تعليم الناجين في نيجيريا

كيفن واتكينز
الرئيس التنفيذي لشركة سيف ذي تشيلدرن أوك
بينتو مصطفى البالغة من العمر سنتين هي مثال للكارثة الإنسانية الخفية التي تنكشف الآن في شمال شرق نيجيريا. جسدها ضعيف ومعدتها منتفخة من الجوع. وتتوقف حياة بينتو على التنقيط الغذائي المغروس في يدها. لا تستطيع التحرك من شدة ضعفها، فهي واحدة من 30 طفلا يعالجون في عيادة خاصة بإنقاذ الأطفال بالتغذية الطارئة في مايدوجوري عاصمة ولاية بورنو – والمنطقة الأكثر تضرراً من حملة الحكومة النيجيرية لوضع حد لتمرد بوكو حرام.
ومع اجتماع الدول المانحة في مدينة أوسلو في مؤتمر يهدف إلى حشد الدعم لشمال شرق نيجيريا، ارتفعت الحصص بنحو غير كاف. بالنسبة لعشرات الآلاف من الأطفال مثل بينتو، هذه – حرفياً – لحظة حياة أو موت. يمكن أن يجلب النجاح في أوسلو الأمل واحتمال انتعاش الملايين من الناس المعرضين للخطر. أما الفشل فستنتج عنه خسائر في الأرواح.
ولا يقدر حجم الأزمة على صعيد المجتمع الدولي لحد الآن. حالة الطوارئ الإنسانية في شمال شرق نيجيريا هي الحالة الأكثر خطورة منذ مجاعة بيافرا في عام 1960. بعد سيطرة الجيش النيجيري على المناطق التي كانت تسيطر عليها جماعة بوكو حرام، نزح أكثر من مليوني شخص. وبدأت تظهر جيوب كبيرة من الحرمان المخفي كالأراضي العسكرية المستولى عليها.
أكثر من 14 مليون شخص بهم حاجة ماسة للمساعدة في ولايات بورنو، أداماوا، ويوبي وحدها. وبالنظر إلى سبل العيش المنهارة وفرار المزارعين من أراضيهم وتراجع الاقتصاد، فإن هذا العدد آخذ في الارتفاع بنحو حاد. وأدى ارتفاع معدلات الفقر السابقة – بالفعل ما يزيد على 50٪ في الشمال الشرقي – إلى زيادة حدة آثار النزاع والنزوح.
كالعادة، الأطفال هم من يتحملون العبء الأكبر. ويُعد أولئك الأطفال مثل بينتو مصطفى من المحظوظين. فقد حملتها والدتها منذ أسبوعين إلى عيادة التغذية في مايدوجوري من منطقة تحررت مؤخرًا من بوكو حرام.
وقد لقي آخرون كثر حتفهم. كما ازدادت معدلات الوفيات بسبب الجوع، والإسهال، والالتهاب الرئوي ارتفعا. ويواجه ما يقرب من نصف مليون طفل احتمال سوء التغذية الحاد، 300.000 منهم في بورنو وحدها. وبدأت تظهر أعراض المجاعة في بعض المناطق. في حالة عدم وجود استجابة فعالة، نحو 200 تلميذ، في المتوسط، يمكن أن يموتوا كل يوم في هذا العام.
وليست مؤشرات التغذية وحدها التي تعاني من نقص حاد. ويواجه الأطفال الذين ولدوا في شمال شرق نيجيريا، وخاصة الفتيات، أقل فرص التعليم في العالم. فقط أقل من نصف أطفال بورنو استطاعوا الوصول للمدارس الابتدائية، إذ تستغرق الفتيات الريفيات ما يعادل أقل من سنتين دراسيتين في المدرسة.
وقد أُجبر نصف مليون طالب وطالبة إلى التخلي عن درامزيج بسبب الصراع وتدمير البنية التحتية للتعليم (تم تدمير نحو 1200 مدرسة)، وبسبب هجمات بوكو حرام على تلاميذ المدارس – أدت الهجمة الأكثر خزياً إلى اختطاف 276 فتاة من شيبوك عام 2014.
هذا أمر مهم لمستقبل نيجيريا، حيث يوجد عشرة ملايين طفل خارج المدرسة، أكثر من أي بلد آخر في العالم – ويعيش60٪ منهم في شمال شرق البلاد. إن الفشل في تزويد هؤلاء الأطفال بفرص التعليم سيحصرهم في حلقة مفرغة من الفقر، وتقويض النمو، وضعف سبل العيش، وخلق أرضية خصبة للتجنيد من قبل المنظمات المسلحة.
وبرغم كل هذا، كانت الاستجابة للأزمة في شمال شرق نيجيريا غير كافية للغاية. في العام الماضي، فشلت الدول المانحة ووكالات الأمم المتحدة بنحو مذهل في العمل لسد هذه الحاجة الملحة. وقد تم تمويل أقل من نصف النداء الإنساني للأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، فشلت الحكومة النيجيرية في مكافحتها للانكماش الاقتصادي وفي تعبئة الموارد الكافية – وكانت الحكومة بطيئة في طلب الدعم الدولي.
ويُعد مؤتمر أوسلو فرصة سانحة لتحقيق بداية جديدة. وقد برزت ثلاث أولويات عاجلة.
أولا، على الجهات الممولة أن تمنح الآن مليار دولار لمساعدة نحو سبعة ملايين من المحتاجين. وتتطلب الاستجابة الإنسانية الفعالة تمويلا ضخماً لتعزيز الاستثمارات المطلوبة في مجال التغذية وسبل العيش والأمن الغذائي. بوصفها واحدة من الداعين للمؤتمر، ينبغي على ألمانيا العمل مع الجهات الممولة الرئيسة الأخرى – لاسيما المملكة المتحدة والولايات المتحدة – لتعزيز وتعميق الدعم الإنساني.
ثانياً، بجب على الحكومة النيجيرية أن تكثف جهودها. وهناك علامات مشجعة. فقد وضعت حكومة الرئيس محمدو بوهاري أحد وزرائها الأكثر قدرة، زينب أحمد، على رأس فريق الاستجابة الإنسانية. وعلى الرغم من الركود الاقتصادي، تعهدت السلطات أيضًا بتخصيص نحو مليار دولار من الدعم الإنساني للشمال. ومن الأهمية أن تأخذ هذا الالتزام على محمل الجد – وتنفذ البرامج المطلوبة لإنهاء التهميش المستمر في المنطقة.
ثالثا، يجب وضع حد لإهمال التعليم. قام حاكم بورنو، كاشيم شيتيما، وهو عالم إسلامي والمستفيد الذاتي المعلن من ما وصفه «بالتعليم الغربي»، قام بإعادة بناء هذا القطاع الذي يحظى بأكبر أولوية في ميزانية الدولة هذا العام. وبذلك، قام البنك الدولي بمنح 100 مليون دولار لدعم انتعاش التعليم في شمال شرق نيجيريا. ومع ذلك، قامت وكالات الأمم المتحدة والجهات الممولة بإقصاء التعليم من لائحة المطالب الإنسانية .
اٍنه من الصعب التفكير في نهج أكثر محدودية. ونظراً إلى أن إنكار وتدمير الفرص الاقتصادية كانت في قلب التمرد، ليس هناك وسيلة أفضل لتحقيق السلام من الاستثمار في مجال التعليم. ولهذا طالب مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالتعليم، غوردون براون، بإنشاء مرفق عالمي جديد لدعم التعليم في البلدان المتأثرة بالنزاعات.
ضمان بقاء الأطفال مثل بينتو مصطفى على قيد الحياة هي الأولوية الأكثر إلحاحاً. إن منحهم فرصة للازدهار من خلال التعليم هو الأساس السليم الوحيد لتحقيق سلام دائم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة