الجوائز الأدبية ومحنة القبول

مع كلّ جائزةٍ أدبية يكثر الحديث عنها بين جناحين مختلفين، مؤيدٌ لها ومعارضٌ ضدّها بالمجمل وهو أمرٌ لا يخلو من التعصّب الثقافي.. وكأن هذه الجوائز هي المحصلة النهائية التي يصل لها الأديب وهي خطّ النهاية الذي سيتربع على منصّة الفوز ولن يقف بعدها أو إنه لن يخوض مضمار الأدب كونه حصل على المبتغى ونال الشهر وانتهى. أن هذا الحديث ربما يعد حديثاً مرضياً إن صح القول وهي حالةٌ يعاني منها الوسط الثقافي الذي تتنازعه الكثير من الحالات التي قد تعد على إنها حالةٌ مرضية لدى البعض أو إنها حالةٌ طبيعيةٌ لدى البعض الآخر.. ومن هذه الحالات المرضية الخاصة بالجوائز التي تقدّم في هذا المحفل أو ذاك أو تقيمها هذه الجهة أو تلك وتصل حالات الانتقاد خاصة الى لعن القائمين عليها والتحريض على عدم المشاركة فيها وكأنها أي المسابقات سبّة غير نظيفةٍ وانها تأتي بشيءٍ مقيت يسيء الى الثقافة والمنجز والتاريخ والإرث، وتعدّ المشاركين فيها من مرتكبي الجرائم الثقافية.. فالبعض يصفها بالجنازة والآخرون يقولون تعطى لمن لا يستحقها ويأتون بمن رفض جائزة نوبل مثالاً على الجميع الاقتداء به بل إن البعض يتّهم المشاركين بها بعدم ثقتهم بأنفسهم وبإبداعهم ويبحثون وأنهم من الباحثين عن فرصةٍ لتقويم النتاج من خلال الحصول على جائزة وإن بعض الاتهامات تصل الى تخوين المثقف لأن هذا الجائزة أو تلك لا تخلوا من أجنداتٍ خارجية تريد الاطاحة بالتاريخ والارث الأدبي لهذا البلد او ذاك ولهذه الامة بل الى خراب اللغة والإبداع. إن الكثير من الأدباء يشاركون في المسابقات الأدبية سواء منها الشعرية أو القصصية أو الروائية بل البعض يشارك حتى في مسابقة القصة الواحدة أو القصيدة الواحدة للبحث عن فوزٍ حتى لو كان معنوياً لأنهم يدركون إن الجائزة تعني سطوع الاسم وتداوله بين الناس وبالتالي شيوع اسمه والبحث عن نتاجه الأدبي وزيادة عدد المطبوعات والاصدارات وغلاء الاسعار وهذه كلها تعود له بالفائدة فضلا عن قيام دور النشر بطبع نتاجه بطريقة ليس كما كانت قبل الفوز بالجائزة حيث يدفع لدار النشر بل إن دار النشر تدفع لبه لأنها ضمنت بيع النتاج الادبي لعدة طبعات فقد أصبح الاسم معروفاً وسط القراء. لكن هذا البعض يسارع لمهاجمتها بطريقتين الاولى انه لم يفز بها معتقدا انه الأحق أو إنه يضمر مشاركته فيها ويهاجمها من الناحية المبدئية فيسبغ عليها الكثير من الأوصاف التي يراها بحسيب رأيه تنطبق على هذه المسابقة أو تلك. إن الجوائز لا تعني بالتأكيد أحقية الأديب أو نتاجه الأدبي ليكون في المقدّمة الإبداعية وأنه الأفضل ولا يمكن أن تخلوا المسابقات من توجهات سياسية، لكنها مسابقات أدبية تشبه أية مسابقة تقام في العالم حتى لو كانت لأفضل طبخة لطعام جديد.
علي لفته سعيد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة