إقالة مدير مكتب الـ»FBI» يعني تفريغ نظام المراقبة في مجمّع الاستخبارات الأميركية

برلين ـ جاسم محمد

أعلن البيت الأبيض يوم 9 مايو 2017 اقصاء «جيمس كومي» من منصبه كمدير لمكتب التحقيقات الفيدرالية «FBI» . وجاء قرار إقالة كومي، بناء على توصيات من وزير العدل «جيف سشنز»، في رسالة من ترامب تقول «أنك لا تستطيع القيادة بنحو فعال، وأن البيت الأبيض بحاجة إلى خطوات لإعادة الثقة». وكانت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي قد دعت كومي إلى الإدلاء بشهادته في جلسة مغلقة في الثاني من مايو حول تدخّل روسيا بانتخابات الرئاسة الأميركية.

وسبق أن انتقد ترامب مدير مكتب «FBI» لعدم ملاحقة كلينتون قضائيا في يوليو 2016، وقال كومي إن قضية البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون يجب إغلاقها من دون ملاحقة قضائية، لكنه أعلن قبل 11 يوما من انتخابات الثامن من نوفمبر 2016 أنه أعاد فتح التحقيق لاكتشاف مجموعة جديدة من الرسائل الإلكترونية المتعلقة بها.

استقالات وإقالات ترامب
وزيرة العدل بالوكالة : وزيرة العدل بالوكالة «سالي ييتس»، أكبر محامية عن الحكومة الاتحادية، بعد أن رفضت الدفاع عن قوانين منع السفر على رعايا 7 دول ذات أغلبية مسلمة.
مسؤول الهجرة والجمارك : أقال ترامب المسؤول بالوكالة عن إدارة الهجرة والجمارك» دانيال راغسديل» وعين مكانه «توماس هومان».
مستشار الأمن القومي : مستشار الأمن القومي «مايكل فلين»، الذي استقال في 13 فبراير 2017. واتهم «فلين» بمناقشة موضوع العقوبات الأميركية مع السفير الروسي في الولايات المتحدة، وقالت تقارير إنه ضلل مسؤولين أميركيين بشأن محادثته مع السفير الروسي.
عضو مجلس الأمن القومي : اصدر ترامب قرار عزل «بانون» يوم 5 أبريل 2017. وكان تعيين» بانون»، صاحب موقع «بريتبارت نيوز» اليميني والذي يوجه انتقادات لاذعة للطبقة السياسية الحاكمة قد أثار جدلا كبيرا واحتجاجات على ما عد «تسييسا» لمجلس الامن القومي.
لقد جائت اقالة «جيمس كومي» من منصبه وسط سير التحقيقات التي يقودها «كومي» حول احتمال تواطيء ترامب مع روسيا للتاثير على سير حملته الانتخابية 2016.

نتائج قرار اقالة مدير
مكتب ال «FBI»
اولا ـ اضعاف ثقة الاميركيين برئيسهم ترامب، كون اقالة كومي جائت بعد تضيق الخناق في قضية التحقيقات باحتمال تورط ترامب وفريقه مع روسيا للتأثير على نتائج الانتخابات. وهذا يعني ان الرئيس الاميركي الان اصبح في دائرة الشكوك. جاء قرار إقالة «كومي»، بناء على توصيات من وزير العدل «جيف سشنز»، ومن يعرف «سشنز»، بانه كان مدير حملة ترامب الانتخابية، يزيد من شكوك خلفية اصدار هذا القرار.
ثانيا ـ من المتوقع ان قرار أقالة كومي، ان يعقد الكثير من الامور في سير التحقيقات في قضية احتمال تورط ترامب وفريق عمله، وان تستمر التحقيقات من قبل مدير تحقيقات جديد يعينه ترامب لاكمال التحقيقات في قضية التأثير على سير الانتخابات الاميركية 2016، يعني، عدم وجود نزاهة بالتحقيق، و»طمطمة» القضية وهذا مايدفع الديمقراطيين، وبعض الجمهوريين ايضا، للمطالبة بتعين لجنة او قاض مستقل لاكمال التحقيقات بهذه القضية وليس من قبل المكتب الفيدرالي. ومهما كانت النتيجة، فأن قرار الاقالة يعني تأخير سير التحقيقات وعدم الوصول الى نتائج بوقت مبكر. الاقالة ممكن ان تؤثر على معنويات ضباط مكتب التحقيقات وعلى الرؤساء التي تمسك بملف القضية.
ثالثا ـ ان موضوع احتمالات تأثير الرئيس الروسي على انتخابات 2016، لم يصدر فقط من قبل المكتب الفيدرالي فقط بل من قبل وكالات الاستخبارات الاميركية ومنها المركزية. وبدأت ثلاث وكالات اميركية هي المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الاتحادي وكذلك وزارة العدل تحقيقات في الأمر إضافة إلى لجنة الاستخبارات في الكونغرس رؤئاسة الجمهوري «ديفين نيونيز».
رابعا ـ قرار اقالة مدير ال «FBI» من شأنه ان يلاحق الرئيس ترامب طول فترته بالبقاء في البيت الابيض، ويزيد من الشبهات حوله، الاقالة، يعني اختلال في نظام المراقبة في القضية، وربما في موضوعات الامن في الولايات المتحدة.
خامسا ـ ان الطريقة التي يدير بها ترامب البيت الابيض هي طريقة مركزية وذاتية، تعتمد على شخصه اكثر من فريق عمله والمؤسسات الاميركية الاخرى، خاصة اذا تحدثنا عن قراراته التنفيذية.
يحاول ترامب منذ اليوم الاول لدخوله البيت الابيض التخلص من فريق عمله الذي اوصله الى البيت الابض، الاقالات والاستقالات باتت سريعة ومتعاقبه، لم يشهدها رئيس اميركي من قبل، الى جانب عدد من القرارات التنفيذية التي اشغلت الراي العام اكثر من الانتباه الى حقيقة فريق عمل ترامب وخلفياتهم، وكيف وصلوا الى البيت الابيض، وكأن ترامب يحاول تبييض صورته والخلص من تاريخ غير نظيف.
ان قضية اقالة مدير مكتب «FBI» جيمس كومي من شأنها ان تلقي بظلالها على المشهد الداخلي الاميركي وكذلك في علاقات الولايات المتحدة الخارجية تحديدا مع موسكو، وبرغم استقبال ترامب «لافروف «وزير خارجية روسيا في البيت الابيض يوم 10 مايو 2017، والذي جاء مع توقيت اقالة «كومي»، فأن ترامب وادارته من شانها ان تنآى بنفسها عن موسكو، لكي تبعد الشكوك عنها، التقارب مع روسيا، كان اولوية عند ترامب، قبل الانتخابات، لكن الضغوطات التي يخضع لها الان، واهتزاز فريق عمل البيت الابيض، يجعل التعاون مابين روسيا وموسكو في القضايا الاستراتيجية بعيدا، لكن هذا لايشمل الملف السوري، فهناك اتفاق اميركي روسي، حول الملف السوري، وربما يتمحور حول محاربة داعش اكثر من الخوض في تفاصيل بقاء بشار الاسد في الحكم او تصنيف جماعات المعارضة السورية، التي تثير الكثير من الخلافات بين الدولتين.
ليس مستبعدا ان يكون مكتب ال»FBI» مخترقا من قبل فريق عمل ترامب، لمتابعة خيوط القضية والنتائج التي ممكن ان يصل لها، وان قرار اقالة «كومي» جاء بعد احتمالات وصول فريق مكتب التحقيقات الى نتائج موجعة الى ترامب، وهذا مايدعو، لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الى اخذ هذ الاحتمال بالحسبان. وان قرار الاقالة يبعث برسالة الى من يمسك بخيوط القضية، ان مصيره سيكون بالابعاد عن وظيفته.
اقالة كومي تعيد الى الاذهان فضيحة ووترغيت، عام 1973، والتي كشفت تنصت فريق عمل ريجارد نيكسون على خصومه، والتي دفعته الى الاستقالة، وهذا يعني ان الرئيس ترامب بات الان موضع شكوك وليس مستبعدا ان يلاقي مصير ريجار نيكسون ذاته بالاستقالة، للتخلص من التحقيقات والملاحقة القضائية.

*باحث في قضايا االارهاب والاستخبارات

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة