يا أهل المسرح الرفق بالوزير الأمثل

نشر يوم 25-3-2017 , في جريدة الصباح التي تصدرها شبكة الاعلام العراقي وفي صفحة كاملة صورة للممثل اياد الطائي الذي سيمثل دور الوزير العراقي المرحوم ساسون حسقيل ، واذا كان الممثل يرتدي ملابس قريبة من زمن الوزير فان الممثل جانب الصواب في أمرين في هذا الرداء اولهما ارتداء السدارة الفيصلية على الرأس وثانيهما التدخين ( بالبايب) ذلك خطأ وغلط تاريخي كبير لان الوزير الذي جعلوه اسماً لمسرحيتهم كان من اشد الناس عداوة للسدارة ولم يترديها حتى موته وكان لا يميل الى التدخين .
كما ظهر في صورته الجديدة وان كان هذا التدخين صفة للوزير البريطاني ونستن تشرشل فالوزير العراقي اليهودي بعيد عن السدارة وبعيد عن البايب وقد استمر في ارتداء الطربوش التركي حتى وفاته لان لديه فلسفة معينة تقول ان العثمانيين وطربوشهم قد انتهوا .
اما الايطاليين وسدارتهم فقد ابتدأوا في الظهور على الصعيد الدولي كدولة استعمارية كبيرة وهو يقول في ذلك ان الضرر الاشد يدفع بالضرر الاخف فضرر ايطاليا ضرر اشد وضرر تركيا ضرر اخف.
كان المرحوم الملك فيصل الاول قد عشقها في زيارته لايطاليا لذلك جلبها الى بغداد وتولى الخياطون البغداديون خياطة آلاف منها حيث ارتداها موظفوا الدولة خاصة والمواطنون بنحو عام ويمكن ان نأخذ العبرة من الحادثة التالية ذلك انه كانت هنالك حفلة برعاية المرحوم الملك فيصل الاول وكان احد المدعوين الوزير ساسون حسقيل وحيث قد جرت العادة ان ينزع كل شخص غطاء رأسه ويسلمه الى العامل في مكان الحفل فقد تولى الوزير ساسون تسليم طربوشه الى العامل فطلب الملك اخفاء الطربوش عند مغادرة ساسون حسقيل للحفلة بعد نهايتها وفعلا بعد نهاية الحفلة توجه الوزير الى عامل اغطية الرأس فبحث عن طربوشه ولم يجده وسأل العامل فقال لا اعلم وهنا انبرى العامل فقدم له سدارة لكن ساسون حسقيل رفض السدارة وفضل ان يسير حاسر الرأس في زمن كان من يسير حاسر الرأس محل عيب وعوارة وطعن من الآخرين اذ لا يجوز للرجل ان يسير حاسر الرأس من دون غطاء وقال الوزير اتحمل ذلك ولا اقبل بالسدارة الايطالية على رأسي وهنا تدخل الملك فأوعز بإعادة الطربوش اليه .
ولم يثبت ان الوزير هذا قد اعتمد غير الطربوش او قد كان شرها على تدخين التبغ بالصورة التي اظهرها الممثل اياد الطائي في جريدة الصباح الجديد واذا كان كثير من المسلسلات العراقية قد أخطأت في الحوادث التاريخية ,الا اننا ننبه الى مثل هذا الخطأ ،لان هذا الخطأ لا يغتفر ويعد بمنزلة شتيمة للوزير في قبره ،وهذا ما لا يمكن قبوله اذ لا يجوز تشويه صور رموزنا الوطنية السابقة كالوزير ساسون حسقيل وبامكان الممثل والمخرج والسيناريست الاطلاع على الكتب ذات العلاقة واشير عليهم بكتابين كتبتهما اولهما وزراء بغداد من عام 132هـ حتى سنة 2012 وكتابي الآخر بغداديات تراثية .
فقد عددت الوزير حسقيل الوزير الامثل والافضل والاكمل بالنسبة لجميع الوزراء العراقيين ذلك ان هذا الوزير هو صاحب شرط الدفع بالذهب من الشركات النفطية والتي استفاد منها العراق بعد انخفاض قيمة العملة البريطانية التي كانت سيدة العملات الدولية في عام 1929 كما انه صاحب مقترح شراء حصة للعراق من الشركات النفطية .
وعندما اوضح الملك فيصل له بأنه لا توجد اموال للشراء قال فلنقترض من البنوك الدولية ولا نخسر شيئاً لان الحصة ستكون ضماناً فاذا خسرنا فان حصة الدولة ستعود لهذه الشركات طالما انه لا توجد اموال لشراء الحصة في موازنة الحكومة ونكون لا نخسر شيئاً واحتمال ان نربح الكثير وفعلا ربحنا الكثير من هذه الفكرة لهذا الوزير والوزير ساسون بن الحاخام حسقيل صاحب الكنيست المشهورة في بغداد ابن شلومو (سليمان) بن عزرا بن داوود المولود في بغداد والمتوفى سنة 1932 المحامي والقانوني الشهير الذي يجيد الالمانية والفرنسية والانكليزية والفارسية والتركية والعبرية والعربية مع الامام باللغة اليونانية القديمة تم استيزاره مرات عديدة .
وكان عضواً في مجلس النواب في الحالات التي لا يكون فيها وزيرًا وهو كاتب القوانين التي نقلت العراق من القوانين العثمانية الى القوانين الاوروبية و خاصة ما يتعلق بالدستور والادارة والمال والاقتصاد وكان رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي لا بل يمكن القول ان قانون اصول المحاسبات الصادر سنة 1941 والنافذ لغاية الآن والتي لا تستطيع أية دائرة الاستغناء عنه كان قد كتبه هذا الوزير قبل وفاته كما انه كان عضوًا في لجنة مراجعة الدستور الملكي لسنة 1925 .
وهو صاحب العرف الدستوري المشهور انه اذا كان هنالك حاكم جديد للعراق فعلى الوزارة تقديم استقالتها الى الحاكم الجديد وهذا ما حصل عندما تسلم الملك غازي الحكم وعندما تسلم الامير عبد الاله الحكم وعندما تسلم الملك فيصل الثاني الحكم سنة 1952 وقد التزم بهذا العرف عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء سنة 1966 فبعد تعيين عبد الرحمن عارف رئيسا للجمهورية قدم عبد الرحمن البزاز استقالته سنة 1966.
وأخيراً لنا رجاء لدى اصحاب المسارح او المسلسلات او الافلام التاريخية عرض مثل هذه القضايا على اصحاب الاختصاص وعدم الانفراد بالرأي في مجريات الحوادث وملابس اصحاب الشأن والوقائع الحاصلة اذ ان اظهار الوزير بانه يدخن بنحو شره وانه يعتمر السدارة الفيصلية الايطالية لمن الاخطاء القاتلة في هذه المسرحية .
طارق حرب

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة