يكمن سبب النزاع بين تركيا واميركا في مواصلة الأخيرة بتقديم الدعم للأكراد السوريين الذين يحاربون تنظيم داعش الإرهابي وذلك بعد عامين من الشراكة، ولكن ما لم يكن معلوماً لدى العديد أن الإجراءات والقرارات التي اتخذها الرئيس رجب طيب أردوغان تسببت في عرقلة الجهود المشتركة بين الولايات المتحدة الاميركية وتركيا للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي؛ الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى توطيد علاقاتها مع وحدات حماية الشعب الكردية والميليشيات العربية السورية وتشكيل قوات سوريا الديمقراطية في نهاية المطاف؛ ومع سيطرة هذه القوات على الرقة، فمن غير المرجح أن تتخلى عنها إدارة ترامب الآن.
في الأيام الأخيرة من حقبة إدارة أوباما، كان الرئيس الأميركي على استعداد بزيادة التدريب والمساعدة لقوات سوريا الديمقراطية للقضاء على داعش نهائياً، إلّا أن الجنرال المتقاعد مايكل فلين -مستشار ترامب للأمن القومي- طلب من أوباما إيقاف تلك المساعدات ليتسنى لفريق الإدارة الجديدة إجراء تقييم خاص بهم؛ وأصبح واضحاً الآن بأن فلين قد تم رشوته لتمثيل مصالح الحكومة التركية قبل أن يصبح مستشاراً للأمن القومي.
يبدو أن إدارة ترامب قد توصلت إلى النتائج نفسها التي توصل إليها أوباما بعد دراسة جميع الخيارات، وهي أن القوات الديمقراطية السورية تعد القوة الوحيدة الصالحة لإعادة السيطرة على الرقة في مدة قصيرة؛ ومع ذلك، قررت إدارة ترامب تأجيل تقديم الدعم الإضافي للقوات احتراماً للتحالف بين الولايات المتحدة وتركيا وسياسات أردوغان الداخلية؛ ويبدو أن إدارة ترامب كانت تنتظر نتائج الاستفتاء التركي في 16 من نيسان الماضي لزيادة تعزيز السلطة الرئاسية؛ مما سيمنح لأردوغان فرصة في عدم إثارة المشاعر القومية التي تناهض الخطة الاميركية، لكن خطة التأثير على تركيا لم تنجح، فقد واصل الجيش التركي الاعمال الرادعة في سوريا والعراق من دون تنسيق مع الاميركان، وزادها أن قدمت تركيا دعمها للاقتراح الروسي بإنشاء “مناطق تصعيد” لتجميد الصراع في أماكن أخرى في سوريا، وأشار أحد مستشاري أردوغان إلى أن القوات الاميركية قد يتم قصفها إذا ما استمرت في دعم السوريين الأكراد، وإذا نفذت تركيا هذه التهديدات، فإن ذلك سيؤدي إلى إحداث حرب حدودية بينها وبين الأكراد تعطل حملة تحرير الرقة؛ الأمر الذي يقوض مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة.
*****************************
* كولن كول- واشنطن. برنامج الدراسات الامنية
واشنطن وأنقرة.. الى المواجهة
التعليقات مغلقة