العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية للعراق مع اليابان

(4ـ4)
لقمان عبد الرحيم الفيلي*

ج – القوة:
• علاقات ممتازة مع ((JICA، الجهة المسؤولة عن القرض الياباني الميسر للعراق.
• الموقف الرسمي الياباني إيجابي وداعم للعراق.
• عدم وجود أي خلاف أو عداوات تأريخية بين البلدين.
• السوق العراقية تمثل عنصر جذب الاستثمارات اليابانية.
• يمثل العراق ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم؛ وبذلك يشكل عامل إغراء للشركات اليابانية على إقامة علاقة طويلة الأمد معه.
• اليابان بلد ذو إمكانات اقتصادية وتكنولوجية كبيرة، والعراق بثرواته الطبيعية العملاقة يشكلان ثنائياً اقتصادياً ناجحاً وكلاهما يحتاج إلى الآخر.
• تأكيد للسمعة الجيدة للشركات اليابانية لدى السوق والمستهلك العراقي فإن العراق يسعى لاتفاقات مع اليابانيين.
• توجه قوي للحكومة اليابانية لتصدير تكنولوجيا البنى التحتية للدول النامية.
• موارد بشرية كبيرة بحدود 37 مليون شخص، أغلبها شبابية وطبقة واسعة متعلمة.
• أرض خصبة مستوية بمساحات واسعة.
• قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 وتعديلاته، الذي منح الامتيازات للمستثمر الأجنبي مثل الحق في البيع والشراء في سوق العراق للأوراق المالية.
د – الفرص:
• إن تطبيق الاتفاق سيفتح الباب أمام استثمارات يابانية إضافية.
• نقل التكنولوجيا اليابانية المتطورة.
• اكتساب المهارة والخبرات اليابانية.
• تحريك الاقتصاد العراقي.
• القضاء على البطالة وتحسن الوضع الأمني.
• الاتفاق مع الجانب الياباني على تنفيذ مشروع يمثّل رمزاً للعلاقة الاقتصادية المتقدمة بين البلدين مثل حقل الناصرية النفطي أو شرق بغداد أو أي مشروع آخر مقبول من الطرفين.
• توفر مشاريع متعددة معد للاستثمار في قطاعات الزراعة والكهرباء والصحة والإسكان والصناعة والاتصالات والسياحة والسفر.
• إنتاج النفط في العراق سيستمر بالزيادة للسنين المقبلة.
• زيادة صلاحيات الهيئة الوطنية للاستثمار لتشمل جميع الإجراءات والموافقات الإدارية والفنية لبدء المشروع وتنفيذه من قبل المستثمرين.
• القيام بحملات ترويجية للاستثمار في العراق من طريق برنامج مبرمج حسب الأولويات بالنسبة للسوق العراقية ولاسيما في البلدان المتقدمة كالولايات المتحدة الأميركية واليابان والدول الأوروبية.
• وجود أعداد كبيرة من الآبار النفطية غير المستغلة حتى الآن، فضلاً عن مواقع لم يتم التنقيب فيها عن النفط من قبل.
تاسعاً – التوصيات:
إن التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة العراقية في مجال بسط الأمن والنظام، وإعادة إعمار البلاد تستوجب اعتماد سياسات اقتصادية راسخة، قادرة على الاستجابة للضرورات التي تفرضها تداعيات المرحلة الراهنة. فمن الضروري أن تعمد المؤسسات العراقية المعنية إلى إعداد خطط استراتيجية شاملة للاستفادة من المناخ الدولي المؤيد لعملية التحول الديموقراطي الجارية في العراق، وتحويله إلى دعم اقتصادي وتقني مبني على أسس المصالح المشتركة؛ وإن طموحات كهذه تحتاج إلى تدابير سياسية وأخرى فنية (اقتصادية وتشريعية).
وفيما يخص تطور العلاقات مع اليابان واستثمارها بالنحو الأمثل، فإني أدعو إلى دعم جهود حكومتنا في صياغة منهج سياسي واقتصادي واضح المعالم، يشكّل الأساس في التعامل مع الطرف الياباني على وفق إطار المصالح المتبادلة؛ لأن علاقات العراق واليابان هي من نوع العلاقات المربحة (ربح – ربح) لكلا الجانبين بسبب حاجة كليهما إلى الآخر، ويمكن إجمال التدابير السياسية والفنية التي ينبغي على العراق القيام بها لتحويل العلاقة مع اليابان إلى علاقة مربحة إلى أبعد الحدود، على وفق التصورات التالية:
• التدابير الفنية.
• تفعيل عمل وزارة الخارجية العراقية في قيادة الملفات الثنائية المهمة مع اليابان كونها جزءاً حيوياً من علاقات العراق الخارجية.
• الإيعاز إلى وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع الوزارات المختصة لإعداد قائمة تفصيلية بالمشاريع التي يفضل تنفيذها من قبل الشركات اليابانية، لتكون قاعدة انطلاق وخطة عمل مبرمجة للخارجية العراقية بنحوٍ خاص والحكومة بنحوٍ عام؛ لتتحرك على أساسها لتشجيع المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة اليابانية، للمشاركة في حملة إعادة الإعمار في العراق.
• تفعيل الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين كونه خطوة مهمة باتجاه تطوير علاقات البلدين، وأرى أن يبادر الجانب العراقي بالدعوة إلى عقد اجتماع وزاري للوزراء المعنيين، ولاسيما النفط والكهرباء والتخطيط والاستثمار، في كلا الجانبين لوضع القواعد الأساسية لحوار مباشر يستهدف تطوير علاقات البلدين في جميع المجالات، ويُفضّل إجراء هذه الاجتماعات في طوكيو أولاً، ثم في بغداد.
• الأخذ بنظر الحسبان طبيعة السلوك الياباني في التعاطي مع الجوانب الاقتصادية والفنية، فمن الأفضل أن تكون المطالب العراقية واضحة ومحددة.
• استكمال بناء المؤسسات الاقتصادية المتخصصة، وتطوير المؤسسات الحالية بالاستفادة من الخبرات الدولية وإعطاء دور أوسع للقطاع الخاص العراقي في المشاركة بالتنمية الشاملة من خلال خصخصة بعض القطاعات الاقتصادية في البلاد.
• محاربة ظاهرة الفساد الإداري والمالي من خلال اتباع أساليب الشفافية في إدارة المؤسسات الاقتصادية.
• تشجيع قيام شراكات تجارية بين القطاعين العام والخاص العراقي من جهة والشركات العالميـــة من جهة أخرى كوسيلــة لنقــــل الخبرات ومعالجة المشكلات التي تعترض سبيل التنمية الشاملة في العراق في المجالات الأمنية، والتقنية، والصناعية، والتعليمية، والتجارية، والمالية.
• صياغة استراتيجية بعيدة المدى للعراق وبمحاور متوازية سياسية واقتصادية على الدول الكبرى المفيدة للبلد في الوقت الحاضر وفي مقدمة هذه الدول، اليابان، حيث إن معظم التحركات لجذب الاستثمارات تكون غير منسقة بين الجهات العراقية مثل هيئة الاستثمار ووزارات النفط والتجارة والصناعة وغيرها، ومن الممكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، كما هو الحال في قيام اليابان بتزويد فيتنام بتقنية مشاريع القطارات السريعة، ضمن قروض ميسّرة طويلة الأمد.
• إن التزام العراق بأن يكون شريكاً استراتيجياً لليابان في مجال الطاقة لا يعني إعطاء أفضلية لليابان في مجال الأسعار أو التسهيلات القانونية التي قد تعكس تأثيراً سلبياً على سمعة العراق الذي ينادي بالنزاهة والشفافية بالتعامل مع جميع الاطراف التجارية بحيادية وبتوازن كامل، بل المقصود أن يكون التزاماً سياسياً يُروج له قبل التوقيع عليه مع الجهات اليابانية، ويمكن فرض شروط العراق على اليابانيين الذين لا يريدون أي مفاضلة على حساب الآخرين بل التزام أخلاقي وسياسي بعيد الأمد من العراق بتأمين إمدادات الطاقة وبأسعار السوق السائدة.
• نود الإشارة هنا إلى أن إحدى المشكلات التي تتصف بها الوفود التفاوضية العراقية مع الشركات والجهات الأجنبية بنحوٍ عام واليابانية بنحوٍ خاص بأنها تركز على الجانب الاقتصادي فقط من دون أي نظرة إلى البعد الاستراتيجي بعيد الأمد لعلاقة العراق مع الدول التي يتم التفاوض مع شركاتها، والمقصود مجدداً ليس التنازل عن فقرات معينة لصالح هذه الدول التي تعدّ صديقة للعراق، بل المقصود استثمار هذه العلاقات الاقتصادية والعقود والمفاوضات وغيرها لتقريب الأصدقاء إلينا وتشجيعهم لمد يد الشراكة الاستراتيجية معنا وليس العكس؛ أي أن التفاعل يجب أن يكون بشأن إيجاد شريك استراتيجي بعيد الأمد وليس عرضاً أو طلباً تجارياً على المدى القصير.
• يحاول العراق بناء اقتصاده وبنيته التحتية على وفق أحدث المواصفات العالمية، إلا أننا يجب أن لا ننسى العامل الزمني في هذا التوجه، حيث إن عدم استثمار الفرص المقدمة من بعض الأصدقاء قد يعدّ خسارة على المدى البعيد؛ نتيجة عدم استثمارها في وقتها؛ لذلك من المفضّل دراسة الفرص المقدمة بتأنٍ، ووضع العامل الزمني والبعد الاستراتيجي وكلفة الفرصة الضائعة قبل إصدار أي قرار نهائي بهذا الشأن.
• إمكانية إنشاء دائرة متخصصة في الخارجية العراقية يرأسها سفير على غرار ما كان موجودا في الخارجية اليابانية تتولى تنسيق ملف الإعمار بين الخارجية العراقية والسفارات العراقية العاملة في الخارج ومع الوزارات والمؤسسات العراقية داخل العراق.
• قد يكون من المناسب أن تقوم الحكومة العراقية بإحالة بعض مشاريع القرض الياباني الميسّر ODA إلى الشركات اليابانية المختصة وذات السمعة الطيبة؛ مما يحقق للعراق الفوائد التالية:
1. إن شمول الشركات اليابانية بتنفيذ مشاريع القرض سيشجع الحكومة اليابانية على منح قروض جديدة للعراق في المستقبل، وبالشروط الميسرة نفسها؛ لأنها ستعود بالنفع على قطاع الأعمال في اليابان وعلى الاقتصاد الياباني بنحوٍ عام الذي يعاني -كما ذكرنا سابقاً- من ركود؛ بسبب ضعف الطلب الداخلي وبحثه عن أسواق جديدة لتصريف منتجاته؛ وهذا الإجراء ليس من أجل الحصول على هذه الأموال لدعم الموازنة الحكومية فحسب، بل من أجل أن يكون هنالك تواجد ياباني على الأرض العراقية في قطاع الإعمار.
2. تبديد مخاوف بعض الشركات اليابانية التي تخشى من عدم تمكن الجهات الحكومية العراقية، من الوفاء بالجدول الزمني المناسب لتعهداتها المالية تجاه تلك الشركات، في أثناء تنفيذ المشاريع العراقية أو بعد ذلك؛ إذ تتيح القروض اليابانية التي سيحصل عليها العراق من الحكومة اليابانية عامل تطمين كبير لتلك الشركات لأن حكومة بلادهم ستكون جزءاً أساساً من آلية التسديد المالي للمشاريع التي ستنفذها.
3. الاستفادة من الخبرات اليابانية على الأرض في تنمية قدرات موارد العراق البشرية من مهندسين وفنيين، فضلاً عن التعلم من أسلوب الإدارة اليابانية المتقدم في قيادة المشاريع الاستراتيجية الكبرى.
عاشراً: الخاتمة:
إن ما نلاحظه من خلال مراقبة الحركة الاقتصادية للساحة اليابانية هو تهافت الدول لإقامة العلاقات معها في شتى فروعها والاستثمار في كافة الميادين المتاحة، في حين نعتقد أن هناك غياباً في الرؤية الاستراتيجية لعلاقات العراق مع اليابان أدت إلى انحسار العلاقات حتى من الجانب الياباني في مديات معينة نرى أنها تحتاج من صناع القرار في العراق إلى مراجعة شاملة وسريعة إذا كنا راغبين في تطوير علاقاتنا الثنائية وتعزيزها في شتى المجالات، والارتقاء بها إلى درجات متقدمة وإمكانية تقديم تطمينات لليابان بتأمين مصالحها في مجال الطاقة من دون أن يخل ذلك بمصالحنا الاستراتيجية القصيرة والطويلة الأمد، ونرى أن هذا الموضوع هو غاية في الأهمية، أي أن تكون هناك مبادرة عراقية لتوطين الاهتمام الياباني بالعراق لما له من دور في انعاش الاقتصاد العراقي، ولا نستبعد أن يأتي يوم تسهم اليابان في انطلاقة الاقتصاد العراقي كما حدث في بعض دول آسيا التي كان لليابان الفضل في انطلاقتها الصناعية؛ وبخلافه فإننا نتصور أن الدعم الياباني للعراق ليس التزاماً أبدياً، وقد تستجد موضوعات تحول الاهتمام الياباني عن العراق ولاسيما مع وجود بوادر في الأفق في زيادة اهتمام اليابان في بلدان أخرى؛ وهذا سيكون على حساب اهتمام الساسة اليابانيين بالعراق، ويمكن القول إن اليابان رائدة في مجال بحوث الطاقة البديلة، وفي حال انصرافها عن مواصلة الاهتمام بالعراق وإذا لم يكن لدينا ما نقدمه من محفزات للطرف الآخر فإن ذلك سيقود إلى اختلال في ميزان المصالح المتبادلة الذي لن يصب في مصلحتنا بكل تأكيد.

*السفير العراقي السابق في الولايات المتحدة الأميركية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة