من أجل قانون فاعل وملائم لشركة النفط الوطنية العراقية

(3ـ3)
طارق شفيق
وأحمد موسى جياد

سابعا: وعلى المستوى الجغرافي فان مجال عمل شركة النفط الوطنية العراقية يشمل، حسب المادة 5 ،» جميع المناطق النفطية والغازية في جميع اراضي جمهورية العراق ومياهه الاقليمية وجرفه القاري» و لها، بموجب المـادة -1- اولا ،» ان تفتح فروعا داخل العراق وخارجه».
على الرغم من دستورية المادة 5 المشار اليها اعلاه، الا ان تطبيقاتها العملية في اقليم كردستان والمناطق «المتنازع عليها» قد تواجه بعض العراقيل من قبل حكومة وسلطات الاقليم.
وللشركة بموجب المادة 5 «ان تشترك مع الغير بموافقة مجلس الوزراء اذا وجدت ذلك افضل لتحقيق اغراضها «. ونظرا لاهمية وخطورة هذه الفقرة لابد من تسجيل الملاحظات التالية:
ا- ان «المشاركة» في الصناعة الاستخراجية يمكن ان تأخذ اشكالا عديدة وبانماط واطر تعاقدية مختلفة، وقد تتعارض بعض من تلك الاطر التعاقدية مع الدستور الحالي او مع قانون نافذ مما يستوجب عدم اعتمادها.
ب- ان تعبير «الغير» يتضمن الشريك العراقي والشريك غير العراقي (الاجنبي :عربي اوغير عربي) وهذا ينعكس على طبيعة المشاركة والمتطلبات القانونية لاقرارها.
ج- على شركة النفط الوطنية تقديم الجدوى الفنية والاقتصادية والقانونية التي تبرر المشاركة والتي تثبت بان هذه المشاركة هي افضل مامتاح لتحقيق اغراضها وخاصة فيما يتعلق بتحقق التنافسية الفعلية بين الشركاء المحتملين.
د- يجب ان تخضع هذه المشاركة الى الضوابط المذكورة في القوانين: رقم 97 لسنة 1967 ورقم 123 لسنة 1967 المعدل ورقم 84 لسنة 1985. كما يجب ان لا تتعارض الآليات القانونية لهذه المشاركة مع تلك التي تم اعتمادها من قبل الوزارة لحد الان.
ه- وعليه وفي ضوء ما تقدم فاذا كانت هذه المشاركة مع شريك غير عراقي فان موافقة مجلس الوزراء عليها تعد غير كافية وغير دستورية ولذلك لابد من عرض المشاركة على مجلس النواب لاستحصال موافقته عليها واصدار القانون الخاص بالمصادقة عليها وعند نشر ذلك القانون في الوقائع العراقية يدخل عندها حيز التنفيذ وتكتسب المشاركة المعنية الشرعية القانونية المطلوبة.
لذا نجد من الضروري جدًا اعادة صياغة المادة 5 اعلاه والاخذ بنظر الاعتبار الملاحظات المذكورة بشأنها.
ثامناً: خلت مسودة القانون المقترح من العديد من المفاهيم والمبادئ والممارسات الحديثة حيث لم تتم الاشارة مثلا الى مبدأ الشفافية برغم ان العراق عضو ممثل في المبادرة الدولية للشفافية في الصناعات الاستخراجية، ولم يشر الى محاربة الفساد علماً ان العراق موقع على الاتفاقية الدولية بهذا الشأن. كذلك لم تُلزم الشركة باعتماد التنافسية في التعاقد لتحقيق افضل النتائج كما يقتضيه ويلزمه الدستور الحالي. إضافة الى ماتقدم لم تلزم مسودة القانون الشركة بنشر المعلومات والتقارير الدورية الشاملة لجميع نشاطاتها كي تتاح الفرصة للمواطنين (بوصفهم من يملك الثروة النفطية والغازية حسب الدستور) وشتى المعنيين للاطلاع وتقييم عمل الشركة ومساءلة رئيس ومجلس ادارتها.
وعلية يصبح من الضروريات الملحة تضمين كل ماذكر اعلاه في قانون الشركة.

تاسعاً: الجمعية العمومية للشركة
اضافة الى ماذكر اعلاه نرى من المفيد والضروري ان يكون للشركة جمعية عمومية يشار اليها في قانون الشركة وتوضع تفاصيلها في النظام الداخلي للشركة؛ على وفق المؤشرات والضوابط المقترحة التالية:
الغرض من الجمعية العمومية: تعزيز وتنفيذ اسس التنمية التشاركية والشفافية والتنسيق والتعاون بين الشركة والكيانات الممثلة في الجمعية العمومية.
الاجتماع السنوي للجمعية العمومية: تعقد الجمعية العمومية مرة واحدة في العام بدعوة من قبل رئيس الشركة وليوم واحد. يحدد رئيس الشركة جدول اعمال الاجتماع السنوي الذي يتضمن تقديم التقارير التفصيلية الشاملة لكل نشاطات الشركة وانجازاتها والمشكلات والمعوقات والوضع المالي ومؤشرات التنفيذ خلال العام والخطط المستقبلية وخطة العام القادم وغير ذلك من الامور المهمة.
صلاحيات الجمعية العمومية: الطلاع على ماتقدمه الشركة من تقارير ومناقشتها ولا تملك الجمعية العمومية اية صلاحية باتخاذ أي قرار بشأن الشركة.
العضوية في الجمعية العمومية: تتكون الجمعية العمومية من:
1- جميع المدراء العامين ومن بمستواهم في القطاع النفطي.
2- ممثلين عن مجلس الوزراء ووزارات المالية والتخطيط والكهرباء بدرجة مدير عام او اعلى.
3-رئيس واعضاء اللجان البرلمانية: النفط والطاقة، المالية، الاستثمار.
4-رؤساء لجنة النفط والغاز في جميع المحافظات.
5- ممثلين عن الجهاز المصرفي: البنك المركزي، المصارف الحكومية والاهلية التي تتعامل الشركة معها.
6- ممثلين عن الكليات والمعاهد التقنية والمهنية ومراكز الأبحاث.
7- ممثلين عن منظمات رجال الاعمال.
8- السكرتارية الوطنية لمبادرة الشفافية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة.
9- الدوائر والجهات المعنية بالبيئة.
10- وسائل الاعلام.
11- اية جهة يرى رئيس الشركة ضرورة دعوتها.
لا يتمتع اعضاء الجمعية العمومية بأي امتيازات مالية او العضوية الدائمة او التمثيل الشخصي بل تكون دعوة الاعضاء ضمن صلاحيات مجلس ادارة الشركة.
عاشراً: التقييم الخارجي المستقل
نرى من المهم ان تخضع الشركة الى تقييم دوري كل اربع سنوات من قبل مؤسسة استشارية مستقلة ومتخصصة ولها خبرة معروفة في القيام بمثل هذه المهام. يتم الاعلان عن هذه المهمة وتحدد الشروط والضوابط الخاصة بها والدعوة لتقديم العروض ويتم الاختيار على وفق معايير تأهيلية وتنافسية وشفافة.
يقدم تقرير التقييم الخارجي الى مجلس ادارة الشركة لابداء الرأي ويتم رفع كل من التقرير ورأي الشركة الى مجلس الوزراء ومجلس النواب لاتخاذ ما يلزم عند الضرورة.
احد عشر: وكما ذكر «اعلان موقف: من اجل خطط وسياسات نفطية وحوكمة سليمة «(المقدم حديثاً من قبل طارق شفيق و احمد موسى جياد) اصبح موضوع فصل التخطيط النفطي، ووضع السياسات والمهام الاشرافية على العمليات الفنية والتجارية، من الممارسات المقبولة عالمياً تقريبًا. فمهام رسم السياسات وادارة الشؤون التنظيمية والرقابية تقع على عاتق وزارة النفط، في حين تتولى شركة النفط الوطنية العراقية المهام العملياتية والفنية والتجارية والتعاقدية المتعلقة بنشاطاتها.
وكما هو واضح فان مسودة القانون المقترح لاتتضمن مثل هذه التوجهات الدولية الحديثة في تحديد العلاقة بين الوزارة والشركة.
ان اعادة تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية هو تطورٌ يستحق الاحتفاء به شريطة ان ينصَّ قانونها على تزويد الشركة بسلطة حقيقية وهيكل تنظيمي واستقلالية، لضمان الفعالية والكفاءة والادارة الحكيمة لنشطات استخراج النفط. كما لا ينبغي ان ينظر الى شركة النفط الوطنية العراقية او تُهيكل لتكون مجرد الشريك الاصغر لشركات النفط العالمية مع دور محدود في الادارة وفي صنع القرار.

مما تقدم نستخلص ونوصي بما يلي:
اولاً: ان المسودة الحالية المقترحة لقانون شركة النفط الوطنية العراقية لا تصلح قانونياً و دستورياً وعملياتياً وتنفيذياً ان تكون اساسا لإعادة تشكيل او تأسيس الشركة. لذا يجب رفض القانون من قبل مجلس النواب واعادته الى مجلس الوزراء.
ثانياً: يجب مراجعة واعادة النظر وبنحو جد وشامل بالقانون رقم 123 لعام 1967 المعدل وتحديثه في ضوء تغير الظروف وبما يتلاءم ومتطلبات وممارسات واطر عمل الشركات النفطية السائدة حالياً والافاق المستقبلية. او اصدار قانون جديد يعتمد على الاسس والمبادئ المستنبطة من وبعد انتهاء عملية المراجعة واعادة النظر وبنحو جدي وشامل بالقانون رقم 123 لعام 1967 المعدل وتحديثه.
ثالثاً: من المفيد تشكيل فريق عمل يضم عدداً محدوداً جدًا من ذوي الخبرة والاختصاص والمتابعة المشهودة والموَثقة (وليس من اصدقاء ومعارف او لاعتبارات مناطقية يفرضها المتنفذون في الوزارة) للقيام بالمهمة المذكورة في ثانًيا اعلاه وعلى وفق فترة زمنية محددة ومنهجية تشاورية يتفق على مراحلها وخطة عملها ودور كل عضو في فريق العمل.
رابعاً: نرى تحديد فترة انتقالية تأسيسية لا تزيد على ستة اشهر من تاريخ نشر القانون في الوقائع العراقية لتمكين الشركة من اكمال جميع الاجراءات الاصولية والهياكل التنظيمية ونقل الاصول المالية وملاكات الشركات المملوكة وتحديد الاستثناءات من بعض القوانين النافذة وغير ذلك من الامور المتعلقة ببدء عمل الشركة.
خامساً: نظراً لكون مهمة وعمل سومو تمثل الجانب التجاري لنشاط الشركة الانتاجي مما يحتم درجة عالية من التنسيق والتكامل بين سومو والشركة. وفي الوقت نفسه يتطلب نشاط سومو مرونة كبيرة في التعامل مع سوق النفط الدولية واسعاره. لذى نرى ربط سومو برئيس الشركة حصراً لضمان سرعة اتخاذ القرار وانسيابية العمل واستقلالية سومو في اداء مهامها.
سادساً: ان طبيعة وخصوصية عمل الشركة وضرورة توفير المرونة الكافية لها تتطلب استثناءها والشركات المملوكة والتابعة لها من قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997.
سابعًا: ترتبط الشركة مرحلياً بوزارة النفط لحين تأسيس الهيكل الفدرالي (مجلس او هيئة او لجنة عليا .. الخ) على ان لا يؤثر هذا الارتباط المرحلي على استقلالية عمل الشركة مطلقاً وبأي شكل او صيغة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة