بعد أعلان وزارة الكهرباء عن عزمها تنفيذ مشروع جديد يصب في مصلحة المنظومة الكهربائية والمواطن وبينت أنه يتضمن خصخصة قطاع التوزيع ، إذ تم بموجب ذلك تقسيم العاصمة بغداد والمحافظات الى 180 منطقة ، وبدأت الكثير من الشركات المستثمرة بتقديم عروضها ومنها شركة بهرزيار وديار الغانم وكريستال وخضراء القائم.
وبعد إكمال عملية إرساء العروض المقدمة نفذت الوزارة العقد الأول في ثلاث محلات في منطقة زيونة واربع محلات في جانب الكرخ وتحديداً في منطقة اليرموك والذي تم تنفيذه من قبل شركة ( به رزيار ) وكانت أول من يطبق تلك التجربة ، بعد إحالة موضوع تجهيزها بالكهرباء لأحد المستثمرين لمدة خمس سنوات على أن يتقاضى نسبة من أموال الجباية أن يقوم المستثمر بعملية الخدمة وجباية الأجور من المواطنين شهرياً على وفق التعرفة المعمول بها حالياً ويجهز التيار الكهربائي على مدار 24 ساعة كما ويقوم المستثمر بنصب مقاييس ذكية للسيطرة على عملية التوزيع وتسديد ما نسبته 80 بالمئة من أجور موظفي القطاعات والصيانات التابعة لها .
ومما تقدم فأن تجربة إستثمار قطاع التوزيع تصب أولاً لتحقيق واردات مالية تعزز من قدراتها في تحسين أداء شبكات التوزيع التي عانت ماعانت من الأختناقات والضياعات التي تسببها التجاوزات والعبث بمكونات الشبكة الكهربائية .. إذ يعد العراق من أول البلدان النامية التي تعاني من الهدر في الطاقة لانعدام الأجواء المناسبة والصحيحة التي تسهم في الحد من التجاوز وعمليات التغذية غير القانونية والأصولية .
ولعل من الفوائد التي ستفرزها خطوة شمول قطاع التوزيع بالأستثمار هي أولاً لتقليل الضائعات وترشيد الأستهلاك وأنهاء التجاوزات على شبكات التوزيع داخل الأحياء السكنية والمناطق التجارية وضمان التوزيع العادل بين المناطق وبالتالي تحقيق حالة أستقرار المنظومة الكهربائية ، إضافة الى أن مشاريع الأستثمار ستنظم عملية الجباية التي تحقق بالتالي زيادة في واردات الكهرباء بنحو واضح ينعكس على ترشيد الأستهلاك وزيادة ساعات التجهيز وتقليل الضائعات وتحسين جباية أجور الأستهلاك تمهيداً لتطبيقها على بقية المناطق في العاصمة بغداد وجميع المحافظات .
ولكن تبقى هذه العملية مهددة بالأنهيار مالم يلتزم المواطن بترشيد أستهلاك الطاقة وهو حالة حضارية قبل أن تكون عملية إقتصادية .. الترشيد لايعني حرمان المواطن من حرية الأختيار والتصرف في مايريد فعله أو البذخ فيه وإنما هو هدف أسمى تكون نتائجه إيجابية ومثمرة يؤتي بمردودات ومنافع يمكن إستغلالها في تحقيق الأشياء التي تتطلبها مفردات الحياة اليومية للفرد أو للمجموعات بصورة عامة .
وبهذا الصدد فقد دأبت دوائر الكهرباء وعبروسائل الأعلام الى إقامة ندوات ولقاءات تحث المواطنين على أتباع أساليب الترشيد وبالتالي توفير طاقة متاحة بالأمكان أستغلالها لسد النقص الحاصل من الطاقة نتيجة الطلب المتزايد عليها .
عليه فأن كل الدلائل تشير على أن تطبيق مثل هكذا مشاريع إستثمارية من دون إتخاذ الخطوات العملية لأنجاحها خاصة مايتعلق وفهم المواطن ودرايته بمردوداتها المنشودة تبقى محفوفة بمخاطر كثيرة .
محمود خيون
الكهرباء.. والاستثمار
التعليقات مغلقة