طارق حرب
يعد ابي بكر احمد بن علي بن ثابت بن احمد بن مهدي المعروف بالخطيب البغدادي صاحب ترديد قوله سبحانه ( بلدة طيبة ورب غفور) كلما يذكر بغداد المولود عام 392 هـ ذلك ان هنالك كتاباً كثيرين كتبوا في تاريخ بغداد كالواقدي وابن الجوزي وابن النجار وابن الفوطي وغيرهم لكن ما كتبه الخطيب البغدادي يفوق ما كتبه جميع هؤلاء المؤرخين وغيرهم من كتب في تاريخ بغداد سواء بالنسبة لدقة المعلومات الواردة في تاريخه او لحسن ترتيبها والرجوع الى ما الفه الخطيب البغدادي عن بغداد في القرون الثلاثة الاولى من عمر بغداد والمبتدئة عام 150 هـ الى تاريخ وفاته يغني القارئ والمؤرخ عن الرجوع الى أي مصدر تاريخي آخر.
لقب الخطيب الذي اشتهر به ابو بكر يعود الى ان مهنة ابيه كانت الخطابة وتابع ابو بكر ابيه في مهنته ,لا سيما وان الخطيب كتب العديد من المؤلفات والمصنفات في فروع الثقافة واقسام المعرفة وفي شتى المجالات كالحديث والتاريخ والرجال والفقه والاصول والادب ومن مؤلفاته الاخرى كتاب السنن والرباعيات والمعللات والكفاية في علم الرواية والاجازة للمعلوم والمجهول واقتضاء العلم العمل وشرف اصحاب الحديث والرحلة في طلب الحديث ونصائح اهل الحديث وتقعيد العلم والفقيه والمتفقه والبخلاء والتطفل وحكايات الطفيليين واخبارهم ونوادرهم وغير ذلك من المصنفات التي تنبسط على جميع العلوم والفنون ,لكن افضل كتبه واكثرها علمية وادقها معلومات هو كتاب تاريخ مدينة السلام أي تاريخ مدينة بغداد الذي كتبه في اجزاء عديدة والذي كان من اوائل الكتب التي عرفتها المطبعة وعرفها المؤرخ العربي عن بغداد مدينة السلام ودار السلام وكان الخطيب يعمد الى البحث عن العلم في مضانه ومكانه لذلك عمد الى الرحلات للاستزادة من العلم حيث كانت اول رحلاته الى البصرة التي اخذ فيها عن مجموعة من شيوخها . وبعد ذلك سافر الى نيسابور والى اصبهان وبالرغم من ان رحلاته كانت لمدة قصيرة الا انه تمكن من ان يسمع عشرات الكتب ممن رحل للسماع عنها او قراءتها حتى انه عندما ذهب حاجًا الى بيت الله فان رحلة الحج مكنته من السماع الى مشايخ وعلماء بلاد الشام والحرمين الشرفين وكان الخطيب واحداً من حفاظ عصره بشهادة فقيه عصره ابو اسحاق الشيرازي الذي شهد له بالمعرفة والحفظ وقال ان الخطيب يشبه الفقيه الدارقطني لمعرفة الحديث وحفظه وقال ابو نصر الساجي البغدادي فيه انه ما اخرجت بغداد بعد الدارقطني احفظ من الخطيب حتى قالوا في حفظه انه امام هذه الصنعة وانتهت اليه الرياسة في الحفظ والاتقان .
وقد كان محل مدح وثناء وموضع حمد واطراء من كثير من علماء لما تمتع به من مقدرة علمية عالية قل نظيرها حيث قال فيه الفقيه ابن ماكولا انه آخر الاعيان معرفة واتقاناً وحفظاً وضبطاً للحديث النبوي في علله واسانيده وخبره برواته وناقديه عالماً بصحيحه وغريبه ومفرده ومنكره .وكان يوصف بحافظ وقته ولا احفظ من الخطيب البغدادي كما كان يوصف وكان مهيباً وقوراً نبيلا خطيراً ثقة صدوقاً متحرياً الحجة في ما يصنفه ويقوله وينقله ويجمعه قارئا للحديث فصيحاً حتى وصفوه بانه من انتهى اليه علم الحديث .وكان صاحب دين قوي وخوف من الله لا يفكر بشيء من حطام الدنيا ومن شيوخه ابو الحسن علي الطرازي او المطرز والذي كان وكيلا للخصومة امام القضاء اي محاميا بلغة اليوم وابو سعيد الصيرفي ومحمد بن عبد الله بن شهريار وغيرهم وقد حدث الخطيب مدة طويلة ببغداد ودمشق وصور وغيرها من المدن والحواضر الاسلامية وحضر احاديثه المئات من طلبة العلم وتتلمذ على يديه الكثير منهم ابو منصور ناصر بن عمر البغدادي وابو نصر علي بن هبة الله المعروف بابن ماكولا وابو الفضل احمد بن خيرون البغدادي المعروف بالباقلاني وابو محمد جعفر السراج البغدادي وابو زكريا يحيى بن علي الشيباني المعروف بالخطيب التبريزي وغيرهم كثير .
مؤرخ بغداد الخطيب البغدادي و«بلدة طيبة ورب غفور»
التعليقات مغلقة