مواطن غريب في وطنه

بعد الموت الجماعي الذي أصاب الضمائر المريضة، لأشباه الرجال وبائعي الوطن والدين, كان هذا في السادس من حزيران لعام 2014.
فقد جرح بسببه،وطن كامل العراق بطعن ثلاث محافظات ،فهي الزهرة المتفتحة في جانبه الغربي . وشمعة عائلته المتكونة من ثمانية عشر محافظة.
فقد خضبت بالدماء، واستبيحت فيها النساء ،ودفنت فيها البسمة، وطأطأ التأريخ فيها رأسه.
فأصبحت تلفظ انفاسها الأخيرة، منتظرة من ينقذها، وناظرة الى أخواتها نظرة الوداع. الا ان هذا يأبى على من يكون له اهل واخوان.
فانتفض الأهل في كل الربوع،جنوب ووسط وشمال. فودعوا اهليهم ، وسلوا سيوفهم ، وصالوا صولة الشجعان.
لينقذوا الحدباء في نينوى ، ويحموا المآذن في الانبار، ليقروا عين صلاح الدين، لأنها مثل الزهرة في البستان.
فلم يفرقوا في نصرتهم احداً. فحموا الجميع ، واحتضنوا الصليب حتى اعتلى في سمائها صوت الاذان. فكانت مؤلمة ومحزنة.
وفيها شاب الرضع . لأن فقد الاهل امر ليس بالهين ، بل هو أعظم مصاب . وللفاقد اعزاء يحتاج الى مؤازرة ومواساة ، ليشدوا به عضده ويجبروا في خاطره عن ما فات . فالكلمة هنا موقف.
بل هي كالسلاح في ساحات القتال . اما يقتل به الاعداء او تسترجع بها المستبيحات، فاللاسف قد مات الكثير جراء كلامهم، لأنهم استهانوا بمن استرجع الاهل الى الدار، وكم هو جميل وعظيم عندما تأتي النصرة من خارج البلاد، فمنهم من جاد بنفسه ، ومنهم من بذل المال ، ومنهم من قال قول الحق وهو من غير البلاد.
فهناك الكثير من الامثلة وميس هي خير مثال . فتاة مسيحية الدين ، اردنية الموطن ، ولكن قلبها ينبض بنسيم دجلة والفرات . زهرة متفتحة . في مقتبل عمرها ، لم تبلغ منه عقدها الثالث . لم تملك شيئاً سوى وظيفتها وموقعها على شبكات التواصل.
لم تنتم لحزب ولا الى أي أتجاه .فقط إنها انسانه . أحبت الخير وأبغضت الشر والنفاق في كل مكان.
فكانت خير محامية عن أهلها في بلاد الفخر والامجاد، وعن أخوتها في سوح القتال . فقد اوصلت صوتها الى كل العالم.
ونطقت بكل قوة وأخلاص، لتبين لهم من هو على خطأ ومن هو الصواب، فتغنت بالحشد المقدس ومن الجيش أتخذت أعذب الالحان.
فلم يمضي عليها يوم الا وكان نشيد صباحها اسم العراق …. ذابت به وذاب بها . فكانت له خير فتاة . فيا أيتها الغيورة وسليلة العذراء . يعجز الوصف أمامك، وتقف الحروف لشخصك الراقي عاجزات، فالبحر لا يقدر بشيء، لانه قمة في العطاء، ومن كان معطاء لا يليق بمقامه الا ارقى الكلام …. فهذه حروف كلماتي خجلة منك قائلة .
الى زهرة النرجس وعطر الياسمين
الى ابنة المسيح وفخر الاردنيين
الى حاملة الانسانية ومنصفة الضمير
الى محبة العراق ومحبوبة العراقين
أهدي ملاكك الراقي ازكى تحيات المسلمين
سلام عليك يا أيتها الناصرة للحشد العظيم .
علاء العتابي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة