنأى عن الانجرار وراء الامور الجانبية والمشكلات الداخلية، واتفقت نقاشات الحضورعلى ضرورة العمل والبحث بجدية لمعالجة المشكلات التي تواجه البلد، ووضعه على سكة العلاقات الصحيحة.
يذكر ان المركز العراقي للتنمية الاعلامية اقام على حدائقه مأدبة افطار للحضور بمناسبة شهر رمضان المبارك، الشهر الفضيل الذي بعث بنسائم النصر والتلاحم ضد قوى الشر والظلام.