الإشاعة الثقافية

الاشاعة، مرض خطير يصيب المجتمع، عن طريق فايروسات بشرية، تنشط في مواسم الحروب والاضطرابات الداخلية، يساعدها في ذلك، سذاجة المتلقي، وعدم ادراكه للحقائق. ما نشاهده ونسمعه يوميا من اخبار كاذبة، واشاعات تروج لها مواقع الكترونية وصفحات وهمية، يجعل من الحصول على الخبر الصحيح، امرا غاية في الصعوبة. وللأسف الوسط الثقافي، ناله نصيب من هذا المرض، فالإشاعة دخلت الوسط الثقافي الذي يفترض انه محصن من الاشاعات والخرافات كون المثقف يملك وعيا وقدرة على تمييز الخبر الصحيح من الكاذب. ما اشيع مؤخرا من منع عرض وتداول كتاب السيد حسين فضل الله في معرض الكتاب الدولي المقام حاليا في النجف، وتبني عدد كبير من المثقفين لهذا الخبر، ونشره على صفحاتهم الشخصية، دون التأكد من مصدر الخبر او صحته. ولم تنفع بوسات بعض اصحاب دور النشر، والصور المرفقة لكتب فضل الله، المعروضة مع الكتب، للحيلولة دون نشر المزيد من الاخبار والانتقادات للجهة المنظمة للمعرض، وبالغ كثيرون بالسب والشتم، لدرجة ان برلمانيا، تدخل هو الآخر ليتولى الهجوم على الجهة المنظمة للمعرض. هذه الحادثة، مثال بسيط على تفشي الاشاعة الثقافية، داخل الوسط الثقافي، دون ان تجد من يوقفها عند حدها. هذه الاشاعة قد تساهم بخلق تيار معادي للأنشطة الثقافية داخل البلد، وهي اعطت ذريعة وفرصة لوسائل الاعلام التي تتربص بالشأن العراقي، لتبث اخبارا غير صحيحة، وعلى لسان مثقفين عراقيين. يبدو ان الاشاعة الثقافية، لها غايات شخصية، يحاول مطلقها ان يلفت الانظار اليه، ليكون محورا لأحاديث وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، او ربما يكون مدفوعا من قبل جهات معينة، الهدف منها الاساءة الى الثقافة العراقية. لحد اليوم، لم يصدر بيان من الجهة المنظمة يكذب الخبر. للتصدي للإشاعة الثقافية، ينبغي وجود مؤسسات، تعنى بتقصي الاشاعة، وتكذيبها، مؤسسات تعيد ثقة المتلقي، وتحرره من فوضى الاشاعات والاخبار الكاذبة. الامر الآخر يقع على عاتق المثقفين انفسهم، اذ لا يعقل ان مثقفا يدعي امتلاك الوعي والمعرفة والقدرة على تمييز الصواب من الخطأ، يساهم بتفشي ظاهرة خطيرة، تهدد مصداقيته خصوصا اذا كان ذا جمهور عريض. وربما نتذكر الاشاعة الثقافية التي اطلقها البعض والتي مفادها، نية شعراء عراقيين، حرق كتب سعدي يوسف. هذه الاشاعة التي اساءت كثيرا الى الثقافة العراقية، تسبب بها شخص معروف، لغرض ايصال اسمه الى الوسط الثقافي، وجعل الحرق فعلا جماعيا، في حين كان مجرد فكرة في داخله، لوحده لم يؤيده احد فيه اطلاقا. وكالعادة، تناولت وسائل الاعلام عربية خبرا مفاده: ان مثقفين عراقيين ينوون حرق كتب سعدي يوسف! معرض بغداد الدولي على الابواب ونرجو الا نسمع اشاعة جديدة.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة