لا تتعجب أنك في مدينة كلها عراق
بغداد – وداد ابراهيم:
حين تسنح لك الفرصة لزيارة اربيل ان كانت فرصة عمل او سياحة، فلا تتردد بالذهاب الى مدينة تشبه بغداد والرمادي والفلوجة وكركوك وتقترب في الشبه مع قرى ونواحي محاذية لها او محاذية لمدينة الموصل، لا ادعي انها مدينة فاضلة لكني وجدت نفسي في مدينة تحقق الاستقرار الاجتماعي والطمأنينة لعدد من الاجناس جاءت من اطراف العراق وجنوبيه ووسطه، مفرداتها الانسان وموضوعها نشاطه المشتغل بالصدق وحركته المدفوعة بالإخلاص، حياة مخصبة بالمودة والتراحم ومرصوفة بتعاضدها، ابراجها السلام مرفرفاً بالخير والوئام، اربيل حين تدخلها تشعر انك تعيش في زمن جديد مدينة مكتظة بالألوان والاجناس واللغات، قلبها اسمه العراق وهي تنتمي فعلا لكل العراقيين، اسواق ومحال ومطاعم وفنادق تعتليها اسماء عربية وكردية معاً او اسماء باللغة الكردية والانجليزية، اسماء اخذت من مناطق بغداد وشوارعها ومعالمها، محلات قصر الرشيد او مطعم ابو نؤاس، او محال العراق، حين تكون في السوق فلا تتردد بالحديث مع البائع بلهجتك او لغتك المحلية فأن تحدثت بالعربية فستجده يتحدث معك بالعربية وان تحدثت باللغة الكردية فستجد هناك اجابة سريعة من البائع والغريب ان كل الباعة في السوق يتحدثون لغة المشتري من دون ان يسألك من أي مكان جئت او من أي قومية او أي مدينة تنتمي اليها؟ قد تتعجب انك في مدينة كلها العراق قوميات اديان احاديث الوان ملابس تنتمي للزي الشعبي الكردي صبية يرتدون الشورت او البنطلون الجينز يرافقهم صبي بالزي الكردي البديع، النساء بالزي الكردي واخريات يلبسن الملابس بموديل جديد واخريات يلبسن العباءة على الرأس او العباءة العربية، ويتحدثن بلهجة اهل الرمادي والغربية اغانٍ كردية تنطلق من بعض المحلات واغانٍ تركية تنطلق من محل بيع اقراص ليزرية، المبهر هذا التنوع في كل شيء، فتيات يتحدثن لهجة اهل الرمادي واخرى تتحدث لهجة اهل الموصل، في تتوقف اخريات لشراء حقائب وحديث مع البائع باللهجة الكلدانية، والباعة يكتبون على بضاعتهم الاسعار كما تجدها في أي مدينة في عموم العراق.
مكتبة حملت عنوان تعلم الكردية بطلاقة وكتبت باللغة العربية، لا تتعجب أنك في مدينة كلها عراق كلها ملامح عراقية، وإذا ما حاولت ان تأخذ الباص (الكوستر) لتصل الى اي مكان في مدينة اربيل فلا تتردد بالسؤال وبلهجتك ان كانت عربية او كردية او كلدانية او حتى ان تحدثت باللغة التركمانية مدينة مكتظة بالثقافات مكتظة بأناس تشعر بأنهم ينتمون اليك اينما تكون وكيف تكون.
قباب لجامع كبير توسط المدينة واقترب من منطقة عين كاوه وعلى مسافة هناك كنيسة مار يوسف وهذا الاسم موجود على كنيسة في منطقة الدورة في بغداد.
سعد جبار بائع كارتات شحن موبايل يقول: تركت منطقتي في بغداد منذ فترة وحصلت على العمل هنا مع عائلتي وانا اعيش مع كل الاجناس والاقوام في اربيل الجميلة التي احتضنتنا من دون كلل، نعم اشعر بالحنين الى بغداد لكني اشعر في الوقت ذاته أنى التصق بمدينة تشبه العراق فأهل المدينة يمتازون بالطيبة والمحبة لكل العراقيين وهذا ما جعلني استقر هنا مع اهلي.
احمد نوري من الانبار يقول اسكن مع عائلتي في حي الزيتون الذي يقع في أطراف اربيل واعيش مع عائلتي بأمان واستقرار عرفت من البعض ان هناك الكثير من العائلات عادت الى الانبار لكني أفكر بالبقاء هنا كونها مدينة لأتعرف معنى للطائفية او العنصرية تسكن فيها العديد من الاجناس والاديان ما جعلها مدينة تجمع بمحبة كل العراقيين.
الانسة رشا ايشو قالت: انا هنا مشاركة في دورة عن شبكة التواصل الاجتماعي تقام في هذا المدينة من قبل احدى منظمات المجتمع المدني وهذه هي المرة الاولى التي ازور بها اربيل وبصراحة شعرت براحة كبيرة فانا اسكن في فندق وفي منطقة عين كاوه في المطعم استمع الى اغاني فيروز وفي فترة الغداء استمع الى المطربة الفرنسية اديث بياف وحين تجولت في المدينة وجدت ان بعض المؤسسات كتب عليها باللغة الكردية والعربية وبعض الاسواق الكبيرة كتب عليها الاسم باللغة الانجليزية او الفرنسية وهذا يعطي انطباع انها مدينة متحضرة تستوعب كل الثقافات العاملون فيه يتحدثون معي باللغة الكلدانية ومع صديقتي من بغداد اتحدث باللهجة البغدادية، البعض تعلم اللهجة السورية من العاملين السوريين فصار بعض الاكراد يتحدثون العربية وباللهجة السورية، التعامل راقٍ في الكثير من المؤسسات، زرت كنيسة اسمها مار يوسف فوجدت فيها الكثير من المسيحيين، اشعر باني لست غريبة، فالوجوه كلها مألوفة في الملبس والتصرفات والتعامل الراقي، بالأخص واني اسكن في ناحية القوش التي تبعد بحدود ساعتين عن اربيل وتابعة لمدينة نينوى.
من علم هؤلاء المحبة والامتزاج من علمهم كيف يتعاملون مع ابن الفلوجة وابن الانبار والزائر من قرى القوش او غيرها من مدن محاذية لمدينة الموصل.
من علمهم كيف يتعاملون مع ابن بغداد، بعيدا عن كل الاجراءات القانونية التي تفتعلها الدوائر من اقامة مختومة او كفيل اوغير ذلك.
اكراد تعلموا العربية ولكن الفرص سمحت لهم بتعلم اللهجة السورية لظروف العمل او لان اماكن عمل جمعتهم مع عاملين في الفنادق او المقاهي وهم يحملون الجنسية السورية.
من علم سكنة مدينة اربيل هذا الاحتواء والتضامن والحب والتآلف والتعاطف والانسجام، ومعرفة الاخر وتقبل كل المتناقضات في عالم واسع بين جبل وسهل اسواق وكنائس وجوامع تحمل اسماء جاءت من التاريخ العميق والمكتنز بالأحداث والاماكن والابطال والشخصيات كل شيء في اربيل متاح امامك ان كنت قادماً من بغداد او من أي مدينة في عموم العراق.
