مصير الكتب ..

لا احد ينكر غبطة الكتّاب بإصدار كتبهم خاصة ساعة استلام النسخ الأولى لتتوالى الاخبار و القراءات المحايثة لهذا الكتاب او ذاك ، بالطبع يتوقف حجم الاهتمام على قيمة الكتاب نفسه و للأسف اقولها : يحدث اليوم ان تصدر عشرات الكتب دونما أي اهتمام او تعليق و المشكلة معقدة لا ندري هل هذه الكتب بلا قيمة فعلا ام ثمة كسل في فعاليتنا القرائية ؟ في اكثر من مرة دعيت الى مؤسسة نقدية تتابع ما يصدر بشكل منظم، ربما هو حلم! اذ يروق للبعض ان تبقى فعالية القراءة حرة ولا احد ملزم بقراءة ما لا يغري بالقراءة لكن المشكلة حتى كلمة ( مغري ) تحتاج الى فحص بمعنى ان هناك منشطات اجتماعية قد تدخل على خط الإغراء هذا فتجعل من المعتم لامعا حتى لو الى حين ! وفي مثل هذا الحال تنشط فعالية خلط الاوراق ايضا و الاساءة للمعيار الفني من خلال دوافع غير فنية بالمرة .. و للحقيقة نقول : يحصل مثل هذا الترويج المجاني للكتاب المؤدلجين الذين تدعمهم مؤسساتهم السياسية كما يحصل بالقدر نفسه لبعض الكاتبات وبدوافع لا تقل خطورة عن التزوير الثقافي الذي تمارسه مؤسسات السياسة .. هل على النقد أن يعاني كل هذا الاشتباك كي يعيد لملمة نثار الصورة المهشمة ؟ واذا اراد كيف يتسنى للنقاد الافراد ان يقدموا خدمة لأطنان الكتب المهملة ؟ في العراق وخاصة بعد انهيار المنظومة الشمولية التي كانت تضع تحديدات معروفة على اصدار الكتاب نشهد اليوم تدفقا غير مسبوق على صعيد الانتاج و الطباعة ، البعض يعتبره دليل عافية مهما كان مضمون و قيمة هذا الكم المتدفق بينما يرى بعضنا أن النوع ضحية هذا الكم و أن الاعلام الثقافي غير قادر على ان يقول كلمته الواضحة ازاء ما يصدر لأسباب ذكرنا بعضها ، ترى ما السبيل الى إنصاف شذرات جمر الابداع المخبوءة خلف رماد المشهد ؟ في الغالب يتعامل الكتاب المبدعون بزهدية مع هكذا تساؤلات و احيانا بتعال لابد منه حيث تتردد مقولات من قبيل : الزمن أفضل النقاد او البقاء للأصلح الامر الذي يعزز منهجا قدريا لا مناص منه ازاء يأسنا من ارادة الفحص و التقييم بقصد وضع الشيء في موضعه المشغول من قبل غيره دون وجه حق ! ترى هل يطلق الكاتب عصارة جهده منتظرا عدالة الصدفة ام ينبغي ان نمارس جهدا ما لصالح معيار التمييز و الابداع ؟ لا اظن ان هذه الاسئلة وحدها كافية بل اجد الحاجة الى جهد مؤسسي يتدخل لإنقاذ اطنان الكتب من عطب النسيان السريع ولكي نعيد لفعالية القراءة وجهها اللائق سواء القراءة العامة للجمهور او القراءة النقدية الفاحصة التي ربما تتدخل في حث قراءة الجمهور باتجاه ما.
جمال جاسم أمين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة