أين وصلت نوايا ترامب باستعمال وكالة تجسس عملاقة لمراقبة الشرق الأوسط؟

مع تركيزه الشديد على الأمن الداخلي
ترجمة : سناء علي

سلط مقال في مجلة «فورين بوليسي» الاميركية لجيمس بامفورد الضوء على أحد أفرع أجهزة الاستخبارات الاميركية التي لا تتمتع بشهرة كبيرة وسعي الرئيس الاميركي دونالد ترامب لاستعماله للتجسس على الشعب الأميركي, والشرق الاوسط وخاصة العراق .»
قال بامفورد إن « هناك مقرًا ضخمًا لأحد أفرع أجهزة الاستخبارات الاميركية يقع على بعد 15 ميلاً جنوبي العاصمة واشنطن لا يعرف الكثيرون بشأنه. بل إن حتى الرئيس الاميركي السابق – باراك أوباما – بدا أنه لا يعرفه. ففي زيارة له إلى مطعم في عام 2009، سأل الرئيس أحد الزبائن عن مجال عمله، فردّ الأخير بالقول إنه يعمل في الوكالة الوطنية الاميركية للاستخبارات الجغرافية المكانية أو واختصارها هو NGA. اندهش أوباما وطلب من الرجل تعريفه عليها. والآن – وبعد مرور ثماني سنوات – تظل الوكالة الوطنية الأميركية للاستخبارات الجغرافية المكانية فرعًا مجهولًا ضمن وكالات الاستخبارات الخمس الكبرى، التي تضم وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الأمن القومي NSA.»
يقول بامفورد إن « تشييد المبنى اكتمل في 2011 بتكلفة بلغت 1.4 مليار دولار، وتبلغ مساحته مساحة أربعة ملاعب كرة قدم أو حاملتي طائرات. وقد اشترت الوكالة 99 فدانًا آخر في سانت لويس في 2016 لتشييد بنايات إضافية بتكلفة 1.75 مليار دولار لاستيعاب أعداد إضافية من العاملين، حيث يعمل بالفعل 3000 موظف في المدينة.»
كما يشرح بامفورد مهمة الوكالة الوطنية الاميركية للاستخبارات الجغرافية المكانية بالقول إن» وظيفتها تتشابه مع وظيفة وكالة الأمن القومي، فبينما تهتم الأولى بتحليل الصور والمقاطع المصورة التي تلتقطها الطائرات من دون طيار في الشرق الأوسط والصور فائقة الدقة التي تلتقطها أقمار التجسس، تهتم الأخيرة بتحليل المقاطع الصوتية. انصب عمل الوكالة الوطنية الاميركية للاستخبارات الجغرافية المكانية على خارج الولايات المتحدة، ولم تنخرط في أية فضائح تجسس مثل شقيقتيها CIA وNSA. إلا أن هناك مخاوف من أن الحال لن يبقى كذلك في عهد الرئيس ترامب , خاصة ان ترامب منذ توليه زمام السلطة، سعى إلى إطلاق يد وكالات الاستخبارات، وأنفق المزيد من الميزانية على وزارة الدفاع، وشدّد على فرض النظام والقانون. وإذا وضعنا في الاعتبار تركيزه الشديد على الأمن الداخلي، فمن المنطق التوقع أن ترامب لن يتورع عن فعل أي شيء في سبيل ذلك.»
يشير بامفورد إلى « تقرير صدر عن البنتاجون في (آذار) من عام 2011 حول نتائج تحقيق أجراه مكتب المفتش العام التابع لوزارة الدفاع فيما يخص استعمال طائرات التجسس المسيّرة داخل أميركا. وكشف التقرير عن أن البنتاجون قد استعمل طائرات مسيرة منزوعة السلاح داخل أميركا في أقل من 20 مناسبة بين عامي 2006 و2015. وعلى الرغم من أن التقرير لا يحدد طبيعة تلك المهمات، فإن تقريرًا آخر صادرًا عن البنتاجون أيضًا يعدد 11 مهمة اشتركت فيها الطائرات من دون طيار، وتنوعت بين الكوارث الطبيعية وعمليات البحث والإنقاذ وتدريبات الحرس الوطني.»
كما بين بامفورد ان « التحقيق اقتبس جزءًا من مراجعة لأحد قوانين القوات الجوية يشير إلى زيادة في المخاوف من توظيف التكنولوجيا المخصصة للتجسس على الأعداء في الخارج في التجسس على الأميركيين في الداخل. وعلى الرغم من أن التقرير أشار إلى أن جميع المهمات كانت خاضعة لأحكام القانون .»
يضيف الكاتب « لم يكن هناك عام 2015 قوانين اتحادية موحدة تحدد الحالات التي يسمح فيها باستعمال الطائرات المسيرة إذا ما تقدمت السلطات المدنية بطلب بذلك. ولكن هناك سياسة تحكم استعمال وزارة الدفاع لطائرات الاستطلاع المسيرة وتتطلب موافقة وزير الدفاع على مثل هذه العمليات. وتنص هذه التشريعات على أنه لا يُسمح بأي عمليات مراقبة على المواطنين الأميركيين إلا بإذن قانوني وموافقة وزير الدفاع. وتحظر الشرطة الاميركية أيضًا استعمال الطائرات المسيرة المحملة بالسلاح داخل أميركا لأي غرض باستثناء التدريبات العسكرية واختبار الأسلحة.»
يقول الكاتب إن « المسؤولين في مدينة بالتيمور لا يعرفون أن الشرطة تستعمل بنحو متواصل الطائرات المسيرة الخاصة بالجيش. والقليل من الناس هم من يعرفون مدى دقة ذلك السلاح. إحدى تلك الطائرات هي ARGUS-IS وتمتلك أقوى كاميرا في العالم بدقة 1.8 مليار بكسل. ولا يمكن رؤيتها من على الأرض وهي على ارتفاع أربعة أميال في الهواء، وتستعمل تكنولوجيا تسمى «التحديق المستمر» – التي تساوي قيام 100 طائرة مسيرة بتصوير مدينة متوسطة الحجم في الوقت نفسه – لتتبع كل شيء يتحرك. ويمكنها أن تغطي مساحة تصل إلى 15 ميلا مربعاً في المرة.» وهكذا، لا يتطلب الأمر أكثر من طائرتين لتغطية منطقة مثل مانهاتن بنحو كامل طوال اليوم. ويمكنها التقاط صورة قطعة زبدة في طبق وتخزين مليون تيرا بايت من البيانات في اليوم الواحد.
يقول الكاتب إن « بوسع ترامب استعمال تلك الطائرات في مراقبة المسلمين أو أعضاء حركة Black Lives Matter. عبّر ترامب عن عزمه فرض رقابة على المساجد، وستسمح له هذه التكنولوجيا بتتبع المصلين. ويمكن للطائرات المسيرة المساعدة في تتبع المهاجرين غير الشرعيين الذين سيجري ترحيلهم. كما يمكن استعمالها في مراقبة العصابات في شيكاجو.»

* عن مجلة الفورين بوليسي الاميركية

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة