تحرّكات الحكومة التركية تثير القلق لدى الخصوم والأصدقاء

أردوغان وسياسة الغضب الدبلوماسي
ترجمة: سناء علي

في تقرير أثاره الجنرال المتقاعد « سو افيان « تم نشره على صفحات الموقع بين فيه ان « تحركات الحكومة التركية تثير الكثير من القلق لدى حلفائها وخصومها على حد سواء، فالسلوك السياسي التركي يصعب التنبؤ به، وسمته التقلب في اتجاهات متطرفة جداً بين الهجوم العنيف من جهة، او الافراط في التنازل عن حقوقها من جهة أخرى، لتبدأ رحلة بناء صرح الفشل السياسي بالتزامن مع بزوغ شمس الحلول الكبرى في الشرق الاوسط.»
واضاف فيان في الحديث عن التجربة السورية لتركيا ان « تركيا التي تدخلت بنحو مباشر في الحرب السورية، تحديات كبيرة في العملية العسكرية التي تقوم بها في هذا البلد من اجل تأمين مصالحها الخاصة والحصول على موطئ قدم لتأمين حدودها. واستطاعت عملية «درع الفرات» التي يدعم فيها الجيش التركي فصائل سورية معارضة موالية لانقرة وكما نقلت بعض المصادر السيطرة على مدن حدودية عدة، وهي تسعى للعمل على انتزاع مدينة الباب من قبضة داعش برغم الخسائر الجسيمة التي تتعرض لها قواتها التي أضعفتها الاعتقالات بين صفوفها بعد محاولة الانقلاب في تموز.»
مبيناً ان « الزيارة الاخيرة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان لدول الخليج انتجت خلافاً عنيفاً مع الجارة ايران وصل الى حد اتهام الاخيرة باتباع سياسة «نشر التشيع في المنطقة» بحسب وصف اردوغان، ولم تهدأ الامور الا بعد حالة شد وجذب بين الطرفين، فيما يقول المتابعون لشؤون الشرق الاوسط ان هذه الحالة لا تفسر الا في اطار سياسة الفشل وغياب الرؤية الواضحة للوضع الراهن في المنطقة، كون طهران شريكاً اقتصادياً لأنقرة فضلا عن دورها في مساعدة الأتراك في أثناء الانقلاب الفاشل ضد اردوغان، يضاف الى كل ذلك حاجة تركيا لإيران في حل الازمة السورية التي القت بظلالها على الداخل التركي من خلال تعاظم دور الاكراد.»
واضاف فيان في تقريره بالانتقال من ايران الى اوروبا حيث فتح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومته جبهة جديدة مع الاوروبيين في كل من المانيا وهولندا، متهماً يوم الاثنين 13 مارس/آذار، السلطات الألمانية، وعلى رأسها المستشارة أنغيلا ميركل، بدعم الإرهاب على أراضي بلادها. اما في هولندا فقد تحولت حادثة منع السلطات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ووزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية التركية فاطمة بتول صيان قايا الى توتر حاد بين البلدين.»
مؤكدًا ان « دبلوماسية الغضب هذه تأتي في سياق سياسة الهرب الى الامام بعد وصول المشهد التركي الى اعلى مستويات التعقيد والاستعصاء عن الحل وسط زحمة وتراكم الازمات بين الداخل والخارج، ولذلك سوف يحقق هذا التوتر الجديد مع اوروبا عدة فوائد مرحلية وقد تكون شخصية لاردوغان وحده حيث يسهم هذا التوتر في ابعاد الانظار عن المشكلات الداخلية التي تعاني منها تركيا، فهي توفر «علكة» للشعب من اجل نسيان جوهر الازمة في البلاد وعمق الخلل الذي لا يمكن حله في القريب العاجل، فالاكراد الطامحون للانفصال تنمو قدراتهم والارهاب يضرب البلاد بنحو شبه مستمر، والتضييق على الحريات العامة والحريات الصحفية في اعلى مستوياته.»
واشار افيان ان « كسب اصوات الاسلاميين، حيث استعمل الدين كوسيلة لتدعيم حملة لدعم الاستفتاء، إذ اتهم اردوغان الدول الغربية بالعداء للإسلام، قائلا إنهم «يوقفون اللاجئين على الحدود، ويمارسون عليهم ضغوطات لا إنسانية، ودول الغرب تترك الميدان للفاشيين وأعداء الأجانب». كما اتهم الرئيس التركي الهولنديين بالاشتراك في مجزرة سريبرينيتشا (في البوسنة) ودورهم في قتل ثمانية آلاف مسلم هناك. ولفت إلى أن «الفاشية الأوروبية التي بدأت تهاجم الإسلام والمسلمين في أوروبا تعني جميع المسلمين في العالم».
منوهاً الى ان « الثأر من الاتحاد الاوروبي الذي اغلق ابوابه بنحو شبه نهائي بوجه الرغبة التركية بدخول الاتحاد، فالآثار التي ترتبت في التوتر الاخير تسهم في ضخ المزيد من الدماء للأحزاب اليمينية المتطرفة والتي تمثل تهديداً وجودياً للاتحاد، ما يعني زيادة غلة المشكلات داخل الدول الاوروبية التي لم تضمد جراح الانفصال البريطاني بعد.»
واضاف ان « هذا العنف الدبلوماسي يعكس حالة الارتباك والتخبط، ولا يمكن ان ينتج استقرارًا داخلياً يطمح اليه الشعب التركي، بل وسوف يعود بالسلب على دور تركيا الخارجي وخاصة في منطقة الشرق الاوسط التي تنتظرها استحقاقات وتقاسم لمناطق النفوذ في المرحلة المقبلة، فداعش في العراق باتت ايامها معدودة، والحسم في سوريا يقترب من نهايته، وحينما تحط الحرب اوزارها يرتفع صوت دعاة السلام، وتقل فاعلية الصراخ والغضب.»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة