من أجل قانون فاعل وملائم لشركة النفط الوطنية العراقية

(2ـ3)
طارق شفيق
وأحمد موسى جياد

خامساً :ان تشكيلة «مجلس الادارة» مبنية على صيغة قديمة عفى عليها الزمن ولم تعد ملائمة في ضوء الظروف الحالية والمستقبلية لعمل الشركات النفطية. فشركة النفط الوطنية معنية فقط بجزء من القطاع النفطي الا وهو القطاع الاستخراجي، وهذا يتطلب من اعضاء مجلس الادارة الالمام ومعرفة الاساسيات الفنية والتقنية والاقتصادية والتعاقدية وظروف العمل وغيرها الخاصة بنشاطات القطاع الاستخراجي.
وعليه ماهي مبررات ضم ممثلين عن وزارات المالية والتخطيط والبنك المركزي كأعضاء في مجلس الادارة في الوقت الذي لا يوجد، مثلا، من يمثل المحافظات المنتجة او العاملين في الشركة او المعاهد الفنية والكليات المتخصصة او منظمات رجال الاعمال العاملين في القطاع النفطي الاستخراجي.
لم تحدد مسودة القانون المقترح العديد من الامور المهمة مثل آلية تعيين مجلس الادارة ومن هي الجهة المعنية بذلك؛ مهام وصلاحيات رئيس ومجلس ادارة الشركة ولا آلية اتخاذ القرارات واكتمال النصاب وغيرها من الامور المتعلقة بعمل المجلس. وهذا يعني سريان المواد والفقرات الخاصة بهذه الامور والمذكورة في القانون رقم 123 المعدل.
كذلك لم تتضمن مسودة القانون المقترح أي اشارة الى «الاعضاء الاحتياط» وعليه ليس واضحاً فيما اذا كان وجود العضوين الاحتياط المذكورين في القانون رقم 123 المعدل يتعارض مع مسودة القانون المقترح ام لا، مما يتطلب التوضيح.
وفيما يتعلق بالخبيرين المختصين اللذين يرشحهما وزير النفط، لم تذكر مسودة القانون المقترح فيما اذا كانا من ضمن العاملين في القطاع النفطي اومن خارجه وهل ان الترشيح مشروط بموافقة مجلس الادارة او مفروض عليه.
قد يكون من المفيد وجود أعضاء «مستقلين» غير دائميين وغير متفرغين ومن دون حق التصويت من اصحاب الخبرة المشهودة في الجوانب الاساسية لصناعة النفط الاستخراجية وغير العاملين (في حينه) في أي من مؤسسات الدولة.
واخيراً وليس آخراً، فانه من الغريب والمريب ان مسودة القانون المقترح لم تتضمن ولم تؤكد على مبدأ «استقلالية» مجلس الادارة باستثناء اشارة طفيفة في الاسباب الموجبة. وهذا يشكل خللا مؤثرًا قد يترك آثاراً سلبية على عمل الشركة وخاصة في حالة وجود نزعات تسلطية وفردية لدى وزير النفط و/او رئيس الوزراء. ومن الجدير بالذكر ان المسودات السابقة لقانون الشركة و قانون 123 المعدل قد اكدت في موادها، وليس في الاسباب الموجبة، على مبدأ استقلالية المجلس.
ان انعدام او ضعف استقلالية مجلس ادارة الشركة يتناقض بالمطلق مع جميع الممارسات المعمول بها حاليا في جميع او اغلب شركات النفط الوطنية (الحكومية).
الملاحظات اعلاه تحتم بما لا يقبل الشك ضرورة اعادة النظر وصياغة المواد والفقرات ذات العلاقة بمجلس ادارة الشركة.
وعليه فإننا نرى ما يلي:
يدير الشركة مجلس ادارة مستقل في الشؤون المالية والادارية والتنفيذية والعملياتية المتعلقة بالشركة .
يتألف مجلس الادارة من:
ا- رئيس المجلس : تحدد درجته ويعين ويعفى بقرار من مجلس الوزراء؛ يمثل الشركة ويكون مسؤولا امام الجهات المعنية بكل ما يتعلق بالشركة.
ب- اعضاء متفرغين (في الاقل اربعة): تحدد درجة كل منهم ويعين ويعفى بقرار من مجلس الوزراء. وينتخبون احدهم كنائب للرئيس لمدة سنة بالتناوب وتناط لكل منهم مهمة إدارة واحدة او اكثر من التشكيلات التنظيمية لمركز الشركة (حسب الهيكل التنظيمي للشركة). يعين العضو المتفرغ لفترة معينة قابلة للتجديد ولايعفى من منصبه إلا لأسباب قانونية.
تتضمن مؤهلات الرئيس والاعضاء المتفرغين الخبرة الناجحة الموثقة في الصناعة النفطية لاتقل عن عشرين سنة ويتصف بالنزاهة والشفافية وفي أي من الاختصاصات التالية: الاقتصاد او التسويق او القانون او العقود او الحوكمة او الادارة وبحوث العمليات اوالتكنولوجيا او الهندسة او شؤون التنقيب والانتاج والحفر او الجيولوجيا.
ج- اعضاء غير متفرغين وهم المدراء العامون للشركات المنتجة للنفط والشركات المنتجة للغاز- الشركات المملوكة (وهي في الوقت الحاضر كل من شركات نفط الشمال، نفط البصرة، نفط الوسط، نفط ذي قار) غاز الجنوب، غاز الشمال؛ الشركة العامة لأنابيب نقل النفط والغاز(الرئيسة)؛
د- عضو غير متفرغ يمثل مركز وزارة النفط بدرجة لا تقل عن مدير عام.
ه- مدير عام شركة تسويق النفط- سومو
وفيما يتعلق بمهام مجلس الادارة نرى بأنها تتضمن:
ا- وضع السياسات والخطط الفنية والاقتصادية والمالية والتنظيمية والادارية المطلوبة لسير نشاطات الشركة بما يحقق اهدافها بكفاءة وفعالية وعلى وفق مؤشرات محددة.
ب- ممارسة الحقوق والصلاحيات المتعلقة بسياسات وخطط الشركة في ضوء السياسة النفطية المعتمدة وتلك المخولة للشركة بموجب التشريعات النافذة.
ج- اعداد وتنفيذ تشكيلات الشركة التنظيمية والادارية وتقسيماتها في مركز الشركة وخارجه.
ه- وضع برامج تنمية وتطوير الاستثمار النفطي في مناطق عمل الشركة ومتابعة تنفيذها بما يسهم ويؤمن تطوير الصناعة النفطية.
و- وضع برامج مكثفة ومعجلة لمعالجة فجوة القدرات المهنية والتكنولوجية والمعلوماتية والاقتصادية و التخطيطية والقانونية وغيرها للعاملين في شتى نشاطات وتنظيمات الشركة وعلى وفق اهداف ومؤشرات محددة كمياً وزمنيًا.
ز- وضع خطط وبرامج متخصصة بتوحيدية (يونيتايزيشن) الحقول المشتركة بين المحافظات وكذلك الحقول الحدودية المشتركة مع دول الجوار.
في حالة وجود خلاف بين الشركة ووزارة النفط يحال الامر الى مجلس الوزراء لحسمه.
ح- اعداد نظام داخلي للشركة يتضمن :
1. صلاحيات وواجبات واختصاصات تشكيلات الشركة.
2. الهيكل الاداري لمركز الشركة والتشكيلات التابعة لها وتحديد نطاق عمل وواجبات الوحدات الادارية والتنظيمية التابعة لها.
3. الامور المتعلقة بمجلس ادارة الشركة مثل آلية اتخاذ القرارات، اكتمال النصاب والتصويت وغيرها.
4. نظام خاص للشركة يتعلق بالرواتب والخدمة والحوافز والمنافع والمسؤولية الاجتماعية وغير ذلك.
5. الجوانب التنظيمية والعملياتية بين مركزالشركة والشركات المملوكة والشركات الاخرى التي تتعامل مع الشركة؛
6. الاستعانة بالخبراء والاستشاريين ومتمرسين بشؤون البترول. يتم الاختيارعلى اساس الاعلان والتنافسية والشفافية وعلى وفق عقد حسب حاجة الشركة.
7. الامورالمتعلقة بالاجتماع السنوي للجمعية العمومية؛
8. الاسس والضوابط الضامنة للشفافية ونشرالمعلومات والتقاريرالدورية الشاملة لجميع نشاطات الشركة وتوفيرها على الموقع الالكتروني للشركة.
9. أية أمور أخرى تتعلق بمهام ونشاطات الشركة وتشكيلاتها وبتنفيذ اهدافها
سادساً: لم تحدد مسودة القانون المقترح بنحو مباشر وصريح نشاطات ومجال عمل الشركة. ولكن بدلالة الشركات «المملوكة» من قبلها فان نشاط الشركة ينحصر، بموجب المادة-4-ثانيا:2، في مجالات « استكشاف واستخراج وانتاج النفط والغاز».
في ضوء هذا النص فان الشركات المعنية بنقل النفط الخام (الانابيب الرئيسة) وتسويقه (سومو) تقع خارج نطاق عمل شركة النفط الوطنية في حين (قد) تكون شركة الحفر العراقية ضمن الشركات «المملوكة» . ولكن هل ان جميع الشركات العامة العاملة حالياً في نشاطات استكشاف واستخراج وانتاج النفط والغاز ستكون مملوكة من قبل الشركة؟ وهل هذا الامر مرغوب وعملي؟
وعليه من الضروري ان تحدد مسودة القانون وبوضوح ماهي نشاطات الشركة وتحدد بالاسم من هي الشركات المملوكة من قبلها ضمن الشركات القائمة عند تشريع هذا القانون.
وفي هذا المجال نرى ان تتضمن مهام الشركة مايلي:
ا-تنفيذ عمليات التنقيب والتطوير والانتاج والنقل والتخزين والتسويق فيما يتعلق بالنفط والغاز.
ب- الاشراف على تنفيذ عقود الخدمة لجولات التراخيص بما يضمن حقوق ومصلحة العراق.
ج- ادارة وتشغيل شبكة الانابيب الداخلية الرئيسة لنقل النفط والغاز.
د- العمل على بلوغ اعلى مستوى من التطور والنمو في العمل والانتاج والاستثمار في هذا القطاع على وفق اسس اقتصادية بهدف تحقيق الاستخراج الامثل للنفط من مكامنه باقل كلفة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة