استعادة الأصول

مامن ميزان للتفاضل بين الناس افضل من ميزان التقوى الذي وضعه الله واتخذه عنواناً للعمل والتكريم والجزاء من دون ان يميز العلي القدير بين الناس او يفصل على الهوية والانتماء (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير..) ومامن امة او قوم اضاعوا هذا القسطاس الا وضاعت عندهم موازين العدالة والانصاف ودخلوا في ميادين الفوضى والاجحاف واحاطت بهم المظاليم وبقيت هذه القيم السماوية محط احترام وتقدير وتقديس في امم كثيرة واتخذتها الدول دستورًا ناجزًا وحاسماً في اختيار القادة والزعماء وتثبيت من هم اهلا للاستحقاق في المناصب والعناوين. ولطالما كانت فضيلة العلم قرينة للتقوى ولطالما افردت الدول منازل التكريم والتمجيد والتبجيل للعلماء ولمن يجتهدون في العمل والابتكار من اجل اسعاد البشرية .
وتحت ظلال هذه العدالة استقرت الامم وباتت آمنة مطمئنة بهذه العدالة وخلاف ذلك غادرت امم اخرى هذه الاصول وهذه القواعد واجتهدت بجهل واستبدلت ماهو ثمين بما هو بخس وماهو عزيز وكريم بما هو مذل واقحمت عناوين الديكتاتورية والاستبداد والفساد نفسها بهذا الميزان الالهي ورفضت الانصياع لهذه العدالة الالهية في التفضيل والتفاضل بين الناس واخرجت لنا دولة الخوف منظومة نصوص وتوجيهات وتعاليم وقوانين اكرمت فيها مجاميع التملق والولاء وفضلتهم وقربتهم ووضعتهم في منازل بطانة السلطان وحاشيته وانزلتهم في القصور والقلاع من دون حق بعد ان استبدلت عناوين العلم والفضيلة والتفوق بعناوين الانواط والشارات والدرجات الحزبية والقدرة على تقديم القرابين والفوز برضا الزعماء ..!! ومن ثم فرطت أمة أخرى بالاصول وبالعدل الالهي بميزان المحاصصة والانتماء واستبدلت ميزان الاقتراب من الله بالاقتراب من دين السلطة ومذهب السلطة وقومية السلطة وعشيرة السلطة وادخلت البلاد في نفق الجهل وميادين الفوضى واضاعت مفاتيح الامن والرخاء والزمت الفضلاء والعلماء بالجلوس في بيوتهم وضيقت عليهم فرص مساعدة وطنهم وشعبهم وفتحت اوسع الابواب امام الجهلاء والمتخلفين للفوز بالمناصب وادارة البلاد وقيادة العباد ..لا حل ولا امل في استعادة عافية هذا الوطن الا باستعادة الاصول..
سُئل الإمام علي بن ابي طالب ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟
قال : ثلاثة :وضع الصغير مكان الكبير . وضع الجاهل مكان العالم . وضع التابع في القيادة…
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة