البغدادية التي بنت جسراً يربط الكرخ بالرصافة

امتازت السيدة بنفشة عن الكثير من النساء ,كونها قدمت ما لم تقدمه امرأة آخرى أذ انشأت جسراً جديداً في بغداد يصل بين شارع المستنصرية الحالي والذي كان يسمى باب الغربة في رصافة بغداد وبين باب الرقة في الجهة الثانية من النهر وهذه محلة الشواكة ,كان هذا الجسر فرحة للانام ومتنزهاً للخاص والعام كما يذكر أهل التاريخ.
والسيدة بنفشة هي الزوجة الثانية للخليفة العباسي المستضيء بامر الله الذي تولى الخلافة في بغداد عام 566هـ ,وهو ابن الخليفة المستنجد بالله ووالد الخليفة الناصر لدين الله ذلك ان هذا الخليفة تزوج اولًا من الخاتون الاولى في بغداد وهي زمرد خاتون صاحبة الخيرات المشهورة والقبر المشهور العالي في مقبرة باب حرب أي مقبرة الكرخ والتي دفن في تربة هذا القبر عائشة زوجة السلطان حسن باشا حاكم بغداد عام 1704 هـ ,لذلك يغني اطفال بغداد لهذا القبر أي قبر زمرد خاتون اغنية (طلعت الشميسة على قبر عيشة) ,وعيشة هي عائشة زوجة السلطان حسن باشا والقبر يعود لزمرد خاتون .
وكان الاعتقاد ان هذا القبر يعود الى زبيدة زوجة هارون الرشيد وهذا الخليفة المستضيء بالله الذي تزوج السيدة بنفشة ,اضافة الى زوجته السابقة زمرد خاتون كان كريمًا حليمًا محباً للعفو وفي زمانه رجعت سلطة بغداد على مصر وكانت الخطب في الجوامع في مصر واليمن والشام تذكر اسم الخليفة هذا ويكون ذلك في بغداد واراضي الدولة العباسية الاخرى و بنفشة الزوجة الثانية بنت عبدالله اصلها رومية كانت محظية للخليفة المستضيء ,وكانت من خواصه فتزوجها الخليفة لكنها لم تلد له ولداً وأنصرفت الى أعمال الخير فكانت بالمكانة الرفيعة في الامر والنهي وفائقة في المعروف ومتفقدة للفقراء ,وانشأت جسراً جديداً في بغداد يصل بين شارع المستنصر الحالي والذي كان يسمى باب الغربة في رصافة بغداد وبين باب الرقة في الجهة الثانية من النهر وهذه محلة الشواكة الحالية في كرخ بغداد وقد امتازت عن كثير من النساء وقدمت ما لم تقدمه امرأة بغدادية على مثل هذا الفعل حيث كان هذا الجسر فرحة للانام ومتنزها للخاص والعام كما يذكر اهل التاريخ ,كذلك بنت قنطرة على احد الانهر الصغيرة في بغداد وكانت لها دار حولتها الى مدرسة قرب باب الازج (باب الشيخ) وسلمتها الى ناظر المدرسة وكتبت هذه المدرسة وقفًا خيرياً بحضور قاضي القضاة وفقهاء بغداد ووقف الآلاف من اهل بغداد في هذه المناسبة ,كما يكون العيد حيث كانت هذه المدرسة اكبر مدارس بغداد في ذلك الزمان وفوضت التدريس فيها الى ابي الفرج ابن الجوزي وانشأت كذلك رباطاً للنساء الصوفيات حيث يقدم السكن والطعام والدنانير وجعلت المشيخة في الرباط الى اخت الشيخ الصوفي ابي بكر الزوزني وعمرت السيدة بنفشة كثيرًا من المشاهد وكانت لها مبرات واوقاف للخيرات واحسان كثير الى العباد والعلماء والزهاد كيث كانت تتفقد ذوي الحاجات لا بل ذهبت الى ابعد من ذلك عندما اعطت كل ما تملكه من ذهب وفضة وجواهر وثياب الى جواريها ومماليكها وتم نقل ما في خزائنها من العقاقير والاشربة والمعاجين الى المستشفى العضدي في كرخ بغداد حيث كان يساوي آلاف الدنانير .
واراد بعض رجال الدولة جعل الخلافة للابن الاصغر للخليفة لكنها رفضت ذلك وقالت ان الابن الاكبر هو الذي سيصبح الخليفة وهذا الخليفة والناصر لدين الله وهو ابن ضرتها الزوجة الاولى للخليفة زمرد خاتون لذلك كافأها الخليفة عندما تقلد الحكم حيث انزل السيدة بنفشة بالرغم من انها ضرة لامه وزوجة لابيه الثانية في دار كبيرة واعانته على خلافته وتذكر كتب التاريخ انها بنت مسجداً كبيراً قرب سوق الغزل الحالي وكانت زكاتها في شهر رمضان بالذهب وليس بالتمر وتولت عتق خلقاً كثيراً من الجواري والمماليك والعجيب انها توفت قبل الزوجة الاولى زمرد خاتون لذلك تولت زمرد خاتون دفنها في مقبرتها المشهورة بالكرخ والتي ذكرناها سابقاً. وهكذا كانت السيدة بنفشة قد تم دفنها في قبر السيدة زمرد خاتون قبل دفن صاحبة القبر السيدة زمرد خاتون .
طارق حرب

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة