مع استمرار الأولوية في مواجهة «داعش»
ترجمة: سناء علي
اشار الكاتب « جوزيف ليان « في تقرير نشر على الموقع الى ان « ترامب لم تصدر منه حتى الآن أي إدانة لموسكو أو اتهامات لها بشأن المزاعم عن استعمال الطيران السوري لسلاح كيميائي بينما صرّح بذلك أكثر من مسؤول في إدارة ترامب، وربما هذا ما يريح ترامب حيث أن تعدد وتناقض المواقف من أعضاء إدارته حول سوريا وروسيا سيسمح له مستقبلاً باختيار المناسب منها من دون التزام الآن بموقف محدد يقيد سياسته.»
واوضح ان « وزير الخارجية الأميركي تيلرسون يؤكد على استمرار سياسة أولوية المواجهة مع “داعش” بينما السفيرة في الأمم المتحدة تتحدث بمضمون مخالف. أعضاء جمهوريون بارزون في مجلس الشيوخ (ماكين، غراهام، روبيو) يطالبون ترامب بتصعيد التدخل العسكري في سوريا وبأولوية اسقاط حكم بشار الأسد والتشدد أكثر مع موسكو، بينما القاعدة الشعبية المحافظة التي اوصلت ترامب للبيت الأبيض تريد “أولوية أميركا” وعدم التورط في حروب خارجية، إضافة طبعاً لأصوات عديدة في الكونغرس الأميركي تدعو ترامب للعودة إلى الكونغرس قبل أي خطوات عسكرية جديدة.»
كما بين ان « زيارة تيلرسون لموسكو مهمة جداً لأنها ستحسم أياً من هذين الاحتمالين هو الأقرب إلى الواقع: الاحتمال الأول، أن إدارة ترامب قد مارست ضغطاً تكتيكياً لتحقيق مكاسب سياسية داخلية ولتعزيز موقفها التفاوضي مع موسكو بشأن مستقبل سوريا، أمّا الاحتمال الآخر فهو وجود تحول في إستراتيجية ترامب بحيث اختار التصعيد العسكري في سوريا كمقدمة لتصعيد مع إيران ولتحجيم نفوذها بالمنطقة وارغام موسكو على الخيار بين مصالحها مع الغرب أو تورطها أكثر في الشرق, وحسب التقديرات فإنّ الاحتمال الأول هو الأرجح لأن تبعات الاحتمال الثاني لم تقدم عليها إدارة بوش الأبن وما كان فيها من “محافظين جدد” ومشاريع لفرض امبراطورية أميركية تهيمن على العالم كله. فهو خيار يورط اميركا عسكرياً فيما هو اوسع وأخطر مما حدث في العراق وأفغانستان وقد يصل إلى حد حرب عالمية تنغمس بها الدول الكبرى، أضافة إلى النتائج السيئة لهذا الخيار على الصعيد الداخلي الأميركي وعلى الاقتصاد العالمي بأسره.»
الاحتمال الأول هو الأقرب للواقع الآن حسب رأي الكاتب حيث يرى ان « هناك من نصح ترامب بتعديل اللهجة والأسلوب من دون تغيير في مضمون السياسات التي اعتمدها في حملته الانتخابية، والتي عبّر عن جانب منها الوزير تيلرسون قبل أيام قليلة من الضربات العسكرية في سوريا، حينما كان يتهيأ لزيارة موسكو، فتحدث عن أولوية مواجهة “داعش” وحل الأزمة السورية سياسياً وترك مصير الرئيس بشار الأسد لأنتخابات في ختام التسوية السياسية المبنية على القرار 2254.وعلى وفق ترجيح الاحتمال الأول، فإنّ الضربات العسكرية الأميركية المحدودة التي حصلت على مطار الشعيرات حققت لترامب جملة أهداف أهمها وقف الحملة الإعلامية والسياسية التي كانت مشتعلة حول علاقة فريق ترامب الانتخابي مع مسؤولين في موسكو والتي كانت تهدد رؤوساً مهمة في إدارة ترامب. (تُرى كيف كان تيلرسون سيذهب لموسكو في ظل الحملة لو لم تحصل الضربات العسكرية والتصعيد السياسي مع روسيا؟!) كما اكد ان « تمرير تعيين القاضي المحافظ نيل غورستش في المحكمة الدستورية العليا من دون الحصول على غالبية الستين عضواً في مجلس الشيوخ، حيث مرّ هذا الأمر بلا ردود فعل شعبية وسياسية بسبب انشداد الأميركيين لما حدث في سوريا ولما يمكن أن يحدث لاحقاً. فهذه هي أميركا التي يقف شعبها وإعلامها وقادتها خلف الحاكم عند حدوث تطورات عسكرية وأمنية مهمة. ألم يحدث ذلك مع بوش الأبن بعد 11 سبتمبر 2001 وعشية الحرب على العراق!؟.
ليان يرى ان « إرضاء عدد من القيادات في الحزب الجمهوري الذين كانوا يضغطون على ترامب لاتخاذ مواقف اكثر شدة مع موسكو وفي سوريا وضد إيران، كما هي أيضاً مطالب “اللوبي” المؤيد لإسرائيل ولحكومة نتنياهو. كما ان تبرير الزيادة التي طلبها ترامب للميزانية المخصصة لوزارة الدفاع (البنتاغون) وهي زيادة بنحو 60 مليار دولار تُضاف على 600 مليار دولار، وهو مبلغ سيتم توفيره على حساب ميزانية إدارات صحية وإجتماعية وتربوية. فالتصعيد العسكري في سوريا هو عذر كافٍ لزيادة الميزانية العسكرية.»
موضحا ان « زيادة نسبة التأييد الشعبي لترامب بعد وصولها إلى أدنى مستوى لها بالمقارنة مع رؤساء أميركيين سابقين، وهذا أمر مهم جداً لترامب شخصياً بما يتصف به من غرور ونرجسية وحرص على كيف يراه الناس والإعلام. وفعلاً زادت نسبة تأييد ترامب في الاستطلاعات بعد الضربات العسكرية، وقد اشاد به أيضاً عدد من خصومه في الحزب الديمقراطي، وصرّحت هيلاري كلينتون مؤيدة لقراره ومطالبة بضربات أوسع وأكبر»
ليان يرى ان « إظهار ترامب بصورة الرئيس الأميركي القوي القادر على إتخاذ قرارات صعبة، خاصة بعد فشله في عدة قضايا في أسابيعه الأولى بالبيت الأبيض وفي مقدمتها قانون حظر السفر والمشكلة مع المكسيك حول الجدار الحدودي.إضافة لذلك كلّه، فإن الضربات العسكرية الأميركية لاقت تأييداً واستحساناً من حلفاء لأميركا في منطقة الشرق الوسط، وهو أمر تحتاجه إدارة ترامب في إطار تخطيطها لبناء “شرق أوسطي جديد” تكون مقدمته إقامة مؤتمر إقليمي في الصيف المقبل، يبحث في كل أزمات المنطقة ويحقق تطبيعاً عربياً مع إسرائيل، ويجعل واشنطن هي صاحبة القرار الأول في مصير كيانات المنطقة وحكوماتها.»
*عن معهد واشنطن للابحاث والدراسات الاستراتيجية