“اليوم بسنة” في ظل سطوة داعش بأيمن المدينة
نينوى ـ خدر خلات:
ابتكر المواطنون المحاصرون بالاجزاء القليلة المتبقية بيد داعش بايمن المدينة خططاً يائسة لضمان وصولهم احياء او اموات، وسط اوضاع كارثية حقيقية، فيما نداءات الاستغاثة والبحث عن مفقودين من المدنيين بات الشغل الشاغل للمئات من العائلات الموصلية المنكوبة.
وقال الناشط الحقوقي والمدني الموصلي لقمان عمر الطائي في حديث الى “الصباح الجديد” انه “في ظل الاجراءات الوحشية التي ينتهجها تنظيم داعش الارهابي في منع هرب المدنيين المحاصرين من المدينة القديمة في الموصل وبعض الاجزاء المتبقية من حيي الشفاء والزنجيلي، واستهدافهم بشتى صنوف الاسلحة، كالعبوات الناسفة، الهاونات، الدوشكات وحتى الرمانات اليدوية، فقد اضطر الاهالي الى ابتكار خطط يائسة قد تضمن سلامتهم او تضمن وصول جثامينهم الى ذويهم”.
واضاف “في لقاءات لنا مع عدد من الناجين من مناطق الموصل القديمة، ابلغونا ان اليأس دفع بالكثير من المحاصرين بكتابة الاسم الثلاثي واللقب والعنوان ورقم موبايل معارف في مناطق آمنة من المدينة، على الذراعين، مع كتابة المعلومات نفسها على اكثر من نسخة ورقية ووضعها بالجيوب، بهدف التعرف عليهم في حال تعرضهم لنيران داعش في اثناء الفرار والذي يعني الموت شبه المحتم”.
واشار الطائي الى ان “بعض الاهالي الناجين ابلغونا انهم يحملون ايضا سيم كارت مع مستمسكاتهم الشخصية كي يتم الاتصال بأي من الارقام التي يحويها بهدف ايصال جثثهم ـ في حال تعرضهم لمكروه ـ فيما يقوم اخرون بحمل صور شخصية وعائلية مع احتياجاتهم للغرض نفسه”.
وتابع “بعض الناجين من تلك المناطق يرون الاساليب الوحشية التي يتبعها عناصر داعش المحاصرين، وخصوصا من الارهابيين الاجانب والعرب، والتهديدات المستمرة بابادة المدنيين وابادة عائلاتهم في حال وجود اية شكوك، فيما الكثير من المنازل والاقبية الارضية باتت سجونا ومدافن جماعية للعشرات من الاهالي، فضلا عن موت العشرات جوعاً وعطشاً بتلك الاقبية التي حولها الدواعش الى سجون حقيقية”.
ونقل الطائي عن عدد من الناجين قولهم ان “اليوم الواحد في المناطق التي يسيطر عليها الدواعش يوازي سنة كاملة من الرعب والخوف والقلق، وان الكثير من المواطنين فقدوا رشدهم وتصيبهم نوبات من الهستيريا وهو يرون اوضاع عائلاتهم المزرية من الجوع والعطش والاخطار المستمرة بسبب القصف ووحشية الدواعش”.
وحذر الطائي من “انتشار امراض نفسية وجسدية بين الهاربين من بطش داعش، بسبب الاوضاع المزرية وبسبب النقص الحاد في الاغذية ومياه الشرب، فضلا عن حالات خطرة من الامراض الجلدية التي تظهر بعضها على الاطفال، اضافة الى ضرورة الاسراع بتوفير العلاجات الخاصة بالامراض المزمنة للمتقدمين بالسن”.
واستطرد “مآساة العائلات الناجية لا تتوقف عند الخلاص من مناطق داعش، بل ان هناك رحلة مضنية من البحث عن بقية الافراد من تلك العائلات، الذين تفرقوا بسبب تعرضهم لنيران داعش، حيث انهم يستغيثون لمعرفة مصير ابنائهم واطفالهم، واخرون يبحثون عن امهاتهم وابائهم في المخيمات او في المستشفيات، وسط حالة من الفوضى العارمة”.
وكشف توغل عدد من القطعات الامنية بالمدينة القديمة عن وجود قبو يضم رفات 40 ضحية من ضحايا داعش بضمنهم 34 رجلا و ست نساء، والذي من المرجح انه قضوا عطشا وجوعا مع وجود اثار تعذيب على بعض الجثث.
وكانت “الصباح الجديد” الجديد قد كشفت امس عن تفاصيل (كارثة معمل البيبسي) في منطقة الزنجيلي التي راح ضحيتها نحو 200 مدني اغلبهم من النساء والاطفال والكبار بالعمر بعد استهدافهم من قبل عناصر داعش بشتى الاسلحة في اثناء محاولتهم الهرب باتجاه القوات الامنية المشتركة.