القوّات العراقية تستعد لانتزاع آخر موطئ قدم لـ «داعش» في الموصل

توماس جيبونز ومصطفى سليم
ترجمة: حسين محسن

بعد تحقيق مكاسب سريعة في هجوم جديد، تقترب القوات العراقية من خنق المعقل الأخير للمئات من مقاتلي «داعش» الذين يختبئون في الأزقة المتعرجة والشوارع الضيقة في المدينة القديمة في الموصل.
وقال مسؤولون عسكريون ان الهجوم الاخير ستقوده وحدات مكافحة الارهاب التي تدربها الولايات المتحدة فى العراق وهي القوى نفسها التي دخلت المناطق الشرقية للمدينة فى اكتوبر- تشرين الاول عندما بدأت معركة استعادة المدينة. وتنطوي الخطة على تطهير الأحياء القليلة الأخيرة شمال البلدة القديمة وتطويق الحي الذي يمتد تقريباً 1500 متر مربع.
مع تواجد مئات الالاف من المدنيين في المدينة التي يدافع عنها مقاتلو داعش بالقناصين و الانتحاريين, يمكن ان تتحول المعركة بنحو سريع الى ازمة انسانية.
ويقول بعض القادة العسكريين العراقيين انهم يحاولون انهاء المعركة خلال الاسبوعين المقبلين قبل بدء شهر رمضان المبارك ويبدأ العديد من الجنود الصيام خلال النهار. لكن و بسبب الدفاع العنيف لداعش عن كل حي ، فمن غير الواضح ما إذا كانت الحملة ستنتهي في أي وقت قريب.
ويقدر الفريق الركن سامي العريضي، قائد القوات الخاصة في جهاز مكافحة الارهاب، أن هناك ما بين 250 و 350 مقاتلا من تنظيم الدولة الإسلامية، وكثير منهم فرنسيون وروسيون، في البلدة القديمة، إلى جانب أكثر من 200،000 مدني..
غير أن بعض قوات مكافحة الإرهاب تقدر تواجد اكثر من 1000 مقاتل ، بالنظر إلى المقاومة الشديدة التي ما زالت تواجهها على الأرض.
و تحظى المدينة القديمة باهمية معنوية كبيرة لدى تنظيم داعش، فقد اعلن ابو بكر البغدادي عن خلافته عام 2014 في جامع النوري الكبير.
و يظهر الحي ايضاً تحدياً كبيراً لوحدات مكافحة الارهاب, التي كانت قد شكلت كقوات نخبة مختصة بالغارات بعد الاحتلال الاميركي في 2003 , لكنها تحولت تدريجياً الى وحدة المشاة الهجومية الاولى في الجيش العراقي بعد ازدهار تنظيم داعش, و قال العريضي و مسؤولون آخرون انهم مستعدون لمهاجمة البلدة القديمة, لكن عليهم ضبط تكتيكاتهم عند تطهير الشوارع و الازقة الضيقة .
في الماضي، قاتلت قوات مكافحة الإرهاب المتقدمة, في المقام الأول من عجلاتهم، حيناً تلو الآخر، و اتخذوا استراتيجية استعمال عجلات الهمر والجرافات المدرعة لإغلاق الشارع قبل أخذ المباني المحيطة به سيراً على الأقدام ,و كلما يتم تطهير حي، يتدفق المدنيون عادة من منازلهم, مبطئين تقدم القوات.
وقالت ليز غراند، المنسقة الانسانية للامم المتحدة فى العراق، فى بيان لها إن الامم المتحدة تتوقع ان يهرب اكثر من 200 الف شخص مع اقتحام القوات العراقية للبلدة القديمة، وهو رقم وصفته بانه «مقلق».
في المدينة القديمة, جرافات (D8)المعدلة خصيصاً و التي كانت ضرورية لمعالجة السيارات المفخخة و تطهير العقبات التي يضعها التنظيم, ستكون كلها غير مجدية, و ستجبر على الارجح ان تبقى في الخلف في الطرق الرئيسة في حين تتحرك يتحرك المشاة في الخط الامامي, و قد ارسلت داعش على نحو متزايد دراجات نارية مزودة بالمتفجرات, و من المتوقع ان تستعملها على نطاق واسع في البلدة القديمة.
و قد طلب المسؤول اللوجستي لقوات مكافحة الارهاب علي جمال مؤخراً وصول جرافات صغيرة الحجم من التحالف الدولي، لكنه لم يتلق سوى ثلاثة, و جميعها غير مدرعة, و قال انه منذ بداية الحملة فقدت قواته ثمانية عجلات , بعض منها سحبت الى المقر و البعض الآخر تم التخلي عنها, و في يوم الثلاثاء الماضي, اصيب ثلاثة من سائقي الجرافات ,عن طريق استهدافهم بسيارات مفخخة و قناصين, مما اضطر القوات الى وقف تقدمها حتى وصول جرافات جديدة من وحدات أخرى.
احد السائقين الجرحى (محمد علي) صدم سيارة انتحاري في عمليات تطهير حي الرفاعي , و قد قام بدفعها الى حائط قريب قبل لحظات من انفجارها, و قد تلقى اصابات طفيفة بسبب الشضايا, و امضى اليوم التالي في الخطوط الخلفية ينشر الفيديو للعملية التي صورها بهاتفه الخاص اضافة الى العمليات التي تسببت بفقدان الجرافات, و ستعتمد قوات مكافحة الارهاب على الغارات الجوية للتحالف بنحو اقل لاخلاء المدينة القديمة, وقد اتهمت القوات الاميركية وقوات التحالف الاخرى بقتل الالاف من المدنيين خلال حملتها الجوية على العراق وسوريا, و قد ازدادت الاتهامات بالضربات الجوية الخاطئة بعد دخول القوات العراقية للموصل.
وقال مستشارو التحالف الذين يعملون مع الوحدة ان الدعم الجوى كان ضرورياً في مساعدة قوات مكافحة الارهاب بالسيطرة على المدينة من دون وقوع خسائر فادحة، حيث عدوا ان الدعم الجوي ضروري منذ الاعتماد على وحدات مكافحة الارهاب بتطهير اجزاء من غربي العراق بعد سقوط الموصل.
ومع ميل الدولة الإسلامية إلى استعمال الدروع البشرية والعدد الهائل من المدنيين الذين تركوا في البلدة القديمة، فإن أي نوع من الضربات الجوية سيتعين التدقيق به بنحو كبير لضمان استهداف مقاتلي الدولة الإسلامية فقط. وفي آذار / مارس، أدت غارة جوية أميركية، أطلقت بناء على طلب قوات مكافحة الإرهاب، إلى مقتل ما يزيد على 100 شخص في حي الجديدة في الموصل. ومازال التحالف يحقق فى الحادث.
وقال العقيد أركان فاضل، الذي يعمل مع قوات العمليات الخاصة الأميركية والاسترالية للمساعدة في توجيه ضربات جوية، إن قوات مكافحة الإرهاب ربما تعتمد اكثر بنحو كبير على الأهداف المحددة مسبقاً قبل أن تبدأ في التقدم إلى المدينة القديمة. وليس من الواضح كيف سيعمل ذلك عملياً، خاصة إذا حاول تنظيم الدولة الإسلامية الاستفادة من المناطق القريبة من المدينة و حاول عزل و السيطرة على مجموعات صغيرة من القوات العراقية المتقدمة.و اضاف اركان «اننا مستعدون لدخول المدينة القديمة» « فقط ننتظر الاوامر بذلك»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة