الاوضاع الاجتماعية التي يعيشها الفرد داخل بيئته تحدد شخصيته وتؤثر على سلوكه ليخرج بعدها عن العادة المقبولة اجتماعيا»، اضافة الى ضعف البيئة الاقتصادية التي تساعد على ارتفاع معدلات البطالة والفقر والعوز مما يؤدي الى ارتكاب الجرائم نتيجة تدنى مستوى العيش وانعدام الخدمات من قبل الدولة ليزيد من ظاهرة السرقة وارتكاب الجرائم أواللجوء الى الانتحار.
هناك العديد من الشعوب تعيش تحت مستوى خط الفقر ، محرومة من حقها العيش بكرامة في الحياة من دون أي اعانة من الحكومات ،مهمشة اجتماعيا» نتيجة الفوارق الطبقية ، يؤلمها الشعور بالدونية تفتقد للعيش الكريم من سكن لائق، تأمين صحي ، تعليم ، ضمان شيخوخة ،مما يفاقم المشكلات الاجتماعية وتؤثر سلبا» على تصرفاتهم ، تسير بهم الى الاحباط وتقودهم الى العنف والتمرد وعدم الانتماء.
هناك ارتباط قوي ما بين الفقر وظهور الجريمة، فالفقر آفة تؤدي الى مظاهر مسيئة ،خاصة عندما يكون الفساد مستشريا وسط مجتمع تعيش فيه طبقة يسودها جو من الحرمان والقهر والجوع ليتطور من بعدها الى صراع طبقي ، نتيجة الجهل والمرض والاكتئاب ،خاصة لدى جيل الشباب الطموح المتحدي للاوضاع المتردية المكافح للحصول على مؤهل علمي وفي النهاية يصل الى طريق مسدود حيث يحرم من الوظيفة التي تجعله يعيش بكرامة وتؤثر سلبا» على حياته واخلاقياته، تقوده في اغلب الاحيان الى الاحباط والاكتئاب وعدم الرغبة في الحياة.
البيئة التي تحيط بالفرد والظروف الحضارية والثقافية التي ينتمي اليها في مجتمعه هي التي تحدد شخصيته من خلال النشأة الصحيحة والمبادىء السليمة والقرار النابع من الذات بسلوك الطريق الآمن ، لكن المشهد ينعكس فيما لو نشأ في بيئة خارجة عن القانون ساخطة على المجتمع نتيجة ظروف قاهرة وتفكك اسري وعنف بكل اشكاله ، تتكون من بعدها شخصية مريضة كارهة لمن حولها،ذات سلوك مشوه ملؤه الغدر والكراهية يقود صاحبه الى الادمان والضياع.
تصاعد وتيرة الجريمة اصبح أمرا» مقلقا ومخيفا» خاصة في البلدان التي شهدت احداثا» وحروبا» متتالية ، خلقت آفة اجتماعية وفوضى ، ولّدت الفقر والتشرد والضياع والحرمان للشعوب وأوجدت خللا» في المنظومة الثقافية وفشل في السياسات التي تنتهجها الحكومات على مدى عقود من دون ان تستدرك الامور وتعالجها قبل استفحالها، من خلال برامج توعية وتنمية بشرية تنهض بالبلاد وتساعد على تصحيح الخطأ الحاصل قبل فوات الأوان …
*كاتبة لبنانية
ايمان عبد الملك