“مدينة الزيتون” مهددة بخسارة لقبها
نينوى ـ خدر خلات:
تعاني عشرات الآلاف من اشجار الزيتون في ناحية بعشيقة من خطر الاندثار لاسباب عديدة يأتي في مقدمتها احتلال داعش للمدينة والتداعيات التي اعقبت ذلك.
جولة صغيرة في بلدتي بعشيقة وبحزاني المتاخمتين لبعضهما البعض، والشهيرتين بزراعة الزيتون منذ مئات السنوات تكشف حجم الخطر الداهم على بساتين الزيتون التي بات بعضها اشبه بمتحف لاشجار تموت واقفة وهي تحكي ظلم الارهاب الداعشي الذي حول تلك اللوحات الخضراء من البساط النباتي الجميل الى مشهد مشوه تفوح منه رائحة الموت.
ناحية بعشيقة (17 كلم شمال شرق الموصل) كانت تزهو بوجود اكثر من 150 الف شجرة زيتون مثمرة، عدا عشرات الالوف من غير المثمرة، وكانت بورصة الزيتون في العراق اجمع، حيث ان الاف الاطنان من ثمار الزيتون كانت تأتي الى بعشيقة من مناطق مثل سنجار و الحويجة وغيرها، ليتم اعادة بيعها لتجار في العراق و اقليم كردستان.
بعد احتلال بعشيقة في 6 آب 2014 من قبل تنظيم داعش الارهابي، لم يتم ري اشجار الزيتون التي تحتاج للمياه حيث ينبغي ري الاشجار لمرتين في الاقل سنوياً، علماً ان لكل شجرة حوض كبير (حفرة حول جذور الشجرة) يسمح بتخزين كميات جيدة من المياه، لكن الاشجار بدأت تذبل في العام الاول من احتلال داعش، بفعل بعض الصور التي كان يتم التقاطها بالاقمار الاصطناعة او بوسائل اخرى وكان الاخضرار يتحول الى لون بني.
وبعد مرور نحو 3 سنوات على بقاء اشجار الزيتون عطشى من دون ريّ، ظهر عدو جديد لبساتين الزيتون، حيث ان الاعشاب البرية الحقلية انتشرت بكثافة حول الاشجار بسبب غياب الفلاحين والمزارعين، واندلعت النيران لاكثر من مرة في اجزاء واسعة من تلك البساتين بفعل القصف الجوي على مواقع داعش طوال عامين، الامر الذي احرق الالاف من تلك الاشجار.
وبرغم تحرير بعشيقة منذ نحو 6 اشهر، الا ان جهود اعادة الحياة لاشجار الزيتون ما زالت خجولة او معدومة، باستثناء محاولات فردية من اصحاب بعض المزارع الذين سارعوا الى تطهير بساتينهم من الاعشاب وتقليمها وقطع السيقان الذابلة والاسراع بري الاشجار، علما ان اغلب الاشجار بدأت بالنمو مجدداً، لكنها بحاجة ماسة لحمايتها من الحرائق التي تجددت للاسف اكثر من مرة بعد التحرير، فضلا عن الحاجة الماسة لتوفير مياه الري، و ان مدينة بعشيقة مهددة بفقدان لقبها “مدينة الزيتون”.
يقول مزارعو الزيتون في بعشيقة، ان احد اسباب عدم الاهتمام باشجار الزيتون يعود لفوضى قوانين الاستيراد التي سمحت باستيراد شتى انواع ثمار الزيتون من دون فوائد كمركية الامر الذي اضر بالمنتج المحلي وباسعاره، حيث ان اصحاب البساتين كانوا قد بدؤوا باهمال اشجارهم حتى قبل احتلال بلدتهم من قبل داعش، لان عملية بيع المحصول بالكاد كان يغطي تكاليف الايدي العاملة لقطفه من الاشجار.
وبحسب مزارعين من اهالي بعشيقة، فان قوانين استيراد ثمار الزيتون من دون تعرفة كمركية يضر باقتصاد البلد قبل ان يضر بالفلاحين وجعل العراق يخسر سنويا الملايين من الدولارت بسبب خروج العملة الاجنبية من البلد وتوقف او انحسار الانتاج المحلي.
ويشار الى ان اهالي بعشيقة يتميزون بانتاج واحدا من افضل انواع الزيتون في العراق، كما انهم ينتجون زيت الزيتون النقي الذي يصلح لمعالجة الكثير من الامراض، كما كان يتم انتاج صابون زيت الزيتون الاصلي الذي لا يضاهييه أي نوع صابون آخر من المستورد او المحلي، وكل هذه المنتجات مهددة بالانقراض بسبب الموت الذي يجتاح بساتين الزيتون في بعشيقة وبحزاني، بسبب العطش والاهمال وغياب الدعم الحكومي.