يحكى ان رجلا اشترى لحماً من احد القصابين وطلب اليه ان يعلمه كيفية طبخ اللحم .. فكتب القصاب طريقة الطبخ والمقادير المطلوبة في ورقة صغيرة واعطاها للرجل فوضعها في جيبه منصرفاً إلى بيته .. وفي طريق عودته وجد نهراً جارياً فراق له المنظر فوضع اللحم جانباً ونزل وسط النهر مستمتعاً ببرودة الماء وجمال المنظر .. وفيما هو كذلك واذا بغراب يهبط على كيس اللحم ويحمله برجليه ومنقاره ويطير به بعيداً !! .. لم يتأثر الرجل بما حدث وكأن الامر لايعنيه ، انما خاطب الغراب ببرود : كم انت غبي ايها الغراب فانك لن تستطيع ان تصنع شيئاً بهذا اللحم لأن ورقة المقادير في جيبي !!
تذكرت هذه القصة المحكية وانا اتمعن بذلك اللاصق الصغير القابع في اعلى زجاج السيارة كنت حصلت عليه من منظمومة صقر بغداد مقابل 15 الف دينار اضافة إلى 5 الاف دينار ثمن الاستمارة والاستنساخ واخرى مثلها هدية اجبارية للشخص الذي قطع لي الوصل بدعوى (خردة ماكو) !! .. فقلت في نفسي ان قصتي ومعي الكثيرون تشبه تماماً قصة الرجل والغراب ، فنحن لم نحصل على شيء سوى هذه الورقة الصغيرة ، فيما حصل اصحاب مشروع (صقر بغداد) على نحو 20 مليار دينار عراقي اي مايعادل 18 مليون دولار ، وقد اختفى اثر هذه المبالغ تماما ولا يعلم احد عنها شيئاً ، بحسب تصريحات لعضو اللجنة الامنية في مجلس المحافظة سعد المطلبي معززاً حكاية الصقر الذي اخذ الفلوس وطار في الاقطار ، اذ يؤكد المطلبي ان جميع الاموال التي استوفيت من المواطنين اصحاب المركبات ، قد اختفت تماماً ، ويكشف المطلبي ان مجلس المحافظة اوقف عمل الشركة التي مارست دور (الغراب) ، كما قرر تجميد السيطرات التي تعمل بمنظومة (غراب) بغداد وازالة اللافتات التي تحمل اسم الشركة ، ومطالبتها بتقديم حسابات بتلك المبالغ إلى المحافظة بهدف اعادتها إلى المواطنين على وفق آلية تحدد لاحقاً.. ولست ادري كيف سيتم تحديد هذه الالية في ظل اختفاء الصقر والفلوس !!! فقد (ذهب الحمار بام عمرو … فلا رجعت ولا رجع الحمار) !!
المحزن في الامر ان قصتنا مع (صقر بغداد) تختلف عن حكاية الرجل والغراب ، اذ اجبرونا على دفع تلك المليارات الحلوة للصقر من دون ان يكون لنا أي خيار ، فصقرنا يتميز بمخالب قوية مكنته من (خمط) الـ(15) الف دينار بكل براعة ورشاقة ،من خلال السيطرات التي انتشرت ا في كل مكان ، وما كان لاحد ان ينفذ منها الا بعد دفع المبلغ المطلوب الامر الذي تسبب بحدوث زحامات شديدة واستياء من قبل المواطنين بسبب الاسلوب القسري في جباية المبلغ الذي كان مخالفاً للقوانين التي تنص على أن أي رسوم او مبالغ لاتجبى الا بقانون .. ولانها مخالفة للقوانين فانا اعتقد انه لن يكون بمقدور محافظة بغداد اعادة العشرين مليار لاصحابها لعدم وجود اي اثر يمكن اقتفاؤه للوصول إلى مكان استثمارها !! .. لذا ليس علينا نحن الذين اخذ الصقر (فلوسنا) الا ان نقول : عليه بالتلف وعلينا بالخلف وعزاؤنا ان لدينا وصلا صغيراً بالمبلغ الذي دفعناه مرغمين وطار صقرنا بعيدًا!
عبدالزهرة محمد الهنداوي
أنا والصقر والغراب!
التعليقات مغلقة